إسرائيل تدرس خيار قبول حكم «حماس» في غزة مُقابل هدنة طويلة الأمد

في ظل التغيرات الإقليمية والواقع الميداني، تدرس «إسرائيل» خيار قبول حكم حركة «حماس» في قطاع غزة مُقابل التوصل إلى هدنة طويلة الأمد. ويأتي هذا التوجه في إطار سعيها لتحقيق استقرار أمني وتقليل "التصعيد"، وسط نقاشات داخلية حول جدوى التعامل مع «حماس» كسُلطة أمر واقع في القطاع.
وتُشير التقارير إلى أن هذا الخيار قد يشمل تفاهمات تضمن وقف الأعمال القتالية لفترة مُمتدة، مُقابل تخفيف القيود على «غزة»، في خطوة قد تُعيد رسم معادلة الصراع في المنطقة.
توصية إسرائيلية بقبول حماس كأمر واقع والسعي لهدنة مُستدامة
وفي هذا الصدد، أفادت «تقارير إعلامية إسرائيلية»، بأن "وحدة تنسيق العمل الحكومي" اقترحت قبول حكم «حماس» في غزة، وأوصت بالسعي إلى هدنة طويلة الأمد.
وقالت القناة «12» العبرية: إن المجلس الوزاري المصغر أوصى بالعودة إلى خطة ما قبل "7 أكتوبر"، تماشيًا مع توصيات وحدة التنسيق الحكومي.
وأوضحت القناة، أن هذه الخطة وُضعت في يونيو 2023 بمشاركة رئيس الأركان السابق «هرتسي هليفي»، إلى جانب جهاز الشاباك وقيادة المنطقة الجنوبية.
وقد أعلنت حركة حماس، أمس السبت، قبولها اقتراحًا جديدًا لوقف إطلاق النار في غزة، بينما قدمت إسرائيل آخر "بالتنسيق الكامل" مع الولايات المتحدة، حسبما أفادت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية.

وفي وقتٍ سابقٍ من هذا الأسبوع، نقلت «أسوشيتد برس»، تفاصيل اقتراح عودة وقف إطلاق النار، والذي تضمن إفراج حماس عن خمسة محتجزين أحياء - بينهم أمريكي إسرائيلي - مُقابل سماح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى القطاع، ووقف القتال لمدة أسبوع، بينما تقوم إسرائيل بالإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين.
وبحسب الوكالة الأمريكية، لم يُقدم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أي تفاصيل بشأن الاقتراح الإسرائيلي المُضاد، والذي قال إنه قُدِّم بعد مشاورات جرت يوم الجمعة.
إسرائيل تستأنف القتال ضد حماس بغارات مُكثفة
قبل أسبوع ونصف، أنهت إسرائيل وقف إطلاق النار مع حماس بشن موجة مُفاجئة من الغارات؛ أسفرت عن وفاة مئات الفلسطينيين، بينما حمّل البيت الأبيض حماس مسؤولية تجدد القتال.
والسبت، وسّعت إسرائيل نطاق عملياتها البرية في مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، وفي وقت سابق من هذا الشهر، قطعت إسرائيل مرة أخرى كل الإمدادات إلى غزة للضغط على حماس لقبول شروط جديدة لوقف إطلاق النار الذي بدأ في منتصف يناير الماضي.
وقالت حماس: إنها لن تُطلق سراح المحتجزين المتبقين، إلا مُقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين ووقف إطلاق نار دائم وانسحاب إسرائيل من غزة.
وفي ظل إحباطهم من التهديد الذي يُواجهه المحتجزون المتبقون في غزة، خرج أهالي المحتجزين الإسرائيليين وغيرهم في مظاهرات مرة أخرى، مساء السبت، للمطالبة باتفاق من شأنه إعادة الجميع إلى ديارهم.
ووفقًا لـ"أسوشيتد برس"، اندلعت مناوشات طفيفة بين المتظاهرين في تل أبيب -الذين هتفوا "ثمن حربكم حياة المحتجزين"- وقوات الشرطة الإسرائيلية.
حماس: «مُستعدون لوقف إطلاق النار وفق عرض الوسطاء»
في غضون ذلك، أكد رئيس حركة حماس في غزة «خليل الحية»، أن الحركة تسلمت قبل يومين مقترحًا من الوسطاء في مصر وقطر بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مُشيرًا إلى أن الحركة تعاملت معه بإيجابية ووافقت عليه.
وقال «الحية»، في كلمة له بمناسبة عيد الفطر: إن "حماس حريصة على شعبها، وتعاملت بمسؤولية مع جميع العروض بهدف تحقيق أهدافها بوقف الحرب.. نأمل ألا يعطل الاحتلال الإسرائيلي هذا المقترح أو يجهض جهود الوسطاء".
وأضاف رئيس حركة حماس في غزة: "سلاح المقاومة خط أحمر".
وأوضح «الحية»، أن الحركة "تعمل على تحقيق وحدة الصف الفلسطيني واستثمار نتائج المواجهة الأخيرة، وذلك من خلال وقف العدوان الإسرائيلي وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية والعمل المشترك لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، مع ضمان حق اللاجئين في العودة".
