«بوتين» يُراقب الأحداث.. اتهامات «ترامب» تُهدد استقرار مستقبل «زيلينسكي»

بينما يُراقب الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، عن كثب تحركات الساحة السياسية، تأتي الاتهامات المُثيرة التي وجهها الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، ضد زعيم نظام كييف «فولوديمير زيلينسكي»، لتُسهم في تصعيد الأزمة. هذه الاتهامات قد تضع مستقبل «زيلينسكي» على المحك، ليُصبح استقرار «النظام الأوكراني» في مهب الريح في ظل تزايد التحديات التي يُواجهها، ويجعل الجميع في انتظار ما ستؤول إليه الأحداث.
اتهامات حادة بين ترامب وزيلينسكي
في تحول دراماتيكي، تبادل «ترامب وزيلينسكي» اتهامات حادة هذا الأسبوع، في خطوة تعكس تدهورًا ملحوظًا في العلاقات بين الحليفين وسط التوترات المتزايدة في «النزاع الأوكراني الروسي». هذه الاتهامات تأتي بعد اجتماع أمريكي روسي في «المملكة العربية السعودية» لحل الأزمة، استُبعدت منه أوكرانيا، مما أشعل غضب «كييف» وزاد من تعقيد العلاقة بين الرئيسين.
وفي هذا الصدد، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إلى حدة التوتر المُتصاعد بين ترامب وزيلينسكي، إذ وصف الرئيس الأمريكي نظيره الأوكراني بأنه «ديكتاتور بدون انتخابات» في منشور على منصته «تروث سوشيال».
وأضاف ترامب، أن زيلينسكي الذي كان «مُمثلًا كوميديًا ناجحًا بشكل متواضع»، على حد وصف الرئيس الأمريكي، بإقناع الولايات المتحدة بإنفاق 350 مليار دولار على «حرب لا يُمكن كسبها، ولم يكن من الضروري أن تبدأ».
ورغم تأكيد معهد كيل الألماني أن المساعدات الأمريكية لأوكرانيا بلغت 119 مليار دولار فقط، واصل ترامب ادعاءاته المُثيرة للجدل، مُشددًا على أن «هذه الحرب أكثر أهمية لأوروبا منها للولايات المتحدة» التي يُفصلها مُحيط كبير وجميل (إشارة إلى المحيط الأطلسي) عن منطقة الصراع.
وتابع الرئيس الأمريكي في تهديد واضح لنظيره الأوكراني أنه «يجب أن يتحرك بسرعة» لتأمين السلام، مُحذرًا بلهجة حادة: «وإلا لن يبقى له بلد».
التصريحات العدائية
هذه التصريحات العدائية جاءت بعد يوم من تصريحات مُماثلة ألقى فيها ترامب باللوم على أوكرانيا في بدء الحرب، مُتبنيًا وجهة النظر الروسية المطالبة بإجراء انتخابات في أوكرانيا كخطوة ضرورية في محادثات التسوية، مُتجاهلًا أن الانتخابات عُلِّقت بموجب الأحكام العرفية بعد بدء الحرب في فبراير 2022، بحسب الصحيفة الأمريكية.
في المقابل، اختار زيلينسكي الرد بأسلوب أكثر دبلوماسية ولكن بحزم، إذ استدعى الصحفيين إلى مكتبه الرئاسي في كييف الذي لا يزال مُحصنًا بأكياس الرمل، ليتهم ترامب بالوقوع في «شبكة من المعلومات المُضللة» من روسيا حول الحرب.
وقال الرئيس الأوكراني: «أود أن أرى المزيد من الحقيقة مع فريق ترامب"، وهو ما يُمثل انتقادًا صريحًا غير معتاد منه تجاه الإدارة الأمريكية»، مُضيفًا: «مثل هذه الخطابات لا تُساعد أوكرانيا، بل تُساعد فقط في إخراج بوتين من عزلته».
ونفى زيلينسكي بشكل قاطع ادعاء ترامب بأن نسبة تأييده لا تتجاوز 4%، مُستشهدًا باستطلاعات الرأي التي تظهر دعمًا أعلى بكثير.
وأشار إلى استطلاع أجراه معهد كييف الدولي للدراسات الاجتماعية في ديسمبر، والذي أظهر أن 52% من الأوكرانيين قالوا إنهم يثقون في قيادته.
وأضاف بثقة: «لذلك، إذا كان أي شخص يُريد استبدالي الآن.. فهذا لن يحدث»، في إشارة إلى نسب التأييد المرتفعة التي يحظى بها.
