بعد 3 سنوات من الحرب.. تحالف ترامب وبوتين قد يُعيد رسم مشهد الصراع الأوكراني

بعد 3 سنوات من الحرب المستعرة في «أوكرانيا»، يُلوح في الأفق تحالف سياسي قد يُغيّر مسار الصراع بالكامل. فمع تقارب مُحتمل بين الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، ونظيره الروسي «فلاديمير بوتين»، يُثار التساؤل حول «مستقبل أوكرانيا وما إذا كانت موازين القوى ستنقلب رأسًا على عقب، ويبقى السؤال المطروح: «هل يشهد الصراع الأوكراني تحولًا جذريًا يُعيد رسم توازن القوى؟».
الذكرى الثالثة للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا
ومع اقتراب الذكرى الثالثة للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، بدأت الولايات المتحدة محادثات مع روسيا بشأن تسوية الحرب، دون إشراك «كييف» أو الحصول على موافقتها، مما يعكس بشكل مُتزايد سعي الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» للوصول إلى اتفاق يتماشى إلى حد كبير مع شروط نظيره الروسي «فلاديمير بوتين».
وفي تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، ضمن ملف بعنوان «بعد ثلاث سنوات، ما هو التالي بالنسبة لأوروبا وأوكرانيا؟»، أشار محللون إلى أن ترامب ينسجم مع العديد من مواقف الكرملين، ليس فقط تجاه أوكرانيا ورئيسها زيلينسكي، ولكن أيضًا فيما يتعلق بالنظام الأمني الأوروبي في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن «واشنطن» تتماهى مع «موسكو» في دعم الحركات السياسية غير الليبرالية في أوروبا ومهاجمة الحكومات نفسها، وهو توجه عززه دعم نائب الرئيس الأمريكي «جيه دي فانس»، والملياردير «إيلون ماسك».

وفقًا للتحليل، إذا كان هذا الاتجاه يعكس المسار الجديد الذي تتبناه واشنطن، فسيُشكّل أكبر تحول في السياسة الخارجية الأمريكية مُنذ أربعينيات القرن الماضي، مع احتمال أن تكون أوكرانيا أول ضحاياه في إطار التحالف الأمريكي الروسي الناشئ.
في الوقت نفسه، من المرجح أن تمتد آثار هذا التحول إلى ما هو أبعد من الحرب الحالية، لتُعيد رسم موازين القوى، وتُعزز الدور الروسي في أوروبا، مع تداعيات عالمية قد تُؤثر على شكل التحالفات الأمريكية وإعادة ترتيب علاقاتها مع القوى العظمى.
مخاطرات ترامب
وفي حديثه حول مخاطرات ترامب، يُشير «دانييل فريد»، الزميل بالمجلس الأطلسي والمسؤول السابق في الخارجية الأمريكية، إلى أن «جهود إدارة ترامب السريعة لإنهاء الحرب مُعرضة لخطر تقويض نهجها الخاص».
وقال: «كانت العناصر الرئيسية للخطة واضحة مُنذ أشهر: وقف إطلاق النار على طول خط المواجهة الحالي تقريبًا، مع الجزء الذي تُسيطر عليه أوكرانيا من منطقة كورسك الروسية ورقة مساومة غير محسومة في يد كييف، وترتيبات أمنية لأوكرانيا، التي تشمل في المقام الأول قوات أوروبية، لكن بدعم من القوة الجوية الأمريكية وغيرها من أشكال الدعم».
وأضاف: «إن هذا قد ينجح. ذلك أن أوكرانيا ذات السيادة والأمن سوف تُشكل فوزًا كبيرًا لأوروبا والولايات المتحدة، حتى ولو لم تُسيطر الحكومة الأوكرانية إلا على جزء من أراضيها في الوقت الراهن، كما كانت الحال مع حكومة ألمانيا الغربية أثناء الحرب الباردة».
واستدرك: «لكن يبدو أن ترامب يُعرقل خطته، فقد بدت المحادثات الأمريكية الروسية الأخيرة في المملكة العربية السعودية جيدة، لكن هجمات ترامب اللاحقة على زيلينسكي، والمطالبات الواضحة بعقد انتخابات في أوكرانيا كشرط مسبق للمحادثات، قد تُؤدي إلى كسر الزخم الذي ولّدته الدفعة الأولية لترامب».
وتابع: «ربما كان المقصود من النزاع مع زيلينسكي تليين موقف الأوكرانيين، ولكن تأثيره كان تعزيز موقف روسيا، وهو ليس أفضل تكتيك تفاوضي على الإطلاق».
