مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

النهضة التونسية.. في الداخل خلاف وفي الخارج صراع معلن (تفاصيل)

نشر
الأمصار

في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وبالتحديد عام 1972، تأسست حركة تونسية، عُرفت في بدايتها بأنها ممثلة للتيار الإسلامي في البلاد، وحملت اسم “حركة الاتجاه الإسلامي“.

وفي السادس من يونيو عام 1981، أعلنت الحركة عن نفسها رسميًا، لتحمل فيما بعد اسم “حركة النهضة“، وبالتحديد في عام 1989، ويتعرف العالم على أبرز مؤسسيها راشد الغنوشي، وعبد الفتاح مورو، إلا أنها لم يعترف بها كحزب سياسي إلا بعد هذا التاريخ بسنين.

تغيرات مفصلية

في عام 2011، وبعد سقوط النظام التونسي، ورحيل الرئيس السابق زين العابدين بن علي، أُعترف بالحركة لأول مرة كحزب سياسي.

ووفقًا لموقع الحركة، فإن الحزب “وطني” ذو مرجعية”إسلامية” يعمل في إطار الدستور التونسي، وأحكام المراسيم الخاصة بالأحزاب السياسية في تونس، في ظل النظام الجمهوري، وتسعى لترسيخ قيم المواطنة والحرية والمسؤولية والعدالة الاجتماعية والنضال، من أجل وحدة المغرب العربي التي هي منطلق الوحدة العربية والإسلامية، كما يضع الحزب تحرير فلسطين ضمن مبادئه الرئيسة.

ووفقًا لموقع الحركة أيضًا، يعتمد الحزب التداول على المسؤولية والديمقراطية في اتخاذ القرارات والتكليف بالمسؤوليات ووضع الرؤى والبرامج.

ماذا حدث في حركة النهضة؟

عقب موجة الربيع العربي في 2011، كشف راشد الغنوشي، في مقابلة صحفية، أن ثمة قوات مضادة تتمثل في بقايا النظام السابق تعمل على فشل فيما أسماه بـ الثورة التونسية، مشيرا إلى أنه لا يطمح في السلطة وسيترك منصبه قريبًا، مضيفًا: أن الشباب هو الذي قام بالثورة، فلا بد من تشجيعه ليكون في الواجهة.

وبداية من شهر سبتمبر 2019، توالت الاستقالات داخل حركة النهضة، كأنها عقد منفرط، بدأت بالقياديين زبير الشهودي، ولطفي زيتون، لتشهد وتيرة الاستقالات تصاعدًا بتقديم الأمين العام للحركة، زياد العذاري، في نوفمبر من العام نفسه، استقالته وإعلانه تخليه عن كل مسؤولياته داخل الحركة.

العذاري أرجع السبب لقرار استقالته المفاجئ بأنه “غير مرتاح” للمسار الذي اتخذته بلاده، وقرارات الحركة، وخاصة في ملف تشكيل الحكومة، واصفًا القرار بأنه لا يرتقي إلى طموحات التونسيين، التي عبروا عنها بانتخاباتهم.

وتابع في تدوينة نشرها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن الحركة بصدد استعادة نفس أخطاء الماضي، مشيراً إلى ضرورة أن تكون الحكومة القادمة، حكومة إصلاح، لا مكان فيها لا للمحاصصة ولا للهواية، بحسب تعبيره.

كما انتقد العذاري تكليف النهضة الحبيب الجملي، وقتها، بتشكيل الحكومة، قائلاً: “كنت أرى أن حصول النهضة على رئاسة البرلمان يقتضي الذهاب في الحكومة إلى شخصية انفتاح مستقلة مشهود لها بأعلى درجات الكفاءة والنزاهة والجرأة تطمئن وتجمع أوسع طيف ممكن من التونسيين، وتكون قادرة على استعادة الثقة في الداخل وتعزيز إشعاع تونس في الخارج”.

انتقادات متتالية للغنوشي

بعد استقالة العذاري، تعالت الأصوات المنتقدة لمسار حركة النهضة، والتي حملت معظمها عنوانًا أبرز وهو “راشد الغنوشي”.

وخرج القيادي في الحركة، محمد سالم، ليعلن في تصريحات صحفية، أن النهضة تحوي كثيراً من المرتزقة وأن صهر الغنوشي هو المُقدَم على الجميع، وأن الديمقراطية تعاني كثيراً داخل حركة النهضة، وأن من دفعوا أعمارهم هم أكبر الضحايا، كما اعتبر أن الحركة تسير نحو الخوصصة (تحويل الملكيات العامة إلى أشخاص معنويين) منذ أن أصبح المكتب التنفيذي يرفض أن يكون منتخباً.

فيما دعا القيادي زبير الشهودي، عند كتابة نص استقالته، رئيس الحركة راشد الغنوشي إلى اعتزال السياسة وملازمة بيته وإبعاد صهره رفيق عبد السلام وكل القيادات التي قال إنهم “دلسوا إرادة كبار الناخبين داخل الحركة”.

