علي الطواب يكتب : كلهم أخطؤوا…وتبقى أنت يا سادات وحيدًا على الطريق الصحيح
في مثل هذه الأيام منذ ثلاثة وأربعين عامًا مضت خطط الرجل واتخذ القرار ورغم التحديات الإقليمية والدولية وقتئذ والتحديات العسكرية الضاغطة عليه وسط قيادات جيشه المنتصر والذي أبهر الجميع عسكريين وسياسيين بأنه جيش صنع المعجزات بكل المقاييس الحربية إلا أنه اتخذ القرار وهوجم بكل أنواع العنف اللفظي والوطني حتى قيل عنه أنه خائن وحاشا لله أن يكون كذلك فهو الوطني التقي المخلص لبلده ودينه وعروبته.
اليوم بعدما اقتربنا من أقل من نصف قرن ونرى ذلك السيل الجارف من أشقاء لنا يفتحون القنصليات ويتبادلون الزيارات وتسيير الطائرات ولم تعلق القاهرة بكلمة واحدة من نزيف الجراح السابقة جرح التخوين تارة والقطيعة تارة أخرى بما فيها سحب مقر الجامعة العربية.
وبعد كل هذه السنوات يبقى ما خطط له الزعيم الراحل بطل الحرب والسلام كان صحيحًا وسليمًا استراتيجيًا وبالتالي كانت القاهرة وستظل نبراسًا يهتدي به الأشقاء العرب في كل وقت وحين.
القاهرة بعمرها الذي يزيد عن ألف سنة وتحديدًا 1051 عامًا.
فهي بحق ترى ما لايراه الآخرون وتستشعر ما يعجز عنه كثير من المحيطين حتى خطط المؤتمرات التي ترمي في طريق البعض وللأسف منهم قادة تكشف القاهرة ملابساتها وتفاصيلها وكأنها كانت معهم على الطاولة بشكل مثير ومضحك.
العجيب والغريب أنها تكشف عن ذلك بعدها بسنوات وسنوات وسبحان الله وكأن قيادات هذا الوطن أخذت تطعيمات مكثفة_ منذ رتبهم الصغيرة إلى أعلى الرتب_ ضد البوح والكشف المبكر حتى أبهرت الآخرين
وبعيدًا عن ثقافة الأطراء أو المديح فإن القاهرة لاعب اساسي وفي خيمتها لاعبون كثر حبًا وفداءً لهذا الوطن العزيز المخلص لمحيطه العربي وعمقه الجغرافي الأفريقي…وهنا ارتحم علي فارس عربي نبيل كان وزيرًا لخارجية أحد أعز أشقائنا العرب.
وها هي اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في 17 سبتمبر 1978 إثر 12 يومًا من المفاوضات في كامب ديفيد وتم التوقيع على الاتفاقيتين الإطارية في البيت الأبيض وشهدهما الرئيس جيمي كارتر تلاها لاحقا معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979
وهنا وقفة لا بد أن يعلمها الجميع أن القاهرة إذا قالت لا لملف بعينه فلا تعديل ولا تبديل وإلا فالبديل أسوأ مما يتخيل البعض.
وحتى أكون محددًا قالت مصر مسبقًا نعم لاتفاق السلام وبناءًا عليه حدث وتم ما نراه الآن
وفي ملفات أخري صدقني أخي القارئ لا تقل شراسة عن الملف الإسرائيلي انظر معي الي ملفات شائكة ومعقدة وخطيرة وهي
الملف السوري ومعه ٢٠٠ مليار دولار حجم إعمار وإعادة بناء
والملف اليمني الذي يعاني نقصا ب١٠٠ مليار دولار جوعًا ودواءً اليمن الذي تعلمنا في الزمن الجميل أنه اليمن السعيد
العراق الذي وقع في مصيدة أهل الشر الأمريكان من جهة وإيران من جهة أخرى فأصبح بين المطرقة والسندان وتم حبك المشهد دراميا كما يقول الكتاب وتذكروا معي رأس الأفعي أنثي العنكبوت القاتلة مادلين اولبرايت
قم الملف الليبي ومن قبله التونسي ومن بعدهما القطع الوريدي بالمفهوم السياسي بين المغرب والجزائر
ملفات ستظل مطروحة على الساحة تستنزف وقتًا ودماءً وأشخاصًا بل وأجيالًا فمن ولد عراقي في التاسع من أبريل عام ٢٠٠٣ ليلة سقوط حاضرة الرشيد بغداد عمره الآن ١٨ ربيعًا شابًا يافعًا ربما يكون في الفرقة الثانية في الكلية الحربية أو الفرقة الأولى بكلية الهندسة وكلها سنوات معدة٦ ويصبح خريجًا في وطن مزقته تيارات سياسية وعشائرية وقبلية …أية حياة هذه التي تصحو فيها على تفجير هنا وتهجير هناك وقس على ذلك يمنيًا وسوريًا وليبيًا
في كل لحظة أرى مشاهد مصورة تلتقطها عدسات كاميرات وكالات الانباء عن أطفال لا يجدون ما يأكلون في تعز أو صنعاء أو القامشلي في الشمال السوري أو مصراتة في ليبيا.
أشعر بالعار والخزي أمام أمعاء طفولية خاوية واترحم في الوقت ذاته علي من كان يريد المشهد استراتيجيا ضاربا بعرض الحائط ما كان يظنه الكثيرون أنه خطأ كبير
حمي الله الوطن العربي وبارك شعبه الطيب وحمي الله الجيش المصري وجعله سندا لوطنه العربي
حي الله الرجال ورحم الله أبا جمال ذا الرأي الصائب والموقف الهمام.