أوروبا أضاعت فرص إنهاء الحرب
ويلوم «أولريش سبيك»، الكاتب في صحيفة «نويه تسورخر تسايتونج» السويسرية، أوروبا على تضييع الكثير من الفرص لإنهاء الحرب خلال الأعوام الثلاث السابقة، قائلًا: «توسلت كييف للحصول على المزيد من الأسلحة والذخيرة، لكن أوروبا والولايات المتحدة لم توفرا ما هو مطلوب، وكثيرًا ما فرضتا قيودًا صارمة على ما يمكن لأوكرانيا أن تفعله بالأسلحة التي تلقتها».
وأفاد: «بعبارة أخرى، أتيحت لأوروبا والولايات المتحدة الفرصة لمساعدة أوكرانيا ورفض الإمبريالية التي حوّلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مُبرر لوجود نظامه، وهو الموقف الذي قاد أوروبا إلى حربين عالميتين والذي اعتقد كثيرون في الغرب أنه أُلقي في سلة المهملات إلى الأبد».
وأشار إلى أنه مع انتهاء الحرب إلى حد كبير بشروط روسيا، كما تُشير تصرفات وتصريحات إدارة ترامب، يُمكن لبوتين أن يزعم النصر «وسوف تتوسع روسيا المتمكنة مرة أخرى، إضافة إلى احتلالها وضمها السابق لأجزاء من مولدوفا وجورجيا وأوكرانيا بعد عام 2014».
وذكر: «هذا من شأنه أن يبعث برسالة إلى جميع الروس مفادها أنه على الرغم من المصاعب التي يُواجهونها، أعاد زعيمهم بلادهم إلى مسار المجد والقوة العالمية، وعلم المتمردين في شرق ووسط أوروبا درسًا، وأبلغ الأوروبيين الغربيين، وسوي الملعب مع الصين، بدلاً من أن يُصبح شريكها الأصغر».
النجاح الروسي في أوكرانيا
وأكمل: «النجاح الروسي في أوكرانيا لا يعني فقط أن بوتين سوف يُحاول قريبًا القيام بكل ما يلزم لإخضاع بقية أوكرانيا لسيطرته، فهو يضع أيضًا نصب عينيه مولدوفا وجورجيا -التي يُهيمن عليها بالفعل نظام صديق لروسيا- وبعد ذلك، سوف ينتظر اللحظة المناسبة لمهاجمة دولة عضو في حلف الأطلسي باستخدام الأساليب التقليدية أو الهجينة أو غيرها من الأساليب، ثم يمضي قدمًا في تغيير النظام والاحتلال».
وواصل سبيك: «لقد تم تحذيرهم، لكنهم فشلوا. كانت مخاطر التصرف آنذاك أقل كثيرًا من المخاطر التي يُواجهونها الآن. والأموال التي كان بوسعهم استثمارها في أمنهم من خلال دعم أوكرانيا لا تكاد تذكر مقارنة بما قد يتطلبه الأمر الآن لتعبئة جيوشهم وصناعاتهم ومجتمعاتهم لتأمين حدودهم ضد روسيا الأكثر عدوانية في السنوات المقبلة».

«ترامب» يُواصل هجومه على «زيلينسكي» ويُطالب بإجراء انتخابات في أوكرانيا
في غضون ذلك، واصل الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، هجومه على زعيم نظام كييف «فولوديمير زيلينسكي»، مُطالبًا بإجراء انتخابات في «أوكرانيا»، في حين تساءل عن مصير الأموال التي قدمتها الولايات المتحدة لنظام كييف، حسبما أفادت وسائل إعلام أمريكية، في أنباء عاجلة، الخميس.
وقال ترامب: «حان وقت الانتخابات، وحان الوقت أيضًا لمعرفة ما حدث مع كل هذه الأموال، لأنه الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته فلاديمير زيلنسكي أدلى بتصريح مفاده أنه لا يعرف أين هي الأموال، أو شيء من هذا القبيل. وأود أن أعرف كل الأموال التي كنا نُرسلها إلى أوكرانيا. أين هي؟».
وكان ترامب، قد أدلى بتصريحات حادة عن زيلينسكي عبر منصته «تروث سوشال»، واصفًا إياه بأنه «ديكتاتور بلا انتخابات»، مُحذرًا من أنه «يُمكن أن يخسر بلاده».
المباحثات الروسية الأمريكية في الرياض
وتأتي تصريحات ترامب في أعقاب المباحثات الروسية الأمريكية في الرياض يوم أمس، التي أشار بالتزامن معها إلى عدم كفاءة زيلينسكي وتدني شعبيته والحاجة لإجراء انتخابات في أوكرانيا.
