مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

الدكتور عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب يكتب.. المجتمع الدولي يربط الملف اليمني بالملف النووي

نشر
الأمصار

انتزعت السعودية قرارا أمميا 2216 في عهد الإدارة الأوبامية في 14 أبريل 2015 يحظر تصدير الأسلحة للحوثيين، لكن انسحب ترمب من المعاهدة النووية بين الغرب وإيران في عهد الإدارة الأوبامية في 14 يوليو 2015 بعد مفاوضات مارثونية في ختام 21 شهرا من المفاوضات الصعبة الهدف منه منع إيران تطوير قنبلة نووية اعتبر إنجازا دبلوماسيا تاريخيا لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية، لكن نتيجة الضغط السعودي على ترمب من أن الاتفاق لم يشمل وقف النفوذ الإيراني الذي يتعلق بالإرهاب الذي تقوده إيران في المنطقة تعيق تنمية المنطقة فخرج ترمب من الاتفاق النووي بشكل آحادي في 2018 وفرض عقوبات اقتصادية قاسية، وواصل ترمب قصقصة أجنحة إيران عندما اغتيل قاسم سليماني والمهندس في بداية عام 2020 واصلت إسرائيل هجماتها على المفاعلات النووية الإيرانية أبرز هذه المفاعلات نطنز المحصن تحت الجبال مما جعل إيران تتجه نحو تخصيب اليورانيوم وفق وكالة الطاقة الذرية وتم تخصيب سادس فلوريد اليورانيوم المنتج نحو 60 في المائة فيما يكان اتفاق عام 2015 ينص على ألا تزيد طهران التخصيب عن 3.67.

مع مجئ إدارة بايدن الأوبامية قدمت مغريات لإيران بدأت برفع الحوثيين من قائمة الإرهاب، وسحب بعض بطاريات الصورايخ من السعودية، شعرت حينها السعودية ان إدارة بايدن تحاول إرضاء إيران على حسابها رغم ذلك قدمت السعودية مبادرة سلام في 22 مارس 2021 لكن من رفض المبادرة الحاكم العسكري الذي يقود معركة إيران في اليمن حسن إيرلو بهدف الحصول على تنازلات من السعودية وهذه التنازلات تتعلق بموافقتها على بقاء جزء من النفوذ الإيراني.

لم تتوقف السعودية عند هذه الحدود بل وافقت على جولات تفاوضية استكشافية بين السعودية وطهران في بغداد وعرضت طهران للسعودية أن تستخدم نفوذها لدى الحوثيين في وقف الهجمات ضدها مقابل أن تساعد السعودية طهران في مفاوضات النووي الإيراني مع الدول الكبرى في فيينا، بالطبع السعودية تضغط على الدول الكبرى أن تشارك في تلك المفاوضات وأن تعالج مخاوف السعودية في وقف النفوذ الإيراني في المنطقة العربية وليس فقط النووي الإيراني.
طرقت السعودية كل الأبواب، وتدرك أن المجتمع الدولي يربط الملف اليمني بالملف النووي، ومنذ عام 2013 أعلنت السلطات اليمنية أنها ضبطت سفينة جيهان محملة بأسلحة إيرانية موجهة للحوثيين، وأيضا سبق أن ضبط الأسطول الأمريكي قارب محمل بالأسلحة في بحر العرب لكنها أطلقت الطاقم بعد حجز الأسلحة.

يستخدم تهريب الأسلحة عصا غليظة، غالبا ما كانت هذه العمليات مرتبطة إلى حد كبير بالأجواء في البيت الأبيض في تنفيذ قرار 2216 الذي ينص على حظر توريد الأسلحة ويطالب بتفتيش الشحنات المتجهة إلى اليمن، خصوصا وأن اليمن يمتلك سواحل طويلة تبلغ 2500 كيلو متر وتمتلك 186 جزيرة في البحر الأحمر نحو 152 جزيرة أبرزها ميدي التي كانت إيران تدرب الحوثيين لنها قريبة من صعدة المقر الرئيسي للحوثيين، ويتم تهريب الأسلحة عبر بحر العرب والصومال ثم نقلها عبر سفن شراعية تقليدية تسمى بالداو وتحولت مهنة الصيادين من صيد الأسماك إلى تهريب الأسلحة التي تدر عليهم أرباح اعلى من صيد الأسماك، وتصل الأسلحة من إيران إلى لبنان لحزب الله الذي يتولى تهريبها إلى اليمن عبر الصومال وبحر العرب ثم نقلها عبر زوارق صغيرة من الصعوبة اكتشافها، لكن ليست إيران وحدها المتورطة الوحيدة في عمليات تهريب الأسلحة للحوثيين، وإن كانت تتولى القسم الأكبر منه، لكن تقف خلفها دول أخرى إما بالدعم المالي بسبب ان على إيران عقوبات ولا تملك مثل هذه الأموال، أو اللوجستي، لتحقيق أهداف تتمحور حول تحويل اليمن إلى جمرة ملتهبة في خاصرة الجزيرة العربية لاستنزاف قدرات السعودية ووقف طموحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في تحقيق شرق أوسط أوربي لغايات استراتيجية تتعلق بإعادة رسم خارطة النفوذ الإقليمي.

