مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

الحصار الدبلوماسي لأثيوبيا.. كيف أحرزت مصر أهدافًا دبلوماسية في المرمى الأثيوبي؟

نشر
الأمصار

 

توتر متصاعد وتصريحات إثيوبية متتالية عن ملء السد، فيما مصر والسودان تؤكدان أن المفاوضات هي الحل الأمثل، وتعلقان تعليقات رسمية مقتضبة، وحاسمة كردة فعل على التصريحات الإثيوبية التي يصفها مراقبون بـ “المستفزة” للجانبين المصري والسوداني، هذا ما يمكن أن يلخص مشهد أزمة سد النهضة مؤخرًا.

 

وفي ظل تصاعد هذا التوتر، لم تكتف الدولة المصرية بتصريحات، بل بادرت باتخاذ عدة مواقف دبلوماسية، مع جيران أثيوبيا، لتفرض ما يمكن تسميته بالحصار الدبلوماسي، دون اللجوء للقوة العسكرية التي هي حل مستبعد للأزمة، لكنها حل لا يزال مطروحًا على الطاولة، وفي هذا التقرير نستعرض هذا الحصار الدبلوماسي ونتائجه.

 

القوة العسكرية

 

قبل استعراض الحصار الدبلوماسي ونتائجه، علينا أن نجري مقارنة عسكرية بين مصر وإثيوبيا، مادام الحل العكسري مطروحًا ولو كان مستبعدًا.

 

التصنيف عالميًا

يحتل الجيش المصري، وفقًا لمؤسسة غلوبال فاير باور، في أحدث إحصائياتها، المرتبة الـ 12 عالميًا، فيما يحتل الجيش الإثيوبي المرتبة الـ 47، بين 137 دولة.

 

يصل عدد أفراد الجيش المصري إلى 920 ألف جندي بينهم 440 ألف جندي فاعل و480 ألف جندي في قوات الاحتياط، بينما يبلغ مجمل عدد أفراد الجيش الإثيوبي 140 ألف جندي.

 

فيما يمتلك الجيش المصري 1092 طائرة حربية متنوعة، بينها 211 مقاتلة، و341 طائرة هجومية، و59 طائرة شحن عسكري، إضافة إلى 388 طائرة تدريب، و293 مروحية عسكرية منها 46 مروحية هجومية.

في الوقت الذي يمتلك فيه الجيش الإثيوبي 82 طائرة حربية فقط، منها 26 مقاتلة و16 طائرة هجومية بالإضافة الى 9 طائرات شحن عسكري و33 مروحية عسكرية منها 8 مروحيات هجومية فقط.

 

لدى الجيش المصري أكثر من 2160 دبابة و5735 مدرعة و1000 مدفع ذاتي الحركة وأكثر من 2189 مدفع ميداني، إضافة إلى 1100 راجمة صواريخ.

ويمتلك الإثيوبي 800 دبابة ونفس العدد من المدرعات بالإضافة 85 مدفع ذاتي الحركة فقط.

 

يضم الأسطول البحري المصري قرابة 320 قطعة بحرية منها حاملتي طائرات و 7 طرادات، و4 غواصات، إضافة إلى 50 سفينة دورية و 9 فرقاطات.

وتصل ميزانية دفاع الجيش المصري إلى 4.4 مليار دولار مقابل 340 مليون دولار ميزانية الدفاع الإثيوبية.

 

محطات دبلوماسية

شهد الحصار الدبلوماسي المصري، لأثيوبيا بالتواجد الفعلي على أراضي جيرانها، تراكمًا منذ عدة شهور، بل يمكننا القول إنه ترتيب دبلوماسي تراكمي منذ سنوات، لكننا نكتفي برصده في محطاته الأخيرة.

شركة طيران مع غانا

في 8 مايو الماضي، أعلن عن اتفاق  بين شركة مصر للطيران، ودولة غانا باستثمارات 100 مليون دولار، والتي من من المقرر انتهاء إجراءاتها خلال العام الحالي، وفق تصريحات صحفية لمسؤولين في مصر للطيران.

