مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

تفجير مطار كابول.. أمريكا أمام اختبار صعب بين “القاعدة و داعش”

نشر
الأمصار

عقب ساعات من تحذير غربي مشترك من هجوم إرهابي محتمل قد ينفّذه تنظيم داعش في مطار كابول، هزّ تفجيران مطار العاصمة الأفغانية كابول، الخميس، خلال عمليات إجلاء الأفغان الهاربين من البلاد بعد انسحاب القوات الأجنبية، وقع ضحيته 40 قتيلا وأكثر من 100 مصاب.

وفي هذا الصدد، أعلن تنظيم “داعش” الإرهابي مسؤوليته عن هجومي مطار حامد كرزاي في العاصمة الأفغانية كابول.

وكان الانفجار قد وقع بعد ساعات من تحذير أمريكي وبريطاني بتخطيط تنظيم داعش الإرهابي لهجمات في محيط مطار كابول، وطالبت رعاياها بالمغادرة فورًا، وعدم الذهاب إلى مطار كابول.

فمع اقتراب الموعد النهائي الذي حددته الولايات المتحدة لانسحابها من أفغانستان في 31 أغسطس الجاري، أعلنت العديد من الدول، أمس الأربعاء، أنها أوقفت أو ستوقف قريباً رحلات الإجلاء، حيث دعت بعض الدول الغربية رعاياها إلى الابتعاد بأسرع ما يمكن عن مطار كابول بسبب أخطار “إرهابية”، في حين تعرّضت طائرة عسكرية إيطالية لإطلاق نار.

ومن جانبه، أكد الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد، الذي يشغل منصب وزير الاتصالات الجديد بـ”حكومة طالبان”، أن هناك “تهديدات حقيقية من أن تقوم عناصر إرهابية مثل داعش بمهاجمة المطار”.

وأفاد ذبيح الله، أن حراسنا يخاطرون بحياتهم أيضاً عند مطار كابول، ويواجهون أيضاً تهديداً من تنظيم داعش، مؤكدا أن موعد خروج القوات الأميركية الذي حددناه غير قابل للتمديد.

ويرصد موقع “الأمصار” للدراسات، في التقرير التالي تاريخ تنظيم داعش الإرهابي في أفغانستان، والعلاقة الوطيدة التي تربط طالبان بالقاعدة وشبكة حقاني.

يعتبر تنظيم داعش، أو خراسان هو فرع للتنظيم الإرهابي الذي سمي ” تنظيم الدولة الإسلامية”، و الذي ظهر لأول مرة في سوريا والعراق، وجاء اسم التنظيم “خراسان”، من اصطلاحها للمنطقة التي تشمل أفغانستان وباكستان.

وكان تنظيم داعش أو خراسان، قد شكل خلايا في كابول نفذت عددًا من الهجمات الانتحارية المدمرة في العاصمة الأفغانية وخارجها منذ عام 2016.

حيث هاجم التنظيم في مايو من العام الجاري، مدرسة للفتيات في كابل وقتل 68 شخصًا على الأقل، وجرح أكثر من 165، معظمهم من الفتيات.

كما تبنى تنظيم خراسان في يونيو الماضي، هجوما على مؤسسة  “هالو تراست” البريطانية الأميركية الخيرية لإزالة الألغام، قتل فيه ما لا يقل عن 10 أشخاص وأصيب 16 آخرين.

ومن جانبها قام التنظيم الإرهابي بتعزيز وجوده في شرق أفغانستان في السنوات الأخيرة، لا سيما في ولايتي ننغرهار وكونار.

وهاجم تنظيم داعش الإرهابي في الشهر الجاري، سجنًا رئيسيًا في جلال آباد، عاصمة نانجارهار، في محاولة لإطلاق سراح العشرات من أنصارها الذين تم أسرهم من قبل الجيش والشرطة الأفغانية.

نفذ تنظيم “داعش” 77 هجوماً في أفغانستان خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، ارتفاعاً من 21 هجوماً في الفترة نفسها من عام 2020، وفقا لمسؤولو مكافحة الإرهاب التابعون للأمم المتحدة في تقرير صدر في يونيو الماضي.