 

استقالة العذاري
العذاري تونس

عريضة توقيعات

وفي سبتمبر عام 2020، أصدر 100 شخص من الشخصيات المنتمية لحركة النهضة، والقريبة منها بيانا تطالب فيه راشد الغنوشي بالالتزام بالفصل 31 من القانون الداخلي خلال المؤتمر القادم والذي يمنع عليه تجديد ترشحه لرئاسة الحركة.

وأخذت العريضة، منهج النصح للغنوشي، بالحفاظ على ما أسمته “مسيرته النضالية ورمزيته التاريخية”.

في السياق نفسه، كانت بعض القيادات في حزب النهضة، أكثر حسمًا وحزمًا، ونددت بنزعة الانفراد بالسلطة لدى الغنوشي، وعبروا عن قلقهم لتوظيف الغنوشي والقريبين منه إمكانيات الحزب للتلاعب بانتخابات مؤتمر الحركة.

اتهامات خارجية.. النهضة أكثر الأحزاب فسادًا

في أكتوبر من العام نفسه، هاجم وزير الدولة التونسي، السابق، والمكلف بملف مكافحة الفساد الحركة، محمد عبو، قائلًا إنها أكثر الأحزاب السياسية فسادًا في تونس.

وأضاف في مقابلة مع قناة تلفزيونية تونسية أن حركة النهضة حاكت الدسائس لسحب البساط من تحت قدمي رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ، مما أدى إلى استقالته قبل أشهر من هذا التصريح.

خلافات تؤجل مؤتمر حركة النهضة

في نوفمبر 2020، قرر مجلس شورى حركة النهضة، تأخير موعد مؤتمر الحركة، الذي كان من المقرر عقده في ديسمبر من العام نفسه، إلى موعد لاحق.
وشهدت أعمال مجلس الشورى في دورته هذه، تصاعد الخلافات، بين جناح يدعم بقاء الغنوشي على رأس الحركة، وجناح يرفض.

خلافات مع رئيس الجمهورية

في يناير 2021، ظهر على سطح الخلاف اسم الرئيس التونسي، المنتخب حديثا، قيس سعيد، وأشارت وسائل الإعلام العالمية والمحلية، إلى خلافات بين الرئيس، ورئيس حكومته المدعوم من حركة النهضة، هشام المشيشي.

وبينما كان مجلس نواب الشعب، الذي يخضع لحراسة مشددة، يصوت على تعديل وزاري في الشهر نفسه، لم يُعرض على سعيد، خرج التونسيون في مسيرة أمام مقره استكمالا لاحتجاجات على الفقر ونقص الوظائف، أسفرت عن مقتل متظاهر شاب وسجن المئات.

وشمل التعديل الوزاري الذي نال موافقة البرلمان 11 وزيرا، من بينهم وزراء جدد للعدل والداخلية والصحة، بعد أن استبعد رئيس الحكومة وزراء مقربين من الرئيس قيس سعيد.

وأشار الرئيس إلى أن التعديل غير دستوري من الناحية الإجرائية، مستنكرا عدم وجود نساء بين الوزراء الجدد. وأضاف أن بعضهم تحيط به شبهة تضارب المصالح.

ووصلت حدة التوتر، إلى تلقي الرئاسة التونسية، في يناير أيضًا ظرفا مشبوها يحتوي على مسحوق، وصف بأنه “محاولة لتسميم” سعيد، بحسب ما جاء في بيان أصدرته الرئاسة التونسية.

بيان الرئاسة التونسية

تقليص صلاحيات الرئيس

وفي الثلث الأخير من أبريل العام الحالي، تقدمت حركة النهضة بمقترح، لتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية.

وينص المقترح الجديد، بتعديل القانون الانتخابي الحالي، الذي ينص على منح صلاحيات للرئيس فيما يخص الدعوة إلى الانتخابات أو الاستفتاء، وتحويلها من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة.

ويقول محللون إن حركة النهضة تسعى من خلال هذا المقترح، إلى تجريد الرئيس من إمكانية الدعوة إلى انتخابات مبكرة، في ظل تواصل الأزمة السياسية، وترمي من وراء ذلك إلى ممارسة ضغط على رئاسة الجمهورية في اتجاه إقرار التعديل الوزاري الأخير، الذي رفضه سعيد.

ووصل الأمر ذروته عندما هاجم الرئيس التونسي تيار الإسلام السياسي، قبل يوم واحد من بدء شهر رمضان، منتقدًا استغلال بعض القوى السياسية للشهر من أجل تحقيق مكاسب سياسية.

ولاتزال الخلافات مستمرة، بين عناصر الحركة من جهة في الإبقاء على الغنوشي بين جناح مؤيد ومعارض، وبين الحركة ورئيس الجمهورية من جهة أخرى، فمن ياترى ينجو من الخلافات، ويكمل كتابة التاريخ التونسي؟