وتستهدف مصر للطيران زيادة حركة الركاب بداخل الدول الأفريقية من خلال جعل مطارات داخل غانا نقطة انطلاق إلى جميع الدول الأفريقية المحيطة.

 

مصر وإريتريا

في تصريحات صحفية، قال السفير الإريتري، بالقاهرة، فاسيل جبرسيلاسي تكلا، إن العلاقات بين مصر وإريتريا قديمة، منذ الاعتراف المصري بإريتريا، في خمسينات القرن الماضي.

 

وأضاف تكلا، خلال تصريحاته، أن بلاده تنظر للعلاقات مع مصر على أساس أنها علاقات استراتيجية وقوية، مدللًأ على ذلك بزيارة الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي مصر، 25 مرة خلال الفترة من 1991 وحتى يوليو 2020.

 

وأكد السفير الإريتري بالقاهرة أن تطوير العلاقات بين مصر وإريتريا ليست ضد إثيوبيا، كما أن تطوير العلاقات بين مصر وإثيوبيا ليس على حساب إريتريا .

 

وشهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر واريتريا تطورا كبيرا في عام 2018 حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر وإريتريا، ليسجل 119.05 مليون دولار مقابل 104.8 مليون خلال 2017 .

 

وقامت الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التابعة لوزارة الخارجية بإيفاد عدد من القوافل الطبية إلى اريتريا، إضافة لفتح الأزهر الشريف الباب، للطلاب من اريتريا، وتوفير المنح الدراسية لهم.

 

اتفاق لا يغير الواقع

المعلومات السابقة وقعت في ظل اتفاق لا يغير  طبيعة العلاقات بين البلدين، ففي سبتمبر عام 2018، وقعت اريتريا وأثيوبيا، بمدينة جدة السعودية اتفاقية للسلام بين البلدين، فيما انسحب أثيوبيا من منطقة “بادومي” التي كانت تحتلها وصدر بشأنها حكم محكمة العدل الدولية، القاضي بأحقية أريتريا فيها، في ظل رفض أثيوبي.

 

وتبادل البلدان إعادة فتح السفارات في أسمرة وأديس أبابا، كما تبادل أسياس أفورقي وأبي أحمد الزيارات، كما تم استئناف رحلات الطيران وفتح الحدود البرية بين البلدين .

 

مصر وكينيا

في 26 مايو الماضي، أعلنت مصر وكينيا، أن البلدين وقعا اتفاقية للتعاون العسكري، بحسب بيان لوزيرة الدفاع الكينية مونيكا جمعة، نشر على الموقع الرسمي للوزارة.

 

ووفق البيان، وقعت الاتفاقية بين وفد من القوات المسلحة المصرية برئاسة رئيس الأركان الفريق محمد فريد، والوزيرة الكينية جمعة، ورئيس أركان الدفاع الكيني روبرت كيبوتشي.

 

الاتفاقية الرابعة

 

الاتفاقية السابقة، هي رابع اتفاقية أجرتها السلطات المصرية، بين مصر وبلد أفريقي خلال 2021، أي ما يعني 4 اتفاقيات في أقل من 6 أشهر.

 

ووقعت مصر اتفاقية دفاع مع السودان في شهر مارس، وفي أبريل وقعت مصر وأوغندا مذكرة تفاهم بشأن تبادل المعلومات الاستخباراتية العسكرية، وفي الشهر نفسه وقع الجيشان المصري والبوروندي اتفاقية تعاون عسكري في مجالات التدريب والتمارين المشتركة.

 

مصر ورواندا

بعد انتهاء زيارة رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، إلى كينيا، توجه إلى جمهورية رواندا، لتعزيز أوجه التعاون العسكري المشترك بين البلدين عقد خلالها عدداً من اللقاءات رفيعة المستوى مع القيادات العسكرية الرواندية لبحث سبل تطوير التعاون المشترك فى العديد من المجالات .

