مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

«فضيحة سيغنال».. تسريبات صادمة تهدد ثقة الحلفاء في الإدارة الأمريكية

نشر
الأمصار

في واقعة غير مسبوقة، اهتزت أروقة الأمن القومي الأمريكي إثر فضيحة مدوية كشفت عن تسريب خطط عسكرية حساسة عبر تطبيق المراسلة المشفر "سيغنال"، مما يضع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في موقف حرج أمام الحلفاء.

فبعد أن كشف الصحفي الأمريكي جيفري غولدبرغ من مجلة "ذا أتلانتيك" عن أنه تمت إضافته لمجموعة دردشة جماعية عبر تطبيق "سيغنال" تضم مسؤولي الأمن القومي في الولايات المتحدة مثل وزير الدفاع بيت هيغسيت ومستشار الأمن القومي  مايك والتز.

وفي الوقت الذي بحث فيه المسؤولون مسألة قصف الحوثيين في اليمن كان غولدبرغ مطلعا على المناقشات بالغة الحساسية، قبل أن يرسل وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث خطط الحرب في فضيحة تمنح الدول المعادية نظرة ثاقبة على النهج المتهور لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في صنع القرار العسكري وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "تليغراف" البريطانية في تقرير لها.

وقال التقرير "كنا نعلم أن إدارة ترامب تستهزئ بالتقاليد؛ وكنا نعلم أن الأمريكيين ذوي النفوذ غالبًا ما يثقون بالصحفيين ويسمحون لهم بوصول استثنائي"، مشيرة إلى كل من بوب وودوارد وغولدبرغ وتساءل التقرير "هل يمكن لأحد أن يتخيل سابقةً لإطلاع صحفي ربما عن طريق الخطأ في نقاشٍ بالغ الأهمية حول عملية عسكرية وشيكة؟".

وما يجعل هذا الخرق الأمني لافتًا للنظر هو أن غولدبرغ لم يكن مشاركًا فقط في النقاش الدائر بين الأطراف الرئيسية، عما إذا كان ينبغي ضرب الحوثيين أم لا، لكنه أكد أنه كان لديه أيضًا معرفة مسبقة بتوقيت العملية وأهدافها وهي معلومات كان من الممكن أن تُكلف أرواحًا أمريكية لو سقطت في أيدي العدو بحسب "تليغراف".

وتساءلت الصحيفة "كيف حدث هذا؟ لماذا لم تُناقش هذه المسألة برمتها شخصيًا من قِبل الشخصيات الرئيسية، مجتمعةً داخل غرفة آمنة يُلقي فيها الجميع هواتفهم الذكية في صندوق فولاذي خارج الباب؟" وتساءلت كيف تتم عملية اتخاذ قرارات عسكرية مصيرية بهذه الطريقة العشوائية.

كما كان غياب ترامب نفسه عن المناقشات أمرا غريبا، وربما يكون جي دي فانس نائب الرئيس قد نقل وجهة نظر ترامب، وربما يرى الرئيس الأمريكي أن جمع مسؤوليه في غرفة عمليات البيت الأبيض لمثل هذا النوع من النقاش هو أمرٌ مُملّ وتقليدي.

والآن، فقد أتيح لأجهزة الاستخبارات المُعادية للولايات المتحدة فرصة لفهم نهج إدارة ترامب المُتساهل في اتخاذ القرارات الحيوية وهو ما يعني أن العواقب ستكون وخيمة إذا لم تتم مراعاة الإجراءات الأمنية القياسية بشكلٍ صحيحٍ في المستقبل.

وبغض النظر عن المخاطر العملياتية على حياة أفراد الجيش الأمريكي، فالسؤال الآن ما هي الدولة التي يمكن أن تشارك المعلومات الاستخباراتية عن طيب خاطر مع إدارة يتصرف كبار مسؤوليها بهذه الطريقة؟.

هيغسيث مع ترامب
هيغسيث مع ترامب

فضيحة «سيغنال».. 4 أسئلة تشعل جدلا في الولايات المتحدة

ويثير تورط هيغسيث في الفضيحة تساؤلات حول كفاءة الرجل، الذي أقره مجلس الشيوخ رغم افتقاره للخبرة الرسمية، حيث كان آخر منصب له قبل توليه قيادة "البنتاغون" هو تقديم برنامج على قناة "فوكس نيوز".

ووفقا لغولدبرغ، يبدو أن مستشار الأمن القومي مايك والتز قد أضافه إلى محادثة جماعية على منصة الرسائل الخاصة والمشفرة "سيغنال".

وضمت مجموعة "سيغنال"، ملفات شخصية يبدو أنها مرتبطة بنائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، وهيغسيث، ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، ومستشار البيت الأبيض، ستيفن ميلر، ومدير وكالة المخابرات المركزية، جون راتكليف، وآخرين.

وطرحت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عددا من الأسئلة فعلى سبيل المثال لماذا استخدم هؤلاء المسؤولون تطبيق مراسلة معروفا برسائله التي تختفي تلقائيًا، وتديره منظمة غير ربحية خاصة؟ وهو الأمر الذي قد يتعارض مع القوانين التي تشترط الاحتفاظ بالسجلات، والقوانين المتعلقة بالمعلومات السرية وبروتوكولات مناقشتها.

والسؤال الثاني: لماذا يشعر هيغسيث بالراحة في إرسال خطط الحرب في بيئة غير سرية؟

ولم ينشر غولدبرغ ما أرسله وزير الدفاع بالضبط، لكنه أشار إلى أن الرسائل تضمنت "معلومات حول الأهداف والأسلحة التي ستنشرها الولايات المتحدة وتسلسل الهجمات".

والسؤال الثالث: هل ستكون هناك عواقب لهذا الاختراق الواضح؟ فعادة ما يؤدي مثل هذا الاختراق إلى الفصل من العمل أو السجن، حيث يسارع الكونغرس إلى فتح تحقيق انطلاقا من دوره المُفترض لتوفير الضوابط والتوازنات للسلطة التنفيذية.

لكن من غير المتوقع أن يتم التحقيق في الفضيحة مع تمتع الجمهوريين بأغلبية ضئيلة في مجلسي النواب والشيوخ، وفق "سي إن إن".
أما السؤال الرابع فيتعلق بالمفارقة الواضحة الخاصة بترامب؛ فعندما سُئل في البداية عن تقرير غولدبرغ، انتقد مجلة "ذا أتلانتيك"، لكنه قال إنه ليس على دراية بالموضوع.

ويُفترض أن يكون ترامب مُلِمًّا بكيفية سير الأمور خاصة فيما يتعلق بالمواد الحساسة، حيث واجه سابقا تهمة سوء التعامل مع بيانات سرية بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021.

ودائما ما هاجم ترامب استخدام وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون لخادم بريد إلكتروني خاص ومناقشتها مواد سرية في رسائلها الإلكترونية.

والآن، يبدو أن قادة فريق الأمن القومي الأمريكي بأكمله يستخدمون نظامًا غير سري لمناقشة مواد حساسة.