واشنطن وموسكو يستكملان محادثات كييف.. فهل نشهد إنفراج للأزمة؟

يبدو أن المحادثات بين واشنطن وموسكو بشأن كييف تأتي في إطار الجهود الدبلوماسية المستمرة لمحاولة احتواء التصعيد العسكري وتخفيف التوترات بين الجانبين. ومع ذلك، فإن احتمالية حدوث انفراج للأزمة تعتمد على عدة عوامل، منها مواقف الطرفين بشأن شروط التسوية، ومدى استعداد كل منهما لتقديم تنازلات، وكذلك التأثيرات الخارجية، مثل موقف الدول الأوروبية والصين.
مهاتفة بوتين وترامب
في 12 فبراير 2025، أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، استمرت لمدة ساعة ونصف، وتناولت عدة قضايا أبرزها الحرب في أوكرانيا. أعلن ترامب عبر منصته "تروث سوشيال" أنه اتفق مع بوتين على بدء مفاوضات فورية لوقف الأعمال العدائية في أوكرانيا، معربًا عن أمله في نجاح هذه الجهود. كما أشار إلى أنه سيتواصل مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإطلاعه على تفاصيل المحادثة.
من جانبه، أكد الكرملين تفاصيل المكالمة، مشيرًا إلى أن بوتين وترامب ناقشا ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للصراع في أوكرانيا، واتفقا على الحفاظ على الاتصالات الشخصية بينهما والعمل المشترك لتحقيق السلام. كما تم التطرق إلى قضايا أخرى مثل الشرق الأوسط، الطاقة، والذكاء الاصطناعي.
في وقت لاحق، صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن عقد اجتماع محتمل بين ترامب وبوتين يعتمد بشكل كبير على التقدم المحرز في إنهاء الحرب في أوكرانيا.

وأشار إلى أهمية إشراك كييف وحلفائها في المحادثات، مؤكدًا أن الهدف الرئيسي لواشنطن هو التأكد من جدية موسكو بشأن إنهاء الصراع.
تُعد هذه المكالمة الأولى من نوعها بين قادة البلدين منذ ثلاث سنوات، حيث كانت آخر محادثة مباشرة بين بوتين ورئيس أمريكي في فبراير 2022. يأتي هذا التطور في ظل جهود دولية مكثفة لإنهاء الصراع المستمر في أوكرانيا منذ عام 2022.
محادثات أسطنبول
وكانت قد بدأت في إسطنبول محادثات بين مسؤولين روس وأميركيين في مقر القنصل العام الأميركي، سعيا لتسوية المسائل الدبلوماسية فيما تعمل الدولتان على إعادة العلاقات بينهما، على ما أفادت وكالات أنباء روسية.
واللقاء المغلق هو ثاني اجتماع بين ممثلين عن الدولتين، بعد اجتماع أول في 18 فبراير في السعودية، ويجري في ظل التقارب بين موسكو وواشنطن بهدف معلن هو تسوية الحرب في أوكرانيا.
وذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء أن الوفد الروسي سيجري محادثات مع المسؤولين الأميركيين لحل الخلافات حول عمل سفارتيهما في واشنطن وموسكو.
وقال التلفزيون التركي إن الدولتان تدرسان استئناف أنشطة سفارتيهما، التي علقت بشكل متبادل في بداية الحرب الأوكرانية.
أعلن وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الثلاثاء، الاتفاق مع الجانب الروسي في محادثات الرياض على 4 مبادئ، وقال إن أن الخطوة المقبلة ستكون عودة الحياة للبعثات الدبلوماسية للبلدين في الولايات المتحدة وروسيا.
وعن الصراع في أوكرانيا، قال الوزير في أعقاب المباحثات: "اليوم هو بداية رحلة صعبة، والرئيس ترامب ملتزم بإنهاء الحرب في أوكرانيا".
وأكد على ضرورة موافقة كل الأطراف المنخرطة في النزاع على إيجاد حل لإنهائه، مضيفا: "الهدف واضح وهو الوصول لنهاية عادلة ودائمة ومستدامة للحرب".
وقال الوزير الأميركي في مقابلة مع أسوشيتدبرس إن الجانبين اتفقا على استعادة الموظفين في سفارتيهما في واشنطن وموسكو، وإنشاء فريق رفيع المستوى لدعم محادثات السلام في أوكرانيا.

محادثات الرياض
في خطوة دبلوماسية لافتة، استضافت العاصمة السعودية الرياض في 18 فبراير 2025 محادثات رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة وروسيا، بهدف إنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ ثلاث سنوات. ترأس الوفدين وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ونظيره الروسي سيرجي لافروف
وأعلنت الخارجية الأميركية، الثلاثاء، أن المحادثات بين المسؤولين الأميركيين والروس في السعودية، شهدت "اتفاقا على إنشاء آلية تشاور لمعالجة مسببات التوتر" في العلاقات بين البلدين، مضيفة أنه سيتم العمل على إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، "في أقرب وقت ممكن".
وقالت المتحدثة باسم الخارجية، تامي بروس، في بيان عقب الاجتماعات، إن الوزيرين الأميركي ماركو روبيو، والروسي سيرغي لافروف، "اتفقا على الدفع نحو السلام في أوكرانيا"، موضحة أن تلك الجهود في "مراحلها المبكرة".
واتفق الوزيران أيضا على التعاون المستقبلي في المسائل الجيوسياسية والفرص الاقتصادية والاستثمارية الناشئة عن نهاية الصراع في أوكرانيا، وفق رويترز.
وكان ترامب قد أكد، الأحد، أنه قد يلتقي بوتين "قريبا جدا" لمناقشة سبل إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وتحدث ترامب وبوتين لأكثر من ساعة، الأربعاء، وهو أول اتصال مباشر معروف بين رئيسين أميركي وروسي منذ أن أجرى بوتين مكالمة مع الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، قبل وقت قصير من الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.
وقال ترامب إنه اتفق ونظيره الروسي خلال الاتصال، على بدء المفاوضات "فورا" بشأن الحرب في أوكرانيا.
ردود الفعل الدولية حول غياب أوكرانيا
وقد أثار غياب أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين عن هذه المحادثات استياءً في كييف وعواصم أوروبية عدة. عبّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن رفضه لأي نتائج تُستثنى منها بلاده، مؤكدًا أن أوكرانيا لن تقبل بأي اتفاق لم تشارك فيه. بدوره، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اجتماع طارئ للاتحاد الأوروبي لمناقشة تداعيات هذه المحادثات، مشددًا على ضرورة ضمان سلام دائم في أوكرانيا يتطلب انسحاب القوات الروسية وتوفير ضمانات أمنية قوية لكييف.

حتى الآن، ورغم جولات التفاوض السابقة، لا تزال هناك خلافات جوهرية، خاصة فيما يتعلق بالضمانات الأمنية التي تطلبها موسكو، والمساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن لكييف. وإذا لم يكن هناك تنازل حقيقي من أحد الطرفين، فقد تستمر الأزمة لفترة أطول، وربما تتجه نحو مزيد من التعقيد.