مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

قوات سوريا الديمقراطية ومظلوم عبدي: من هم وما دورهم في المشهد السوري؟

نشر
الأمصار

تُعدّ قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إحدى أبرز الفصائل العسكرية في سوريا، حيث تشكلت عام 2015 بدعم مباشر من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بهدف محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

 ومنذ ذلك الحين، لعبت "قسد" دورًا حاسمًا في الصراع السوري، سواء من خلال العمليات العسكرية ضد التنظيمات المتشددة، أو في سياق التوازنات الإقليمية التي جعلتها طرفًا رئيسيًا في المشهد السياسي والعسكري.

وبعد سنوات من محاولات الانفصال وحكم جزء من سوريا فيدراليا، عادة "قوات سوريا الديمقراطية" في الاندماج بقوات الجيش السوري بعد قرار من الرئيس السوري أحمد الشرع. 

ما هي قوات سوريا الديمقراطية؟

 هي تحالف عسكري تشكّل عام 2015، ويضم مجموعات من مختلف العرقيات في شمال وشرق سوريا، بقيادة وحدات حماية الشعب الكردية (YPG). 

ونشأت هذه القوة بدعم مباشر من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتمكنت من تحقيق انتصارات عسكرية مهمة، ما جعلها لاعبًا رئيسيًا في الصراع السوري المعقد.

لكن دور "قسد" لا يقتصر على البعد العسكري فقط، إذ برزت أيضًا كجهة سياسية تسعى لترسيخ حكم ذاتي في المناطق التي تسيطر عليها، ما وضعها في مواجهة مع تركيا والنظام السوري، وحتى بعض العشائر العربية في شرق البلاد.

تأسيس قسد وتكوينها العرقي والعسكري

وأُعلن عن تشكيل قوات سوريا الديمقراطية في أكتوبر 2015 في مدينة القامشلي، بدمج عدة فصائل مسلحة تحت راية موحدة.

 وكان الهدف الأساسي هو خلق قوة عسكرية غير مرتبطة حصريًا بالأكراد، رغم أن عمادها الأساسي ظلّ وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) التي تشكل الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD).

تتألف "قسد" من عدة فصائل، أبرزها:

  • وحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ)، وهما الفصيلان الكرديان الرئيسيان.
  • مجلس دير الزور العسكري ومجلس منبج العسكري، اللذان يضمان مقاتلين عربًا.
  • قوات السوتورو، وهي ميليشيات سريانية مسيحية.
  • جيش الثوار، وهو فصيل معارض للنظام السوري كان جزءًا من الجيش الحر سابقًا.

بدعم أمريكي مباشر، تمكنت "قسد" من تشكيل جيش منظم يمتلك أسلحة ثقيلة ومدرعات، وتلقى مقاتلوه تدريبات على يد قوات التحالف، مما منحها قدرة قتالية عالية في المعارك ضد داعش.

مظلوم عبدي: القائد العسكري وصانع التحالفات

مظلوم عبدي، المعروف أيضًا باسم فرهاد عبدي شاهين، وُلد عام 1967 في مدينة عين العرب (كوباني) شمالي سوريا. 

ويُعتبر أحد أبرز القادة العسكريين الأكراد، حيث بدأ نشاطه العسكري في صفوف حزب العمال الكردستاني (PKK)، وهو التنظيم الذي تصنفه تركيا إرهابيًا.

ومع اندلاع الأزمة السورية، أصبح عبدي القائد الفعلي لوحدات حماية الشعب (YPG)، وقاد معارك ضد داعش بدعم أمريكي، ما عزز مكانته كحليف رئيسي للولايات المتحدة في المنطقة.

وتميزت قيادة مظلوم عبدي بالقدرة على التفاوض وإدارة العلاقات مع قوى متضاربة، حيث تمكن من:

  1. كسب الدعم الأمريكي: كان لعبدي دور رئيسي في التنسيق مع البنتاغون، مما وفر دعمًا عسكريًا وسياسيًا لقسد.
  2. إدارة الخلافات مع النظام السوري: رغم العداء الظاهري، دخلت قسد في تفاهمات محدودة مع دمشق لمواجهة تركيا.
  3. التحرك بحذر في مواجهة أنقرة: حاول عبدي تجنب الصدام المباشر مع تركيا، لكنه لم يتمكن من منع عملياتها العسكرية ضد قواته، مثل عملية "نبع السلام" عام 2019.

انتصارات قسد العسكرية ومناطق نفوذها

وحققت قوات سوريا الديمقراطية سلسلة من الانتصارات العسكرية ضد داعش، أبرزها:

  1. تحرير كوباني (2015): كانت المعركة الأولى التي أكسبت قسد سمعة دولية، حيث استطاعت طرد داعش من المدينة بعد أشهر من القتال العنيف.
  2. معركة منبج (2016): مكّنت "قسد" من طرد داعش من المدينة الاستراتيجية، ما قطع أحد خطوط الإمداد بين تركيا والمناطق التي يسيطر عليها التنظيم.
  3. معركة الرقة (2017): تُعدّ أكبر انتصار لقسد، حيث تمكنت من السيطرة على معقل داعش الرئيسي في سوريا بدعم أمريكي.
  4. معركة دير الزور (2018-2019): استهدفت المعاقل الأخيرة لتنظيم داعش، وانتهت بإعلان سقوط التنظيم فعليًا في الباغوز عام 2019.

بعد هذه الانتصارات، أصبحت "قسد" تسيطر على شمال شرق سوريا، الذي يشمل أجزاء كبيرة من الحسكة، الرقة، دير الزور، ومنبج. 

وتُدير هذه المناطق عبر الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وهي كيان سياسي تسعى قسد لجعله جزءًا من أي تسوية مستقبلية في سوريا.

التحديات التي تواجه قسد

ورغم النجاحات العسكرية، تواجه قوات سوريا الديمقراطية تحديات كبرى، أبرزها:

  1. الضغوط التركية: ترى تركيا أن "قسد" ليست سوى امتداد لحزب العمال الكردستاني، وقد شنت ضدها عدة عمليات عسكرية، أبرزها "درع الفرات" (2016)، "غصن الزيتون" (2018)، و"نبع السلام" (2019)، ما أدى لفقدان قسد بعض المناطق.
  2. العلاقة المتوترة مع النظام السوري: رغم وجود محاولات للتقارب، لا تزال دمشق ترفض الاعتراف بالإدارة الذاتية، مما يهدد مستقبل المشروع الكردي في سوريا.
  3. الانقسامات الداخلية: بعض العشائر العربية في دير الزور والرقة تعارض حكم قسد، ما أدى لاندلاع اشتباكات محلية.
  4. تراجع الدعم الأمريكي: مع تقلبات السياسة الأمريكية، خصوصًا بعد قرار واشنطن بسحب جزء من قواتها عام 2019، أصبح مستقبل "قسد" أكثر غموضًا.