واستغل تنظيم داعش- خراسان، عدم الاستقرار السياسي وتصاعد العنف خلال الشهور الماضية  في أفغانستان، من خلال مهاجمة أهداف طائفية وبنية تحتية للأقلية لنشر الخوف وتسليط الضوء عليه، في ظل عدم قدرة الحكومة الأفغانية على توفير الأمن الكافي للمواطنين.

ورغم استغلاله للعنف، لم يكن داعش- خراسان، يومًا قوة رئيسية في أفغانستان، إذ انخفضت صفوف التنظيم إلى ما بين 1500 إلى 2000 مقاتل، أي ما يقرب من النصف من مستويات الذروة التي بلغتها في عام 2016 بعد أن تسببت الضربات الجوية الأميركية وغارات القوات الخاصة الأفغانية في خسائر فادحة للتنظيم الإرهابي، وذلك فقا لصحيفة نيويورك تايمز عن محللين.

وأعتبر كل من حركة طالبان وتنظيم القاعدة وشبكة حقاني في باكستان، تنظيم داعش خراسان هو عدوهم اللدود، حيث يعتقد محللون أن الوضع الحالي ينذر بصراع دموي يضم آلاف المقاتلين الأجانب من الجانبين، وفقا لنيويورك تايمز.

وأشار تقرير للأمم المتحدة في يونيو 2020، إلى أن ما بين ثمانية إلى عشرة آلاف مقاتل من آسيا الوسطى ومنطقة شمال القوقاز في روسيا وباكستان ومنطقة شينجيانغ في غرب الصين قد تدفقوا إلى أفغانستان في الأشهر الأخيرة. مؤكدا أن معظمهم مرتبطون بطالبان أو القاعدة، لكن البعض الآخر متحالف مع داعش.

وعلى جانب آخر ، أكد على محمد على مسؤول أمني أفغاني سابق، خلال حديثه لـ”نيويورك تايمز” أن “أفغانستان أصبحت الآن لاس فيغاس للإرهابيين والمتطرفين”، موضحا أن انتصار طالبان وسيطرتها على البلاد يمهد الطريق أمام متطرفين آخرين ليأتوا إلى أفغانستان.

وفي سياق آخر، يتسائل البعض هل تربط طالبان والقاعدة علاقة، وبعودة طالبان إلى السلطة، ستعود القاعدة بكل قواعدها ومعسكراتها لتدريب الإرهاب وتجاربها البشعة للغازات السامة على الكلاب؟.. كان هذا السؤال يؤرق رؤساء المخابرات الغربية لسنوات.

فيصادف الشهر المقبل الذكرى العشرين للاجتياح الأمريكي أفغانستان بمساعدة الحلفاء، فبعد هجمات 11 سبتمبر 2001 قررت الولايات المتحدة انتقاما للضحايا خوض معركتها ضدّ تنظيم القاعدة وزعيمها حينها أسامة بن لادن، وبعد نحو شهر بدأ قصف أفغانستان ومعه أطول الحروب الأمريكية في التاريخ.

في عام 1996 عندما نقل زعيم القاعدة، أسامة بن لادن، عملياته من السودان إلى أفغانستان حتى عام 2001، فرت طالبان ملاذاً آمناً له، وحينها رفضت الحركة تسليم بن لادن للسعودية، ومن مقر القاعدة في أفغانستان كان التخطيط والتوجيه لهجمات الحادي عشر من سبتمبر المدمرة عام 2001.

ويشار إلى أن في الفترة الأخيرة ناقش الرؤساء الأكثر حكمة بين طالبان، وخاصة أولئك الذين اختبروا الحياة الرغيدة في مراكز التسوق المكيفة في الدوحة خلال مفاوضات السلام الأخيرة، فكرة الانفصال التام عن القاعدة من أجل ضمان قبولهم على المستوى الدولي.

ورجح بعد الخبراء الدوليين، أن بلد شاسع وخاضع لحكم ضعيف مثل أفغانستان، فليس من المؤكد بأي حال من الأحوال أن تحتوي حكومة طالبان على عناصر من تنظيم القاعدة، الذي يمكنه بسهولة دمج خلاياه بشكل مخفي داخل القرى والوديان النائية.

