مصطفى كاظم يكتب: العراقيون لن يتوقفوا أبداً عن الحب!
كان فصل الصيف في عزّه وكنت أعيش على حافة الصحراء الأفريقية، منفاي الاختياري الأول، ولأمر ما تعيّن علي أن ألقي برواية ماركيز “مئة عام من العزلة” التي بيدي وأنا في غمرة مشهد من مشاهد المطر الذي كان يهطل على قرية “موكاندو” لسنوات، وأغادر البيت.
وقبل أن أهمّ بالخروج وجدتني أبحث عن شيء ألبسه ليحميني من المطر قبل أن أدرك أن مطر الرواية هو ما يغمرني. مرّ على ذلك أكثر من خمس وثلاثين سنة.
وقبل سبع سنوات وأنا في منفاي الاختياري الأخير، شمالي القارة الأوربية، غمرتني أحداث رواية أخرى عن عالم آخر، تلك هي رواية الطبيب الأديب الأمريكي-الأفغاني، خالد حسيني A thousand splendid suns “ألف شمس رائعة” أو بترجمة أخرى “مشرقة” أو “ساطعة” عن الحرب في بلده الأم (كثيرون يعرفون الكاتب من رواية “طفل الطيارة الورقية” المنتجة فيلما).
مع كل فصل أقرأه كنت أقول بصوت داخلي عالٍ: يا إلهي من أين يأتي كل هذا العنف؟ وكيف يأتي معه كل هذا الحب؟ وبعد الانتهاء منها أعدت قراءة بعض فصولها ثانية.
أثناء القراءة الكاملة والقراءة الجزئية لم أنجح أبداً في الإفلات من التيار الجارف الذي تشعر أنك في وسطه تتلاطمك أمواج من الثنائيات والمتناقضات: الحب والحرب، الموت والحياة، الزمان والمكان، المادة والروح.
وكلما تغمرك الرواية بأحداثها كلما تزداد يقينا بأن هذا كاتب يعرف كيف يؤرخ للحزن والفرح، وكيف يقتل الموت ويحيي الحياة… الأفغان المبتلون بالعنف، كما هم العراقيون، لن يتوقفوا أبداً عن الحب!