تسريبات «سيجنال 2» تُفجّر أزمة داخل البنتاجون.. وزير الدفاع الأمريكي يُواجه دعوات للإقالة

تعيش أروقة «وزارة الدفاع الأمريكية» حالة من الغليان بعد تسريبات حساسة عُرفت إعلاميًا باسم "سيجنال 2"، والتي كشفت معلومات وقرارات اعتُبرت مُتهورة ومُرتبكة في دوائر صنع القرار العسكري. وقد فجّرت هذه التسريبات عاصفة من الانتقادات، ووضعت وزير الدفاع «بيت هيجسيث» تحت ضغط غير مسبوق، وسط دعوات مُتزايدة لإقالته بدعوى افتقاره للخبرة وتهديده للأمن القومي بسوء التقدير.
وزير الدفاع الأمريكي في مرمى الانتقادات
وفي هذا الصدد، وجهت تقارير إعلامية جديدة ضربة قوية لوزير الدفاع الأمريكي، بعدما زعمت أنه أجرى نقاشات عسكرية سرية عبر تطبيق "سيجنال"، بحضور أفراد من عائلته ومُقربين منه، في خطوة أثارت جدلاً واسعًا واتهامات بعدم المهنية.
وقبل نحو شهر، شهد «البنتاجون» حالة من الارتباك، بعد تسريب محادثات جماعية عبر تطبيق "سيجنال" جمعت بين عدد من كبار مسؤولي إدارة ترامب، من بينهم نائبه ووزير الدفاع «بيت هيجسيث»، إلى جانب قادة أجهزة المخابرات. وقد دار النقاش حول "هجوم أمريكي مُحتمل على اليمن"، بحضور صحفي تمّت إضافته عن طريق الخطأ.
تفاصيل هجوم أمريكي على الحوثيين
وخلال الساعات الماضية، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أن «هيجسيث» شارك أيضًا تفاصيل هجوم أمريكي على الحوثيين في محادثة ثانية على التطبيق نفسه (سيجنال) قام بإنشائها بنفسه، وأضاف فيها زوجته وهي منتجة سابقة في قناة «فوكس نيوز»، وشقيقه ومحاميه الشخصي ونحو (11) شخصًا آخرين من زملائه الشخصيين.
وبحسب التقرير، أرسل «هيجسيث» إلى المجموعة بعض المعلومات نفسها، بما في ذلك جداول رحلات طائرات ستضرب أهداف الحوثيين في اليمن، وهي المعلومات نفسها التي شاركها مع كبار المسؤولين في المحادثة التي أنشأها مايك والتز، مستشار الأمن القومي الأمريكي.
ترامب يدعم هيجسيث
وفور الكشف عن المحادثات الجديدة، سارعت إدارة الرئيس الأمريكي، إلى محاولة التقليل من الأمر ونفيها، وأصر البيت الأبيض، بحسب "الجارديان" البريطانية، على عدم مشاركة «هيجسيث» أي معلومات سرية على منصة الرسائل "سيجنال"، وأن دونالد ترامب يثق فيه ثقة مُطلقة ويدعّمه بقوة.

ورد المتحدث الرئيسي باسم البنتاجون، «شون بارنيل»، على المعلومات الجديدة، مُشيرًا إلى أنها "قصة قديمة عادت من الموت"، حسب وصفه، واتهم وسائل الإعلام الكارهة للرئيس الأمريكي بأنها تُريد تدمير كل من يلتزم بأجندة «ترامب»، واصفًا إياهم "بوسائل الإعلام الكاذبة التي تنقل فقط آراء الساخطين على الإدارة الحالية".
التسريبات تكشف هشاشة الوضع داخل البنتاجون
وأمام محاولات التقليل من الأمر، كان هناك من يرى الوضع في البنتاجون بأنه "انهيار كامل"، منهم المتحدث السابق باسم البنتاجون «جون أوليوت»، الذي استقال الأسبوع الماضي، وأشار إلى أن التسريبات الجديدة تُضاف بدورها إلى شهر كامل من الفوضى العارمة التي يعيشها البنتاجون.
