عقب غياب استمر 13 عام.. سوريا تستعيد عضويتها في منظمة التعاون الإسلامي

استعادت سوريا لعضويتها في منظمة التعاون الإسلامي تعد خطوة هامة نحو إعادة دمجها في المجتمع الدولي والإقليمي، ومع ذلك، فإن هذه الخطوة ليست نهاية الطريق، بل هي بداية جديدة تتطلب جهودًا متضافرة من جميع الأطراف المعنية لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة بأسرها.
منظمة التعاون الإسلامي (OIC) هي ثاني أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة، وتضم 57 دولة ذات غالبية مسلمة. تأسست المنظمة عام 1969 بهدف تعزيز التضامن الإسلامي والتعاون بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
وكانت سوريا واحدة من الدول المؤسسة للمنظمة، لكنها فقدت عضويتها بشكل مؤقت في عام 2012 بسبب الأزمة السورية التي اندلعت عام 2011.
ومع ذلك، وفي خطوة لافتة، تم استعادتها كعضو كامل في المنظمة خلال القمة الإسلامية الـ15 التي عُقدت في مايو 2023 في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.
أسباب حذف سوريا من عضوية منظمة التعاون الإسلامي
في عام 2012، قررت منظمة التعاون الإسلامي تعليق عضوية سوريا في المنظمة، وذلك نتيجة للأحداث الدامية التي شهدتها البلاد منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

وتشمل أسباب الحذف في النقاط التالية:
العنف وانتهاكات حقوق الإنسان: حيث أنه تصاعد العنف في سوريا بشكل كبير منذ عام 2011، حيث استخدم النظام السوري القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين، مما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا.
تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان أكدت وقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون، التعذيب، والتهجير القسري.
الصراع الطائفي والإقليمي: تحول النزاع في سوريا إلى صراع طائفي معقد، حيث انخرطت قوى إقليمية ودولية في دعم أطراف مختلفة، مما زاد من تعقيد الأزمة.
استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، وهو ما أثار غضبًا دوليًا واسعًا.
تعليق الجامعة العربية لعضوية سوريا: في نوفمبر 2011، قررت جامعة الدول العربية تعليق عضوية سوريا في الجامعة، وهو ما كان له تأثير مباشر على موقف منظمة التعاون الإسلامي، نظرًا للتداخل الكبير بين الدول الأعضاء في المنظمتين.
غياب الحل السياسي: فشل النظام السوري في الاستجابة لمطالب الشعب السوري بالتغيير السياسي والإصلاحات، واستمراره في سياسة القمع والمواجهة العسكرية.
قرار المنظمة
في أغسطس 2012، أعلنت منظمة التعاون الإسلامي تعليق عضوية سوريا في المنظمة، مشيرة إلى أن هذا القرار جاء "استجابة للوضع الخطير في سوريا وما يترتب عليه من آثار مدمرة على الشعب السوري".
وقد شهدت المنطقة تغيرات كبيرة في العلاقات بين الدول، حيث بدأت بعض الدول العربية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر في إعادة بناء العلاقات مع سوريا.
وكانت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى السعودية في مايو 2023 كانت خطوة مهمة نحو إنهاء عزلة سوريا الإقليمية.
عودة سوريا إلى الجامعة العربية:
في مايو 2023، قررت جامعة الدول العربية إعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة بعد تعليق دام لأكثر من 11 عامًا، وهذا القرار كان له تأثير مباشر على موقف منظمة التعاون الإسلامي.
الحاجة إلى دور إقليمي أكبر لسوريا:
وأصبح هناك إجماع بين الدول الأعضاء في المنظمة على ضرورة إعادة سوريا إلى المنظومة الإقليمية لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، خاصة في ظل التحديات المشتركة مثل الإرهاب والأزمات الاقتصادية.

منظمة التعاون الإسلامي
استعادت سوريا عضويتها في منظمة التعاون الإسلامي عقب تعليقها لمدة 13 عاماً، وذلك خلال اجتماع للمنظمة المكونة من 57 عضواً في جدة يوم الجمعة.
وكانت المنظمة قد قررت المنظمة في أغسطس (آب) 2012 تجميد مشاركة سوريا بسبب الحرب الأهلية.

ودعي وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني إلى الاجتماع لتولي مقعد سوريا بعد التصويت، وأظهر مقطع مصور نشره حساب منظمة التعاون الإسلامي، أعضاء المجلس وهم يصفقون عندما دخل الوزير السوري إلى القاعة.
وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان، إن سوريا أبدت ترحيبها باستعادة عضويتها في منظمة التعاون الإسلامي.
ودعا الشيباني، دول المنظمة للوقوف إلى جانب بلاده في هذه المرحلة الحاسمة من إعادة الإعمار، مشيراً إلى احتياج بلاده لدعمهم واستثماراتهم وتضامنهم، لتكون نهضة سوريا شاهداً على وحدة الأمة الإسلامية، ومؤكداً أن الاستثمار في إعادة الإعمار مكسب للأمة الإسلامية بأسرها.
وقال خلال كلمته بالاجتماع: «خلال الأشهر الماضية، أسسنا مرحلة انتقالية تضمن وحدة سوريا وأمانها، ونجحنا في دمج الفصائل ضمن الجيش الوطني لضمان سيادة القانون. كما تم تعيين أحمد الشرع رئيساً انتقالياً، وبدأنا حواراً وطنياً شاملاً لتجاوز عقود من القمع والانقسام».

ردود الفعل حول استعادة العضوية
داخل سوريا: رحبت الحكومة السورية باستعادة العضوية، واعتبرتها خطوة مهمة نحو تعزيز علاقاتها مع العالم الإسلامي.
في المنطقة العربية: جاء القرار مدعومًا من قبل العديد من الدول العربية والإسلامية التي ترى أن الوقت قد حان لإنهاء عزلة سوريا.
المعارضة السورية: أعربت بعض أطياف المعارضة عن قلقها من القرار، معتبرة أنه يمنح النظام السوري شرعية دون تحقيق تقدم حقيقي في العملية السياسية.