قانون يضم 30 إجراء منفردا.. ماذا ينتظر الإخوان في النمسا؟
![الأمصار](/Upload/files/0/4/37.jpg)
فيما يتجاذب حزبا الحرية والشعب في النمسا ملف التعينيات الوزارية، يبدو أنهما يتفقان على أشياء كبرى بينها خطة عمل واضحة ضد الإسلام السياسي والإخوان.
ويخوض الحزبان مفاوضات تشكيل حكومة جديدة في النمسا يقودها حزب الحرية "أقصى اليمين" وزعيمه هيربرت كيكل، ويبدو أنهما عقدا العزم على مواجهة أكثر حزما ضد الإسلام السياسي.
ويستند الحزبان إلى إنجازات حققاها في هذا الملف في ائتلاف سابق تبادلا فيه المواقع؛ حيث كان حزب الشعب هو قائد الحكومة، بين عامي 2017 و2020، بما يشمل إصدار قانون لحظر رموز الإخوان وتأسيس مركز توثيق للإسلام السياسي.
لكن ماذا ينوي الحزبان فعله في الحكومة المنتظرة؟
وفق تسريبات مكونة من 223 صفحة من اتفاق الائتلاف الحاكم الذي يجري التفاوض عليه، وتابعتها "العين الإخبارية"، فإن حزبي الحرية والشعب متفقان على خطة متصلبة وحازمة لمكافحة الإسلام السياسي والإخوان في الأراضي النمساوية، تتمحور حول ”قانون شامل“ يتضمن 30 إجراءً قانونيًا فرديًا.
والإجراءات المخطط لها ضد الإسلام السياسي بعيدة المدى؛ فالأمر لا يتعلق فقط بمكافحة الإرهاب، بل يتعلق أيضًا بالمنظمات التي تشكل ”دولة داخل الدولة“ وتهيئ الأرضية الخصبة للتطرف بدعايتها، مثل الإخوان.
وفي إطار الخطة الجديدة، من المقرر اتخاذ حزمة شاملة من التدابير - من تشديد القوانين القائمة إلى التوسع الهائل في الضوابط الرسمية، ما يعتبر التحرك الأقوى والأكثر تأثيرا ضد الإسلام السياسي في النمسا.
وتشمل الخطة إنشاء ”سجل دعاة الكراهية“ الذي يشمل الدعاة المحرضين على الكراهية عبر الإنترنت وفي المراكز الإسلاموية، والتطبيق الحازم لحظر النقاب وفرض ضوابط أكثر صرامة على التعليم الديني الإسلامي.
بالإضافة إلى ذلك، هناك خطة عمل وطنية لمكافحة الشبكات الإسلاموية، بما في ذلك تلك التي تختبئ وراء العمل الخيري المزعوم.
وكذلك، من المقرر استهداف الأئمة المتطرفين على الإنترنت والتأثير الأجنبي على وجه التحديد.
تقوية السلطات الأمنية
الأكثر من ذلك، تمنح الخطة المتفق عليها، السلطات الأمنية، المزيد من خيارات السيطرة وتجفيف مصادر تمويل الجماعات المتطرفة، في إطار قانون شامل يجمع مختلف اللوائح القانونيةـ خاصة في القانون الجنائي والإداري، وسيكون بمثابة أداة مركزية في مكافحة الإسلام السياسي.
كما تضمن الخطة تدريب الشرطة والقضاء بشكل أفضل في المستقبل، إذ لم تتمكن النمسا من اتخاذ تدابير حاسمة ضد الإسلام السياسي، لأسباب ليس أقلها أن العديد من القضاة يفتقرون إلى المعرفة الأساسية اللازمة، خاصة بالأيديولوجيات الإسلاموية.
وتنص الخطة أيضا على "مراقبة المساجد والمدارس الإسلامية عن كثب، لأنها تشكل أرضية لتجنيد الحركات المتطرفة“.
