مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

مقترح «ترامب» بشأن غزة يُثير الجدل والإعلام الأمريكي يُحذّر من خطورته

نشر
ترامب ونتنياهو يُخططان
ترامب ونتنياهو يُخططان لاحتلال غزة وتهجير الفلسطينيين

أثار مقترح الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، بشأن غزة موجة واسعة من الجدل، وسط تحذيرات من «الإعلام الأمريكي» الذي وصفه بالخطير والمُثير للقلق. وجاءت الانتقادات بسبب ما اعتُبر توجهًا ينطوي على تهديدات غير مسبوقة، تعكس رؤى مُتطرفة في التعامل مع «القضية الفلسطينية». ورأى محللون أن هذا الطرح قد يندرج ضمن استراتيجيات معروفة مثل «نظرية الرجل المجنون» أو «صرف الانتباه»، في محاولة لتحقيق مكاسب سياسية داخلية أو إعادة تشكيل المشهد الإقليمي بما يخدم أجندات مُعينة.

خطورة مقترح ترامب بشأن السيطرة على غزة

وفي هذا الصدد، حذرت وسائل الإعلام الأمريكية من خطورة مقترح «دونالد ترامب»، بشأن السيطرة على غزة، الذي يتضمن إعادة توطين الفلسطينيين في مناطق أخرى، و«استحواذ» الولايات المتحدة على القطاع وتحويله إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، وفقًا لزعمه. وقد أثار هذا المقترح ردود فعل قوية، حيث اعتبرته العديد من الأوساط الإعلامية بمثابة تهديد للأمن والاستقرار الإقليمي، مُحذرين من تداعياته المُحتملة على المنطقة.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أن ترامب أثار صدمة عالمية، عندما قال إن الولايات المتحدة يجب أن تتولى السيطرة على غزة على المدى الطويل، مقترحًا نقل الفلسطينيين إلى مكان آخر بينما يتم إعادة بناء القطاع ليصبح «ريفييرا الشرق الأوسط».

وحذّرت الصحيفة أن السيطرة على غزة من شأنه أن تضع الولايات المتحدة في قلب الصراعات الدبلوماسية والأمنية الوطنية الأكثر تعقيدًا في العالم، ما يُثير احتمال أن ترامب يوقع البلاد في نفس النوع من التورط الأجنبي الذي أخبر الناخبين أنه سيتجنبه.

وقالت الصحيفة إن اقتراح ترامب بشأن غزة يُظهر أيضًا، أن الرئيس الأمريكي يعتمد على تاريخه الطويل كرجل أعمال ومطور عقاري، وينظر إلى العالم باعتباره لوحة لتوسيع نفوذ أمريكا وتعزيز إرثه.

ونقلت الصحيفة عن دان شابيرو، السفير الأمريكي لدى إسرائيل خلال إدارة أوباما: «إنه ليس اقتراحًا جادًا. وإذا تم تنفيذه، فسوف يستلزم تكلفة هائلة بالدولار والقوات الأمريكية، دون دعم من الشركاء الإقليميين الرئيسيين».

ما وراء توقيت طرح هذا المقترح ؟

وفي تحليل مُوسع نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، قدّم خبراء ومحللون سياسيون أربعة تفسيرات مُحتملة لهذا المقترح المفاجئ، في محاولة لفهم الدوافع الحقيقية وراء هذا التصريح المُثير للجدل، إذ يرون أن توقيت طرح هذا المقترح ربما يحمل مناورة استراتيجية ذكية لصرف الانتباه عن تحديات داخلية مُلحَّة تُواجه إدارته.

ونقلت الصحيفة عن ستيفن بانون، المستشار السابق للبيت الأبيض، تأكيده نجاح استراتيجية «إغراق المنطقة» بالتصريحات المثيرة للجدل، قائلًا: «إنها تعمل بشكل فعّال، من المذهل بالنسبة لي ما يفعلونه، ولا يتم تغطيته لأنه أكثر من اللازم، إنهم يغمرون النظام».

وفي هذا السياق، أشار السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، من ولاية كونيتيكت، إلى أن وسائل الإعلام ستُركّز على هذا التصريح لأيام، ما يصرف الانتباه عن القضايا الجوهرية الأخرى.

وكتب «مورفي» على منصة «إكس»: «لديّ خبر لكم، لن نستولي على غزة، لكن وسائل الإعلام والطبقة المثقفة ستركز عليه لبضعة أيام، وسينجح ترامب في صرف انتباه الجميع عن القصة الحقيقية، استيلاء أصحاب المليارات على الحكومة لسرقة الناس العاديين».

وعلى جانب آخر، يرى فريق من المحللين أن المقترح قد يكون مناورة تفاوضية تهدف إلى الضغط على الأطراف الإقليمية.

وأيضًا، أشارت «واشنطن بوست» إلى أن هذا التهديد بالتدخل الأمريكي المباشر قد يكون وسيلة لدفع الأطراف المعنية نحو حل أكثر استدامة.