وردًا على تصريحات ترامب وبعد صدور تقييم أجراه معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع ( شركة أوكرانية خاصة) بشأن الثقة التي يحوزها من هو في منصب الرئيس. قال زيلينسكي: «اليوم جاء تقييم المعهد بنسبة ثقة 57%. وإذا أراد شخص ما أن يغيرني الآن، فلن يتمكن من فعل ذلك الآن بأي حال من الأحوال».
وعلّق زيلينسكي تعليقًا فظا على ترامب بقوله: «إن الرئيس الأمريكي يعيش في فضاء يسوده التضليل».
«ترامب» يكشف عن اتصال هاتفي مع «بوتين» لمناقشة قضية أوكرانيا
وفي وقت سابق، أعلن الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، أنه تحدث هاتفيًا مع نظيره الروسي «فلاديمير بوتين»، في محاولة للتفاوض على إنهاء «النزاع في أوكرانيا»، حسبما أفادت صحيفة «نيويورك بوست» الأمريكية، الأحد.
جاء تصريح «ترامب» في مقابلة حصرية، حيث ذكرت الصحيفة أنها أجرتها معه على متن الطائرة الرئاسية «إير فورس ون» مساء الجمعة.
وعندما سُئل عن عدد المرات التي تحدث فيها مع بوتين، قال ترامب «من الأفضل ألا أقول»، بحسب الصحيفة.
وأعرب ترامب عن اعتقاده بأن الرئيس الروسي «يهتم» بما يحدث من قتل على أرض المعركة، وقال: «يُريد أن يتوقف الناس عن الموت، كل هؤلاء القتلى الشباب..».
ترامب: «علاقتي دائمًا جيدة مع بوتين»
وجدد الرئيس الأمريكي قوله إن النزاع المستمر مُنذ ثلاث سنوات «لم يكن ليحدث أبدًا» لو كان هو الرئيس عام 2022، وأضاف: «كانت علاقتي دائمًا جيدة مع بوتين»، على عكس سلفه جو بايدن، الذي وصفه ترامب بأنه «كان مصدر إحراج كبير لأمتنا».
وأكد ترامب أن لديه خطة ملموسة لإنهاء النزاع في أوكرانيا، وقال: «آمل أن يكون وقف النزاع سريعًا. كل يوم يموت الناس. هذه الحرب في أوكرانيا سيئة للغاية. أريد إنهاء هذا الشيء اللعين».
وتوجه ترامب، إلى مستشار الأمن القومي مايك والتز، الذي انضم إليه في مكتبه على متن الطائرة الرئاسية، بالقول: «لنبدأ هذه الاجتماعات. هم يريدون الاجتماع. كل يوم يموت الناس. جنود شباب يقتلون، شباب مثل أبنائي، من الجانبين، في كل مكان على أرض المعركة».
ومن المتوقع أن يلتقي نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس مع فلاديمير زيلينسكي في مؤتمر ميونيخ للأمن الأسبوع المُقبل.
عقد صفقة بقيمة 500 مليون دولار بين ترامب و زيلينسكي
وكان ترامب قد صرح سابقًا بأنه يرغب في عقد صفقة بقيمة 500 مليون دولار مع زيلينسكي للوصول إلى المعادن النادرة في أوكرانيا مقابل ضمانات أمنية في أي تسوية سلمية محتملة.
والثلاثاء الماضي، أعلن ترامب أن واشنطن تُجري مفاوضات «بناءة للغاية» مع موسكو وكييف بشأن حل الصراع في أوكرانيا، كما وصف تقدم المحادثات بالإيجابي وأعرب عن أمله في أن «تتجاوز الاتفاقات المحتملة كل التوقعات»، كما أعرب ترامب أكثر من مرة عن رغبته في الاجتماع مع بوتين شخصيًا.
من جانبه، كان بوتين أكد استعداده للتواصل مع ترامب وإيجاد حل جذري للنزاع في أوكراني، إلا أن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف ذكر للصحفيين يوم الجمعة أن روسيا والولايات المتحدة لم تُشرعا بعد في مناقشة لقاء محتمل بين زعيمي البلدين.
«ترامب» يُبدي استعداده مُجددًا للقاء «بوتين» ويصفه بـ«الذكي»
وكان صرح الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، في وقت سابق، بأنه يأمل في لقاء نظيره الروسي «فلاديمير بوتين»، قريبًا جدًا، مُؤكدًا استعداده لهذا اللقاء «في أي وقت»، واصفًا إياه بأنه «ذكي»، حسبما أفادت وسائل إعلام أمريكية، الأربعاء.