مستقبل الدعم على شفا الانهيار
ووفقًا للصحيفة الأمريكية، يُلقي هذا الخلاف المتصاعد بظلاله الثقيلة على مستقبل الدعم الأمريكي لأوكرانيا، خاصة بعد تولي ترامب السلطة.
ونوهت «نيويورك تايمز»، إلى أن رغبة ترامب باسترداد المساعدات العسكرية والمالية التي قدمتها الولايات المتحدة على مدى ثلاث سنوات من الحرب قد يضع حدًا لأي حزمة مساعدات مستقبلية للبلد الذي مزقته الحرب، وهو ما يُثير قلقًا عميقًا في كييف التي اعتمدت لفترة طويلة على شحنات أمريكية منتظمة من أسلحة الدفاع الجوي والقذائف وأنواع أخرى من الذخيرة للحفاظ على قتالها ضد روسيا.
وفي اعتراف صريح بخطورة الوضع، قال الجنرال كيريلو بودانوف، رئيس وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية: «لنكن صادقين: بدون الولايات المتحدة، سيكون الأمر صعبًا للغاية بالنسبة لنا»، ما يعكس القلق العميق الذي يُساور القيادة العسكرية الأوكرانية من احتمالية تراجع الدعم الأمريكي في المرحلة المقبلة.
بوتين يُراهن على الخلاف لصالح روسيا
في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات بين واشنطن وكييف، بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الاستفادة من هذا الوضع، إذ أشاد بمسؤولي إدارة ترامب في الرياض لتهيئتهم أجواء «ودية للغاية» خلال المحادثات.
وأكد أنه على عكس الإدارات الأمريكية السابقة، لم ينتقد فريق ترامب أفعال روسيا، قائلًا: «من الجانب الأمريكي، كان هناك أشخاص مختلفون تمامًا.. منفتحون على عملية التفاوض دون أي تحيز، ودون أي إدانة لما تم فعله في الماضي».
وفي تعليق يعكس رضاه عن المسار الجديد للعلاقات الأمريكية الروسية، قال بوتين إنه يتطلع للقاء ترامب، مُؤكدًا: «سأكون سعيدًا بلقاء دونالد، لم نر بعضنا منذ فترة»، إلا أنه حذر من أن هناك الكثير من العمل التحضيري الذي يتعين القيام به، بما في ذلك على المسار الأوكراني، رافضًا تحديد موعد للقاء.
ومن الواضح أن روسيا، كما أشار زيلينسكي «سعيدة للغاية» بالتطورات الدبلوماسية الأخيرة، وقال الرئيس الأوكراني: «أعتقد أن بوتين والروس سعداء للغاية، لأن القضايا تُناقش معهم»، وفقًا للصحيفة الأمريكية.
دبلوماسية في تنسيق متوازن
وعلى الجانب الآخر، وصل كيث كيلوج، الجنرال المتقاعد الذي عيّنه ترامب مبعوثًا خاصًا لأوكرانيا وروسيا، إلى كييف في زيارة تستمر ثلاثة أيام لمناقشة طرق مُحتملة لإنهاء الحرب، في حين تزامن هذا مع تصريحات زيلينسكي الحادة التي انتقد فيها موقف الإدارة الأمريكية الجديدة، مما وضع المبعوث الأمريكي في موقف دبلوماسي حرج.
وفي تصريحات بدت متناقضة مع موقف ترامب العدائي، قال «كيلوج» -عند وصوله إلى كييف- إن مهمته ستكون «الجلوس والاستماع» لمخاوف أوكرانيا.
وأكد أن الولايات المتحدة تتفهم «حاجة أوكرانيا لضمانات أمنية» و«أهمية سيادة هذه الأمة»، وهي تصريحات تتناقض بشكل صارخ مع تعليقات الرئيس الأمريكي المُهينة من اليوم السابق.
ترامب جونيور: «زيلينسكي لن يحصل على أموالنا وعليه كسب الحرب بنفسه»
من جهة أخرى، قال «دونالد ترامب جونيور»، نجل الرئيس الأمريكي، إن على «فلاديمير زيلينسكي» تحقيق النصر في «النزاع الأوكراني» دون الاعتماد على «أموال الولايات المتحدة»، حسبما أفادت وسائل إعلام أمريكية، اليوم الخميس.
وعلّق «ترامب جونيور»، على مقطع فيديو نشره مستخدم آخر عبر منصة «تروث سوشال»، يظهر فيه رجل يشبه زيلينسكي، يرتدي ملابس زاهية الألوان وهو يرقص: «يجب على زيلينسكي أن يذهب وينتصر في الحرب من دون طلب أموالنا بلا نهاية».
وأضاف: «حينها سنرى ما سيحدث».