ويدعم هذا التفسير ردَّ فعل نتنياهو المتحفظ خلال المؤتمر الصحفي، إذ امتنع عن تأييد الخطة صراحة، مُكتفيًا بالإشادة بـ«استعداد ترامب لكسر التفكير التقليدي».

وقال نتنياهو: «لديه فكرة مختلفة، وأعتقد أنها تستحق الاهتمام.. نحن نتحدث عنها.. إنه يستكشفها مع شعبه وفريقه».

نظرية «الرجل المجنون»

يستحضر المحللون في واشنطن بوست نظرية «الرجل المجنون» التي استخدمها الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون في تعاملاته مع الاتحاد السوفييتي، والتي تقوم على فكرة جعل الدول الأخرى تعتقد أنك غير متوقع وقادر على فعل أي شيء، لإبقائها تحت السيطرة.

وفي مقابلة مع «وول ستريت جورنال»، في أكتوبر الماضي، عبّر ترامب عن هذا النهج بوضوح عندما سُئل عن استخدام القوة العسكرية لحماية تايوان من الصين، وقال عن الرئيس الصيني شي جين بينج: «لن أحتاج إلى ذلك، لأنه يحترمني ويعرف أنني مجنون».

ونقل تحليل «واشنطن بوست» عن مستشار مقرب من ترامب قوله إنه «يُوسّع حدود المجازفة»، مُضيفًا أنه «في هذه المرة، لا يخشى العناوين الرئيسية أو المعلقين: سيطرح ما يشاء متى شاء».

وتربط الصحيفة هذا النهج بتصاعد النزعة الإمبريالية في خطاب ترامب، مُستشهدة بتصريحاته السابقة حول الاستيلاء على جرينلاند وقناة بنما، وحتى تحويل كندا إلى الولاية الأمريكية الـ51.

ولفتت «واشنطن بوست» إلى تصريحات سابقة لجاريد كوشنر، صهر ترامب، في مارس الماضي، قال فيها «إن العقارات المطلة على البحر في غزة قد تكون قيّمة للغاية»، مُقترحًا «نقل السكان إلى الخارج ثم تنظيفها».

وأضافت الصحيفة، أن لا أحد يتحدث عن إمكانات «العقارات المطلة على البحر» مثل ترامب، الذي ردد تعليقات كوشنر بقوله إن «غزة يُمكن أن تكون ريفيرا الشرق الأوسط».

تداعيات إقليمية وتحذيرات دولية

وحذّر خبراء ومحللون من أن مجرد طرح فكرة التهجير الجماعي للفلسطينيين من غزة، قد يُؤدي إلى تأجيج التوترات في المنطقة التي شهدت مُؤخرًا اتفاق سلام ووقف إطلاق نار.

وبالفعل أصدرت دول عربية عديدة بيانات تندد بهذا المقترح، مُعتبرة إياه تهديدًا للاستقرار الإقليمي وانتهاكًا للقانون الدولي.

واختتمت الصحيفة تحليلها بالإشارة إلى أن تنفيذ مثل هذا المقترح سيتطلب على الأرجح تعبئة هائلة للقوات الأمريكية، على الرغم من هجمات ترامب المستمرة على مفهوم بناء الأمم الأجنبية طوال سنوات.

ومع غياب «الضوابط المؤسسية» التي كانت موجودة في ولايته الأولى، حيث غاب عقول السياسة الخارجية المؤسسية الذين كانوا سينصحونه ضد مثل هذه الخطوات، يُصبح من الصعب التنبؤ بمدى جدية هذا المقترح.

ولفت المحللون إلى أن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، الذين كانوا يُقاومون نزعات ترامب في السياسة الخارجية خلال فترة 2017-2021، أظهروا استعدادًا أقل بكثير لمعارضته في ولايته الثانية.

وخلصت «واشنطن بوست» إلى أن تجاهل مثل هذه التصريحات قد يكون خطيرًا، خاصة مع سجل ترامب في تنفيذ بعض أفكاره الأكثر جرأة التي تم تجاهلها في السابق باعتبارها غير جدية.

وقال ترامب، خلال مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالبيت الأبيض: «يجب أن يُغادر سكان غزة إلى دول أخرى للعيش في سلام وأمان وتجربة بقاء الفلسطينيين بشريط غزة لم تنجح بالماضي ولن تنجح بالمستقبل»، مُنوهًا أن السبب الوحيد الذي قد يدفع الفلسطينيين إلى البقاء في غزة هو غياب البديل.

وأضاف ترامب، أن الولايات المتحدة ستكون مسؤولة عن إخلاء قطاع غزة من كل المخاطر مثل المتفجرات وغيرها، بحسب «رويترز».

