عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب: ألغام في سياسة خارجية
إشكالية في السياسة الخارجية الإيرانية، ترى في زرع ميليشيات مسلحة بلباس طائفي يثير الصراع في مجتمع موحد وبصادر سيادته، إستراتيجية لن تتخلى عنها في ضمان ما تصفه بـ “أمنها القومي”.
نهج سياسي أكثر تطرفا أعلنه وزير الخارجية المقترح في حكومة إبراهيم رئيسي، بدعم الميليشيات الإيرانية المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط ودول عربية تحديدًا، كأحد أهم برامجه الخارجية، باعتبار إنشائها من وجهة نظره جاء “بهدف استتباب الأمن المستدام في المنطقة”.
حسين أمير عبداللهيان، المهندس الجديد للدبلوماسية الإيرانية، خلفا لوزير الخارجية “المعتدل” جواد ظريف، جاء بخطاب متشدد، يكشف عن “سياسته الدبلوماسية” الرامية إلى التواصل في اعتماد “الميليشيات الطائفية” بالمنطقة العربية في تحقيق مصالح بلاده وفرض شروط إستراتيجيتها الإقليمية.
سياسة خارجية معلنة تخرج عن نطاقها الدبلوماسي المتعارف عليه في القوانين التي تنظم العلاقات الدولية، وتحرم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الغير ومصادرة سيادتها، والتحكم بمقدراتها، والعبث بأمنها ووحدتها.
يدرك النظام الإيراني أن مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير يفرض احترام الحقوق السياسية للدول في حق السيادة، والمساوات بين الدول في مكانتها السيادية، وحق التصرف في مواردها والتحكم بمقدراتها.
لكن ذلك المبدأ يسقط في حسابات النظام الإيراني، الذي لا يرى غير تنفيذ مصالحه التوسعية بأي أدوات كانت، وعلى حساب سيادة الدول واستقرارا شعوبها.
سياسة خارجية تثير حفيظة دول المنطقة يسعى الرئيس إبراهيم رئيسي إلى تطبيقها، باختيار فريق “دبلوماسي” أكثر تشددًا، يقوده أمير حسين عبداللهيان، الذي أكد أنه “سينتهج أسلوب قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني في مجال السياسة الخارجية الإيرانية” رغم أن سليماني كان يقوم بدور عسكري في قيادة وتوجيه الميليشيات المسلحة والوكلاء في العراق ولبنان وسوريا واليمن والبحرين ولا علاقة له بالإدارة الدبلوماسية للسياسة الخارجية.
تحديات جديد تفرضها السياسة الخارجية الجديدة على إيران بوصف وزارة الخارجية في عهد رئيسي بـ “الوزارة الثورية” التي يشرف الحرس الثوري على إدارتها، أولى قراراتها التهديد بالانسحاب من المفاوضات النووية ” 5+1″.
جاء الرئيس إبراهيم رئيسي، معلنا تمسكه بإستراتيجية توسيع مناطق النفوذ الإيراني والحفاظ على بقائها بأي ثمن كان، رغم ما يلحق بدول نفوذها من دمار اقتصادي وأمني وسياسي أضر بحياة شعوبها وعاد بها إلى عصور التخلف.
التدخل المباشر في شؤون دول مستقلة، لها سيادتها المعترف بها في المجتمع الدولي، أمر لا تقره القوانين والشرائع وحتى الأعراف البدائية، تجد له إيران مبررا مشروعا وفق منطقها المتوافق مع خططها العابرة للحدود، معتبرة توسيع دائرة نفوذها بمصادرة سيادة دول بعينها ضمانة لأمن منطقة الشرق الأوسط، دون ان تتساءل عن نوع الأمن الذي حققته سياساتها وجنت ثماره الشعوب المدمرة في العراق ولبنان وسوريا واليمن؟.
الوقت مازال بعيدًا عن انتهاج إيران سياسة دولة طبيعية، تكبر وتنمو بعلاقات دبلوماسية متكافئة مع محيطها الإقليمي والدولي.