وكان ترامب، قد أدلى بتصريحات حادة عن زيلينسكي عبر منصته «تروث سوشال»، واصفًا إياه بأنه «ديكتاتور بلا انتخابات»، مُحذرًا من أنه «يُمكن أن يخسر بلاده».
المباحثات الروسية الأمريكية في الرياض
وتأتي تصريحات ترامب في أعقاب المباحثات الروسية الأمريكية في الرياض يوم أمس، التي أشار بالتزامن معها إلى عدم كفاءة زيلينسكي وتدني شعبيته والحاجة لإجراء انتخابات في أوكرانيا.
وردًا على تصريحات ترامب وبعد صدور تقييم أجراه معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع ( شركة أوكرانية خاصة) بشأن الثقة التي يحوزها من هو في منصب الرئيس. قال زيلينسكي: «اليوم جاء تقييم المعهد بنسبة ثقة 57%. وإذا أراد شخص ما أن يغيرني الآن، فلن يتمكن من فعل ذلك الآن بأي حال من الأحوال».
وعلّق زيلينسكي تعليقًا فظا على ترامب بقوله: «إن الرئيس الأمريكي يعيش في فضاء يسوده التضليل».
صحيفة أمريكية: «زيلينسكي يبذل جهودًا يائسة لاستمرار الصراع والبقاء في السُلطة»
من ناحية أخرى، أفادت صحيفة «ذا هيل» الأمريكية، يوم الأحد، بأن زعيم نظام كييف «فولوديمير زيلينسكي» يبذل جهودًا يائسة لاستمرار الصراع، مُتجاهلاً الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، مُشيرة إلى أن «هذا الصراع هو السبيل الوحيد الذي يضمن استمراره في السُلطة».
وجاء في مقال نشرته الصحيفة الأمريكية: «إن الزعيم الجيد يضع بقاء أمته في المقام الأول. فهو يعرف متى يُقاتل، والأهم من ذلك أنه يعرف متى يتفاوض. ولكن زيلينسكي أوضح أن قوته تعتمد على الحرب، والحرب وحدها.. يجب أن تستمر الحرب.. فهذا هو الشيء الوحيد الذي يُبقي زيلينسكي في السُلطة».
وأضاف المقال: «إذا أُجريت الانتخابات، فسوف يخسر زيلينسكي، إذ إن شعبيته تتراجع.. وكلما طال أمد الصراع، يتضح أكثر أن أوكرانيا تُواجه الهزيمة فقط.. لقد انتهى تفاؤل الأشهر الأولى من الحرب منذ زمن طويل، حتى أن الولايات المتحدة قلصت دعمها، معترفة بأن انتصار أوكرانيا لم يعد هدفها الرئيسي».
أوكرانيا في وضع يائس
ولفت المقال إلى أن «أوكرانيا في وضع يائس.. فالخسائر التي تكبدتها البلاد كارثية وتُعاني البلاد من نقص حاد في القوى العاملة، ولهذا السبب لجأ زيلينسكي إلى مطاردة الرجال في الشوارع، وهناك عدد لا يحصى من التقارير التي تتحدث عن جر الرجال الأوكرانيين من المقاهي والنوادي الليلية وإلقائهم في شاحنات صغيرة مثل المجرمين».
وأشار المقال، إلى أن «زيلينسكي يسير على خُطى العديد من الشخصيات التاريخية، مثل إمبراطور فرنسا نابليون بونابرت، الذي لم يستطع هو الآخر تقبل الواقع بعد هزيمته في روسيا، واستمر في جرّ بلاده نحو الهاوية».
وخلص المقال إلى حقيقة مفادها، أن «القائد العاقل هو من يعترف بالواقع ويتخذ القرار الصعب ولكن، الضروري لصالح المفاوضات لإنقاذ ما تبقى بدلًا من تحويل البلاد إلى رماد.. لكن زيلينسكي اختار طريق أولئك الذين أعمَتهم السلطة.. والحقيقة المؤلمة هي أن أوكرانيا تخسر، وزيلينسكي يتأكد من استمرار خسارتها، وسوف تنزف أوكرانيا حتى لا يتبقى دم يمكن سفكه».
ترامب: «روسيا تستطيع تدمير المُدن الأوكرانية لكنها لا ترغب في ذلك»
وفي وقت سابق، صرّح الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، بأنه متأكد من أن «روسيا» تمتلك القدرة على تدمير كافة «المُدن الأوكرانية»، بما في ذلك العاصمة «كييف»، بسرعة كبيرة، لكنها لا ترغب في اتخاذ هذه الخطوة، حسبما أفادت وكالة «نوفوستي» الروسية، الأربعاء.