وأشار إلى أن "حماس أجرت تحركات سياسية لتحقيق هذه الأهداف، حيث زارت وفود منها روسيا والصين مرتين، كما أبرمت اتفاقًا مع القوى والفصائل الفلسطينية لتشكيل حكومة توافق وطني من شخصيات مستقلة وخبراء".
تصريحات قوية من رئيس حركة حماس
وتابع «الحية»، أن حماس "استجابت للمقترح المصري القاضي بتشكيل لجنة إسناد مجتمعي لإدارة قطاع غزة، بحيث تتولى شخصيات وطنية مستقلة مسؤولية إدارة القطاع بالكامل فور التوصل إلى اتفاق"، مُشددًا على أن هذه الخطوة تهدف إلى "قطع الطريق أمام أي دعاية يُمكن أن يُروّجها الاحتلال".
ولفت إلى أن "المشاورات حول تشكيل اللجنة وصلت إلى مراحل متقدمة، حيث قدمت الحركة والفصائل الفلسطينية مجموعة من الأسماء لشخصيات مستقلة ومهنية للأشقاء في مصر"، مُعربًا عن أمله في أن يتم الإسراع في تشكيلها بعد حصولها على دعم عربي وإسلامي.
واتهم الحية "الاحتلال الإسرائيلي بالمماطلة والتهرب من تنفيذ الاتفاق"، وقال: "الاحتلال يُواصل التسويف لإنقاذ حكومة نتنياهو"، مُؤكدًا أن الأخير راوغ طوال العام الماضي وأجهض جميع محاولات الوسطاء للتوصل إلى اتفاق.
وشدد على أن حماس التزمت بجميع بنود الاتفاق رغم الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، مُطالبًا "الاحتلال بعدم تعطيل المقترح الذي وافقت عليه الحركة"، واصفًا في الوقت ذاته صمود الشعب الفلسطيني في وجه العدوان بأنه "الصخرة التي تتحطم عليها كل مخططات الأعداء".
وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو»، أن الأخير أجرى سلسلة مشاورات بشأن مقترح جديد تلقته إسرائيل من الوسطاء، وتم تقديم اقتراح مضاد بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
«حماس» تُكذّب تصريحات منسوبة لـ«خالد مشعل» حول التخلي عن إدارة غزة
من جهة أخرى، وفي وقت سابق، أوضحت حركة «حماس»، أن التصريحات المتداولة حول "تخليها عن إدارة غزة" والمنسوبة لـ«خالد مشعل»، "كاذبة" ولا أساس لها من الصحة، مُؤكدة أن "البيانات والتصريحات الرسمية تُنشر عبر القناة الرسمية للحركة".
وقالت الحركة في بيان عبر قناتها على منصة «تليجرام»، إن "ما ورد من تصريح كاذب على لسان الأخ المجاهد خالد مشعل رئيس حركة حماس في الخارج لم يُصدر عنه وهي عبارة عن إشاعات تبثها بعض الجهات المعادية للحركة والمقاومة".
التصريح المنسوب لمشعل
وفي التصريح المنسوب لـ"مشعل" والذي نفته الحركة يقول: "استجابة لرغبة الشعب وحقنًا للدماء قررنا التخلي عن إدارة غزة بما يُحقق مصلحة شعبنا ويُخفف من معاناته".
وتظاهر فلسطينيون ضد حماس في شمال غزة، يوم الثلاثاء، فيما بدا أنه أكبر احتجاج ضد الحركة المسلحة منذ هجماتها على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.
كما خرج المئات من المتظاهرين في بيت لاهيا بقطاع غزة، مُطالبين بـ"خروج حماس" من غزة ووقف الحرب.
وأظهرت لقطات المتظاهرين وهم يُرددون هتافات من بينها "لا حماس ولا الجهاد، بدنا نحافظ على البلاد"، و "برا برا، حماس تطلع برا".
الشعارات المعارضة لحركة حماس
وعقب المكتب الإعلامي الحكومي لحركة حماس في غزة، على المظاهرات، قائلًا: إن "الشعارات المعارضة للحركة التي رفعت في احتجاجات خرجت ضدها الثلاثاء كانت عفوية ولا تعكس الموقف الوطني العام".
وأضاف المكتب في بيان يوم الأربعاء: "أي شعارات أو مواقف عفوية يُصدرها بعض المتظاهرين ضد نهج المقاومة لا تُعبّر عن الموقف الوطني العام، بل تأتي نتيجة للضغط غير المسبوق الذي يتعرض له شعبنا، ومحاولات الاحتلال المستمرة لإثارة الفتنة الداخلية، وصرف الانتباه عن جرائمه المستمرة".
وتابع أنه "ومع استمرار العدوان الإسرائيلي واستهداف المدنيين، قد يُسبب ذلك حالة من الغضب العارم والاستياء الشعبي وهو أمر طبيعي في ظل هذه الجرائم المتواصلة".
عائلات وعشائر محافظات جنوب غزة: «يجب على حماس رفع اليد عن القطاع فورًا»
وفي وقت سابق، أعلنت «عائلات وعشائر محافظات جنوب غزة»، موقفها الرافض لاستمرار سيطرة حركة حماس على القطاع، مُؤكدةً أن "الأوضاع الراهنة لم تعد تحتمل مزيدًا من المعاناة"، ومُطالبةً الحركة برفع اليد عن غزة فورًا لإتاحة الفرصة أمام حلول تُنهي الأزمة المُستمرة مُنذ سنوات.