لم تكن القاعدة هي الحليف الوحيد لطالبان، فشبكة حقاني أكثر الفصائل المتشددة ضمن طالبان، حركة طالبان وشبكة حقاني وتنظيم القاعدة يعملون كثلاثي  وأنهم جزء من نفس الشبكة المسلحة، ويعملون معًا جنبًا إلى جنب.

ظهر قادة شبكة حقاني، الذين تعتبرهم الولايات المتحدة أهم الإرهابيين المطلوبين في العالم وعرضت مكافأة بالملايين لاعتقالهم، في كابول بعد سيطرة طالبان عليها عام 1996.

فشبكة حقاني أسسها جلال الدين حقاني الذي حارب الغزو السوفياتي لبلاده في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت تعتبره وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) آنذاك شخصية مهمة، فيما كانت الولايات المتحدة وباكستان تقومان بمد “المجاهدين” بالأسلحة والأموال.

وعقب الانسحاب السوفياتي، أقام جلال الدين حقاني علاقات وثيقة مع جهاديين عرب من بينهم أسامة بن لادن، فيما تحالف بعد مع طالبان التي سيطرت على أفغانستان في 1996 وشغل منصب وزير في نظام طالبان حتى الإطاحة بالحركة في الغزو الأميركي في 2001.

عرف عن مقاتلو حقاني بإستقلاليتهم ومهاراتهم القتالية وصفقاتهم المربحة، مع بقائهم ضمن حركة طالبان، معقلهم في شرق أفغانستان مع قواعد مفترضة على طول الحدود في شمال غرب باكستان.

عُرفت الشبكة بشكل أكبر ضمن قيادة طالبان في السنوات القليلة الماضية، وتم تعيين سراج الدين حقاني نائبا لزعيم الحركة في 2015، وذلك إصابة والده جلال الدين بمرض مزمن منعه من القدرة على إدارة الجماعة ، وأعلنت طالبان وفاته عام 2018.

إتهمت شبكة حقاني بالوقوف وراء عدد من الهجمات الدامية والمروعة في أفغانستان في العقدين الماضيين، وأدرجتها الولايات المتحدة على قوائم الإرهاب كما تفرض الأمم المتحدة عليها عقوبات.

عرفت شبكة حقاني، بأنها غالبا ما تلجأ الى عمليات انتحارية من بينها تفخيخ عربات وشاحنات يقودها انتحاريون، كما أثبتت قدرتها على تنفيذ هجمات معقدة أوقعت أعدادا كبيرة من القتلى ضد أهداف مهمة من بينها منشآت عسكرية وسفارات.

ويذكر أن القوات الأفغانية اعترضت في أكتوبر 2013، شاحنة لشبكة حقاني في شرق أفغانستان كانت تحوي نحو 28 طنا من المتفجرات، بحسب المركز الوطني الأميركي لمكافحة الإرهاب.

وتوجه إلى  الشبكة تهم كثيرة منها، تنفيذ عمليات اغتيال، من بينها محاولة اغتيال الرئيس آنذاك حامد كرزاي في 2008، وخطف مسؤولين ورعايا أجانب مقابل فدية، وصفقات تبادل سجناء، كما أتهمت بأنها “الذراع الحقيقية” لأجهزة استخبارات باكستان، لكن الحكومة الباكستانية نفت تلك التهم.

وشكلت شبكة حقاني جزءا كبيرا من الصفوف المقاتلة في حركة طالبان، وتُعتبر “القوات الأكثر جهوزية للقتال” بحسب تقرير لمراقبي الأمم المتحدة في يونيو الماضي، كما أعتبر المراقبون الشبكة أيضا بأنها “الرابط الرئيسي” بين طالبان والقاعدة.

وفي نهاية المطاف، ما تحتاجه كل من القاعدة وتنظيم داعش الإرهابي وطالبان وشبكة حقاني، ليزدهروا يتمثل في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، وكل الدلائل تشير إلى أنهم على وشك الحصول عليها في أفغانستان.