حصار الأنشطة
ووفق تقارير إعلامية محلية، فإن القانون الشامل المنتظر، سيتضمن خطوات أكثر تحديدا تتعلق بحصار أنشطة الإسلام السياسي، مثل حظر استخدام العنف القائم على التعاليم الدينية، حظر الموافقة العلنية على الجرائم الجنائية المتطرفة أو تبريرها، وحظر نشر الدعاية الإسلاموية، خاصة إذا كانت تحط من قدر المرأة أو ترفض التوجه الجنسي أو تتجاهل النظام القانوني النمساوي.
الأكثر من ذلك، تتضمن الخطة المتوافق عليها بين الحزبين، تحسين تبادل البيانات بين السلطات بشأن المجرمين الإسلاميين، وتجفيف تمويل المنظمات الإسلاموية في الداخل والخارج، ومنع الأنشطة الإسلاموية تحت ستار الأنشطة الخيرية.
وتعد النمسا من أكثر الدول الأوروبية تقدما في مسار مكافحة الإسلام السياسي، إذ فرضت حظرا على رموز التنظيمات المنتمية لهذا التيار قبل سنوات، وأسست مركز لدراسته وتوثيق أنشطته، وشنت مداهمات ضد مراكز الإخوان، لكنها لا تزال تعمل على خطط أكثر حزما.
قطار أقصى اليمين في محطة النمسا.. هزة جديدة لأوروبا الغربية
يوشك حزب "الحرية" على قيادة النمسا لتنضم الدولة المحافظة إلى مجموعة متنامية من الدول التي تتحول إلى أقصى اليمين في أوروبا.
فقد نجح حزب الحرية وزعيمه هربرت كيكل في الحصول على دعم المواطنين بشكل مطرد من خلال شيطنة المهاجرين ومغازلة شعارات النازية، والتقرب من روسيا، كما خاض حملته الانتخابية على أساس وعود بترحيل المهاجرين وحظر جماعات الإسلام السياسي.
وبعد انهيار جهود إبعادهم عن السلطة، أتيحت الفرصة لحزب الحرية، المعروف باسم " FPÖ" وزعيمه المتعصب هربرت كيكل هذاالأسبوع لتشكيل الائتلاف الحاكم وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وإذا نجح الحزب في تشكيل حكومة، فسيكون ذلك بمثابة صدمة للنظام السياسي النمساوي وهزة أخرى لأوروبا الغربية، مع تزايد حضور أحزاب أقصى اليمين في فرنسا وألمانيا ودول أخرى، ومع ذلك لن يكون الأمر مفاجئا.
ويأتي صعود حزب الحرية بعد سنوات من القبول المتزايد لتيار أقصى اليمين في السياسة النمساوية وساعد في تقدمه الفضائح والتحول الآيديولوجي في الحزب المحافظ الأكثر شعبية الذي قاد حكومات النمسا لمدة 15 من السنوات الـ25 الماضية.
وعلى عكس ألمانيا حيث رفضت جميع الأحزاب إدراج حزب البديل لألمانيا في الائتلافات الحاكمة، سمحت أحزاب أخرى في النمسا لحزب الحرية بتقاسم السلطة لسنوات كشريك صغير.
وخلال الانتخابات الأخيرة زادت جاذبية حزب الحرية بفضل رسالته المناهضة للمؤسسة التي تنتقد بشدة المهاجرين والقيود المفروضة بسبب جائحة كوفيد والاتحاد الأوروبي ودعم أوكرانيا.
واكتسب الحزب دعمًا من العمال وخريجي الجامعات والنساء وفي انتخابات البرلمان الأوروبي الصيف الماضي، كان الحزب الأكثر شعبية بين الناخبين النمساويين الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا.
وقال لورانس إنسر غيديناستيك، عالم السياسة في جامعة فيينا، "إن فكرة أن حزب الحرية محرم سياسياً بطريقة ما، قد انتهت منذ فترة طويلة".