طموحاته الإمبريالية

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أن ترامب أذهل العالم، بعد أن طرح فكرة احتلال قطاع غزة بعد إعادة توطين الفلسطينيين في دول أخرى. وقالت الصحيفة إن ترامب ضم غزة إلى «طموحاته الإمبريالية» بعد أن أعرب عن رغبته في المطالبة بجرينلاند وكندا وقناة بنما.

وقالت الصحيفة، إن ترامب في ولايته الثانية في البيت الأبيض، يطرح أفكارًا أكثر وقاحة من أي وقت مضى حول إعادة رسم خريطة العالم على غرار الإمبريالية في القرن التاسع عشر. أولًا، كان هناك شراء جرينلاند، ثم ضم كندا، واستعادة قناة بنما وإعادة تسمية خليج المكسيك. والآن يتصور الاستيلاء على منطقة حرب مدمرة في الشرق الأوسط لا يريدها أي رئيس أمريكي آخر.

ولفتت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي طرح مقترحه بشأن غزة، دون الأخذ في الاعتبار أي سلطة قانونية من شأنها أن تسمح للولايات المتحدة بفرض سيطرتها من جانب واحد على أراضي دولة أخرى، أو أن التهجير القسري لسكان بالكامل من شأنه أن يُشكّل انتهاكًا للقانون الدولي.

ونقلت «نيويورك تايمز» عن خالد الجندي، الباحث الزائر في مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورج تاون، إن تعليقات ترامب كانت «غريبة وغير متماسكة حقًا»، وتُثير المزيد من الأسئلة أكثر من الإجابات.

كما نقلت عن آرون ديفيد ميلر، المفاوض السابق في عملية السلام في الشرق الأوسط الذي يعمل الآن في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إن اقتراح ترامب بشأن غزة يتناقض بشكل أساسي مع نفوره من بناء الدولة وقد يقوّض رغبته في التوسط في صفقة مع المملكة العربية السعودية لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وأضاف أن هذا من شأنه أيضًا أن يمنح روسيا والصين «الضوء الأخضر للاستيلاء على الأراضي كما يرون مناسبًا».

وأفادت صحيفة «واشنطن بوست» بأن خطط ترامب لاحتلال غزة ستكون مُكلفة، ونقلت عن إيشان ثارور، الكاتب في الصحيفة: «إن أي نقل ــ قال ترامب إنه قد يكون مؤقتًا أو دائمًا ــ من شأنه أن يفجر المنطقة، نظرًا لتاريخ النزوح الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي لغزة الذي دام عقودًا من الزمان. لا يثق الفلسطينيون ولا الزعماء العرب في وعود إسرائيل بالسماح للفلسطينيين بالعودة إلى غزة إذا غادروها».

مقترح الرئيس الأمريكي بشأن غزة

واعتبرت شبكة «سي إن إن» مقترح الرئيس الأمريكي بشأن غزة، أمرًا سخيفًا، وقالت: «إذا قاد زعيم أقوى دولة ديمقراطية في العالم مثل هذا النقل القسري، فإنه سيُكرر جرائم الطغاة في الماضي ويخلق ذريعة لكل مُستبد لإطلاق برامج تطهير عرقي جماعي ضد الأقليات الضعيفة».

ومع ذلك، تُضيف الشبكة، أن مقترح ترامب يتوافق مع ولايته الثانية التي تشهد رئيسًا غير مُقيد تمامًا بالقانون أو الدستور أو أي شخص حوله يمنعه من القيام بما يريده بالضبط.

وذكرت الشبكة، أنه في كل التصريحات العلنية الأخيرة التي أدلى بها ترامب بشأن غزة، هناك عنصر مفقود مهم، أي شعور بأن الشعب الفلسطيني سيكون له خيار في مصيره. وقد تأكدت أخيرًا ارتباطهم القوي بأرضهم من خلال عودة مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال غزة.

وقالت الشبكة إن تجاهل الرئيس الأمريكي لتطلعات الفلسطينيين وافتراضه أنهم يفضلون تطوير الإسكان الحديث في مكان آخر أظهر سذاجة مذهلة فيما يتصل بأسباب الصراع.

ونقلت الشبكة عن مسؤول عربي، إن «تصريحات ترامب قد تعرّض وقف إطلاق النار الهش وصفقة إطلاق سراح المحتجزين في غزة للخطر». وأضاف الدبلوماسي «من الضروري أن نُدرك التأثيرات العميقة التي تخلفها مثل هذه المقترحات على حياة وكرامة الشعب الفلسطيني، وكذلك على الشرق الأوسط الأوسع».

ترامب يُحذّر: «التصعيد في غزة سيتكرر ما لم يُغادر الفلسطينيون القطاع»

وفي وقت سابق، صرح الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، بأن ما حدث في غزة سيحدث مرارًا وتكرارًا وهي ليست مكانًا للعيش ولا أعتقد أن أهل القطاع يجب أن يعودوا إليها، بحسب زعمه، حسبما أفادت وسائل إعلام أمريكية، في أنباء عاجلة، الأربعاء.