وبات هذا الخلل، من وجهة نظره، مصدر تشتيت كبير للرئيس الأمريكي، بداية من تسريبات خطط العمليات الحساسة مرورًا بعمليات التسريح الجماعي التي يقودها ماسك، مُؤكدًا أن «ترامب» يستحق الأفضل من قيادته العليا، لتعزيز قوته وكفاءته في تنفيذ أجندته التي لن يتراجع عنها.
دراما البنتاجون
ودخل عدد من الديمقراطيين على الخط، ووصفوا الدردشة الثانية بأنها تُعرّض حياة الرجال والنساء الأمريكيين الذين يرتدون الزي العسكري لخطر أكبر، مُتسائلين عن كم مرة يجب على وزير الدفاع الأمريكي أن يُسرّب معلومات استخباراتية قبل أن يفهم «ترامب» أنه لا يكذب فحسب، بل أصبح يُشكّل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي.
كما يرون أن كل يوم يقضيه «هيجسيث» في وظيفته هو يوم آخر من تعريض حياة الجنود للخطر، بسبب ما وصفوه بـ"غبائه المُفرط"، بعد أن كشفت المحادثات عن تجاهله للقوانين والبروتوكولات وتهوره الدائم مع المعلومات الحساسة، التي أظهرت افتقاره للخبرة والكفاءة الشخصية اللازمة لإدارة البنتاجون.
وحذروا أيضًا من أن تركيز البنتاجون تحت قيادة «هيجسيث» لم يعد منصبًا على القتال، بل على ما وصفوه بالدراما التي لا تنتهي والتي تسببت في فوضى مستمرة واختلال وظيفي بسبب عمليات الفصل الجماعي، مُطالبينه بعدم انتظار الإقالة والاستقالة من تلقاء نفسه وهو في حالة من الخزي.
متحدث سابق باسم البنتاجون يُلمّح إلى احتمال إقالة وزير الدفاع الأمريكي
في مقال نشرته صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، صرح «جون إليوت»، المتحدث السابق باسم البنتاجون، أنه من غير المُرجح أن يبقى وزير الدفاع الأمريكي، «بيت هيجسيث»، في منصبه طويلاً.
وقال «إليوت» الذي تمت إقالته في مارس الماضي، إن "فوضى عارمة" كانت تسود في البنتاجون على مدى الشهر الماضي، وسط فضيحة التسريبات والتسريحات الجماعية للموظفين. وذكر أن "الخلل في عمل المؤسسة الدفاعية الأمريكية تسبب بإلهاء كبير" للرئيس دونالد ترامب، الذي اشتهر بمحاسبة كبار المسؤولين في إدارته".
وأضاف المتحدث السابق: "في ضوء كل ذلك، من الصعب أن نتخيل أن وزير الدفاع الحالي سيبقى في منصبه لفترة طويلة".
ووفقًا له، بات معلومًا في الأسبوع الماضي عن الاستقالة المحتملة لرئيس مكتب وزير الدفاع الأمريكي «جو كاسبر»، وفي وقت سابق تم إرسال نائب رئيس هذا المكتب «دارين سيلنيك»، وكذلك مستشار وزير الدفاع «دان كالدويل»، في إجازة إدارية.
ونوه بأن "اهتمام البنتاجون في الشهر الماضي، تحول من العمليات القتالية إلى الدراما التي لا تنتهي، وعلى الأغلب سيُصفق كثيرون من موظفي الوزارة لترامب إذا قرر تطهير القيادة في البنتاجون".
وختم المتحدث السابق قوله: "وبعبارة بسيطة، تسود في البنتاجون حالة من الفوضى الكاملة.
«ترامب» يُواجه فضيحة «سيجنال» بتجاهل الانتقادات ويُمجّد الضربات العسكرية ضد الحوثيين
في ظل تصاعد الجدل حول فضيحة «سيجنال»، اختار الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب» الصمت، مُتجاهلًا تداعيات التسريبات التي هزّت أروقة السياسة الأمريكية. وبينما تتوالى التساؤلات حول موقفه، فضّل «ترامب» تسليط الضوء على "النجاح العسكري" للولايات المتحدة ضد «الحوثيين»، في محاولة واضحة لتوجيه الأنظار بعيدًا عن الأزمة.