مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

حسان يوسف ياسين يكتب: «النظام العالمي والفوضى كما يُرى من الشرق الأوسط»

نشر
حسان يوسف ياسين
حسان يوسف ياسين

كلمات ويليام شكسبير في مسرحية «كما تشاء»، تُخبرنا أن «العالم مسرح، والرجال والنساء مجرد ممثلين»، تبدو صحيحة، خصوصاً اليوم في عالم يتأرجح يومياً بين المأساة والكوميديا. وسط كل هذا الاضطراب، يمكن لشبه الجزيرة العربية أن تفخر بالوضوح الذي جعلها واحة للسلام والحوار. ففي الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل قصف غزة كما لو كانت وحشاً هائجاً يحمل قنبلة نووية بين أنيابه، وبينما تستعر الحرب في قلب أوروبا بتكلفة بشرية ومادية هائلة، تواصل دول شبه الجزيرة العربية البحث بلا كلل عن حلول وتسويات وأرضية مشتركة بين الأطراف المتنازعة.

تتولى سلطنة عُمان قيادة محادثات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة لتهدئة التوترات الإقليمية، وفي نهاية المطاف، أملاً في التوصل إلى اتفاق سلمي بين البلدين حول القضية النووية الإيرانية. وتقوم دولة قطر بدور الوسيط النشط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بمن فيهم ممثلو حركة «حماس»، ساعيةً إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، والسماح على المدى الطويل بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة. وقد أسهمت المملكة العربية السعودية في كل هذه الجهود على مر السنين، كما استضافت مؤخراً محادثات دولية بين الولايات المتحدة وروسيا؛ لإنهاء القطيعة بينهما والحرب المدمرة في أوكرانيا.

أستطيع التحدث بشكل أفضل عن بلدي، المملكة العربية السعودية، التي حققت إنجازات عظيمة لشعبها وللسلام والاستقرار العالمي في السنوات الأخيرة. فالسعودية تقوم ببناء شرق أوسط جديداً ومملوءاً بالأمل، يمكن أن يصبح نموذجاً يحتذى به في أنحاء العالم. عندما أعلن الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان «رؤية 2030» منذ نحو تسع سنوات بالضبط، كان هناك كثير من الشكوك الدولية حول التغييرات المنتظرة في المملكة، فضلاً عن المشاريع المستقبلية الطموحة مثل مدينة نيوم. أما اليوم، فقد ثبت بوضوح خطأ المشككين، حيث أصبح المجتمع السعودي شاباً ونابضاً بالحياة، ويتمتع بفرص جديدة له ولوطنه.

لم تَعُد النساء السعوديات مجرد مشاركات في مسيرة التقدم والنجاح الوطني، بل فاق تمثيلهن في سوق العمل، وفي القطاع العام، وفي المناصب الإدارية العليا، أكثر التوقعات تفاؤلاً. وتفخر المملكة اليوم بمراكز تعليم وأبحاث متقدمة مثل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، حيث يُخصّص نحو 20 في المائة من ميزانية المملكة للتعليم، وتشكل الطالبات 60 في المائة من خريجي الجامعات. كما أصبحت السعودية رائدة في مجالات الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المالية، والرعاية الصحية، ناهيك بمواقع التراث الاستثنائية مثل العُلا أو مشروع المربع للتطوير الحضري في الرياض.

هذا هو الواقع في المملكة العربية السعودية اليوم؛ بلد يبني شرق أوسط جديداً عبر تقديم فرص جديدة وبناء السلام بدلاً من حمل الضغائن. إن الرجال والنساء في السعودية وفي دول الشرق الأوسط الأخرى يضيئون العالم ببريق من النور والأمل، ويقودون الطريق نحو السلام في وقت ينادي فيه آخرون بالحرب.

وبصفتها مهد الديانات التوحيدية الثلاث، لا تزال منطقة الشرق الأوسط تلعب دوراً لا غنى عنه بعد ألفَي عام في نشر رسالة السلام والتعاطف للعالم. وهذه الثقافة العريقة تُظهر لأوروبا والولايات المتحدة أن شعوب الشرق والغرب المحبة للسلام تتطلع إلى الشرق الأوسط بوصفه نقطة محورية للأمل والسلام في العالم.

نقلًا عن صحيفة «الشرق الأوسط».