![هربرت كيكل](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/1/08/204-220522-austria-far-right-freedom-party_700x400.jpg)
وتأسس حزب الحرية على أيدي أعضاء سابقين في قوات الأمن الخاصة النازية في الخمسينيات وظل منبوذا في سنواته الأولى لكن بعد ذلك أصبح ببطء جزءًا من المؤسسة السياسية في النمسا.
ودخل الحزب لأول مرة في حكومة وطنية مع الديمقراطيين الاجتماعيين التقدميين عام 1983 وشارك في 4 ائتلافات حاكمة منذ ذلك الحين، كان آخرها قبل 6 سنوات فقط وينشط الحزب أيضا على مستوى الولايات ويشارك في الائتلافات الحاكمة في أغلب الولايات التسع في النمسا.
وحتى أواخر الثمانينيات، كان حزب الحرية كيانًا نخبويًا صغيرًا مرتبطًا إلى حد كبير ببعض الأخويات الجامعية واجتذب زعيم جديد، يورغ هايدر، المزيد من الناخبين من خلال تبني خطاب معارض بشدة للأجانب وهو الخطاب الذي أصبح القوة الدافعة للحزب وعمل كيكل على تكثيفه مرددا شعارات استفزازية.
وفي 2017، انضم حزب الحرية إلى ائتلاف حاكم مع حزب الشعب المحافظ وتعرضت كارين كنايسل، التي اختارها الحزب لمنصب وزيرة الخارجية، لانتقادات واسعة بسبب رقصها في حفل زفافها عام 2018 مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وشغل كيكل منصب وزير الداخلية مما جعله مسؤولاً عن ملف الهجرة وتصدر العناوين لاقتراحه "تجميع" اللاجئين في مرافق مركزية، وهو ما اعتبر كثيرون أنها عبارة تعود إلى الحقبة النازية.
وفي حين أراد البعض في الحزب تخفيف حدة الخطاب المناهض للهجرة، استغل كيكل السخط بشأن تدفق اللاجئين إلى النمسا كما حشد المعارضة للقاحات والإغلاقات والأقنعة في ذروة جائحة كوفيد-19.
وفي حملته خلال الخريف الماضي، وعد كيكل ببناء "قلعة النمسا" من خلال فرض تدابير صارمة لمراقبة الحدود، والترحيل القسري للمهاجرين وتعليق حقوق اللجوء للاجئين وهو ما يتطلب الخروج من اتفاقية الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة.
كما دعا إلى عكس تدابير مكافحة تغير المناخ ودفع من أجل تغييرات سياسية يقول بعض المحللين إنها ستجعل النمسا نموذجا أكثر استبدادية.
وفاز الحزب بأكبر عدد من مقاعد الجمعية الوطنية (البرلمان) في انتخابات سبتمبر الماضي مستفيدا من مشكلات حزب الشعب الغارق في سلسلة فضائح.
وبعد خسارة الانتخابات، قال كارل نيهامر، المستشار الحالي من حزب الشعب، إنه لن يدخل في ائتلاف مع كيكل وهو ما اعتبره كثيرون لعبة سياسية حيث يتمتع الحزبان بتاريخ طويل من العمل معا في حكومات الولايات والحكومات الفيدرالية.
ورغم أشهر من المحاولات، لم يتمكن حزب الشعب من تشكيل ائتلاف بدون أقصى اليمين وأعلن نيهامر استقالته من منصب المستشار هذا الأسبوع، مما مهد الطريق لحزب الحرية لقيادة ائتلاف حكومي.
ولن يتمكن كيكل في ظل الائتلاف الحاكم من الوفاء بكل وعوده حيث تحتاج الحكومة النمساوية المقبلة إلى سد العجز في الميزانية، الأمر الذي قد يعوق أجندته الاقتصادية، بما في ذلك التخفيضات الضريبية وزيادة الإنفاق الاجتماعي.