و ترأس مع نظيره الرواندي الفريق أول، جان بوسكو كازورا، الاجتماع الأول للجنة العسكرية المصرية الرواندية المشتركة ، وأكد خلال الاجتماع على دعم كافة أوجه التعاون مع المؤسسة العسكرية الرواندية والاستعداد لتلبية مطالب تطوير التعاون في مجالات التدريب والتأهيل وتبادل الخبرات المشتركة للقوات المسلحة لكلا البلدين .

 

زيارة هي الأولى من نوعها

في 27 مايو  الجاري، أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، زيارة إلى دولة “جيبوتي”، الرئاسة المصرية وصفت الزيارة بالتاريخية، والأولى من نوعها.

خلال هذه الزيارة، عقد الرئيس المصري ونظيره الجيبوتي عمر جيلة، قمة مشتركة لبحث ملفات التعاون الأمنية والعسكرية والاقتصادية بين البلدين.

 

وقال بيان للرئاسة المصرية إن جيلة أعرب عن تطلعه لزيادة نشاط القطاع الخاص المصري في بلاده.

 

وتضمنت مباحثات الزيارة الخاطفة التي استغرقت يوما واحدا، ملفات إقليمية مهمة، من بينها أوضاع منطقتي شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، والتعاون في أمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ومفاوضات سد النهضة.

 

وتم التوافق بين الرئيسين حول أهمية التوصل إلى “اتفاق قانوني عادل ومتوازن حول ملء وتشغيل السد الإثيوبي، بما يحقق مصالح مصر والسودان وإثيوبيا”.

 

السودان دائمًا

بعد تدريبات عسكرية مصرية سودانية، عرفت باسم “حماة النيل”أكدت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدى، أن الملء الثانى لسد النهضة، والتشغيل دون اتفاق قانونى، خطر على السودان.

 

فيما بدأت وزير الخارجية جولة أفريقية الأسبوع الماضي، لشرح موقف السودان من سد النهضة، قائلة خلال وجودها بغاناإن الخرطوم تسعى لإيجاد حل سلمى للنزاع بخصوص سد النهضة والحدود مع إثيوبيا، مضيفة أن بلادها حريصة على استقرار المنطقة، وأن المرجعية هى القانون الدولى والمعاهدات المشتركة، وطالبت غانا بدعم موقف السودان العادل والمعتدل.

 

تعليقات أثيوبية

 

لم تعلق أثيوبيا على التحركات المصرية السودانية في أفريقيا، إلا أنها أصدرت تعليقًا وحيدًا يخص التدريب العسكري “حماة النيل”، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية إن بلاده «نتابع التطورات في السودان والتدريبات العسكرية مع مصر»، وفقا لوكالة Fana Broadcasting الإثيوبية.

 

وأضاف أنه من حق الدولتين إجراء تدريبات عسكرية،  لكنه ألمح إلى القوة العسكرية لبلاده قائلًأ لدينا قوات مسلحة قوية وقادرة على حفظ أمن وسيادة إثيوبيا على مدار الساعة وردع أي عدوان خارجي يعمل على زعزعة البلاد.

 

وتابع، أن إثيوبيا تتوقع دعوة للأطراف الثلاث لاستئناف المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا العالقة حول سد النهضة، مشيرًا إلى أن الموقف الرسمي لإثيوبيا مازال في مكانه وستقوم بعملية الملء الثاني في موعدها ومتمسكة بقيادة الاتحاد الأفريقي لمفاوضات سد النهضة.

 

إلا أنه ورغم التصريحات الأثيوبية، فقد سجلت مصر عدة أهداف دبلوماسية في المرمى الأثيوبي، وباتت موجودة على بعد حجر واحد من السد الأثيوبي، لتطوق السد بحصار ليس عسكريًا، لكنه بالطبع مفيد، إن لم تأت الرياح بما تشتهيه السفن