ما يعني ان المجتمع الدولي يربط ورقة اليمن بالملف النووي الذي جعله يوقف تحرير الحديدة خصوصا وأنه يدرك أن موازين القوى في صالح السعودية وليس في صالح إيران التي تعاني عقوبات وتم استبدال تحرير الحديدة باتفاق استكهولم الذي سوق آمال لجميع الأطراف، رغم أن أمريكا أرسلت مبعوثها إلى اليمن بعد تسلم بايدن البيت الأبيض تيم ليندركينغ الذي كان ينتظر تحرير الحوثيين مأرب النفطية لكن السعودية وضعت خطا احمر للإستيلاء على مأرب كما وضعت مصر على سرت والجفرة خطا أحمر وضربت قاعدة الوطية غيرت من خريطة توازنات القوى كذلك فعلت السعودية في اليمن لكن يظل الملف الأكثر استخداما مع إيران يحتاجه المجتمع الدولي بينما ليبيا لم يكن كذلك مع تركيا بل بالعكس وضعت مصر منتدى الغاز الذي يصب في صالح الاتحاد الأروبي.

نلاحظ أن تصريحات إبراهيم رئيسي انه يرفض مناقشة الصواريخ البالستية والقضايا الإقليمية التي ليست مطروحة للنقاش وهو أيضا لن تقبل السعودية أن تكون القضايا الإقليمية غير مطروحة للنقاش وربطها بالملف النووي كما حدث في اتفاق عام 2015 وبسبب ضغط السعودية وإسرائيل على ترمب انسحب من هذا الاتفاق، وضرورة تعديله، لكن إليزابيث شيروود نائبة وزير الطاقة الأسبق إن قرار ترمب بالانسحاب الآحادي الجانب كان خطأ استراتيجيا طائشا له عواقب وخيمة، واعتبرت المستشارة الألمانية عندما التقت ترمب قالت أنه اتفاقا ليس مثاليا لكنه حجر الزاوية لرفع العقوبات التدريجي والمشروط للعقوبات مقابل ضمانات من طهران بعدم حيازة السلاح النووي بناء على الاتفاق وافقت طهران على خفض عدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم، كما وافقت على تحويل المفاعل الذي يعمل بالماء الثقيل كي لا يتمكن من إنتاج البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه لأغراض عسكرية، وذلك تحت إشراف المجتمع الدولي تم تكليف وكالة الطاقة الذرية يتم توسيع صلاحيات مفتيشيها ويمكنها أن تفحص على مدى 20 عاما.

وافقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران على استئناف عمليات المراقبة على البرنامج النووي لطهران، من أجل تهدئة الأزمة بخصوص مراقبة مواقع نووية إيرانية، وبموجب الاتفاق ستسمح طهران للوكالة الدولية بالإطلاع على سجلات كاميرات المراقبة الموضوعة في عدد من المواقع النووية لتتبع عمليات تخصيب اليورانيوم في عدد من المنشآت النووية الإيرانية، بعدما كانت إيران ترفض السماح لعدة أشهر بحجة انه يعيق عملها بشكل كبير، وكان المفروض أن يكو نلدى طهران مخزون إجمالي 2020.8 كيلو غرام، ومع ذلك قدر التقرير أن إيران لديها الان 2441.3 كيلو غرام من اليورانيوم المخصب.

أثناء المفاوضات في فيينا في22 أبريل 2021 صرح المساعد الاقتصادي لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال رستم قاسمي أن الفضل يعود لنفوذ الحوثيين في اليمن وسيطرتهم على مناطق واسعة يعود للدعم العسكري والسياسي الإيراني مع وجود خبراء إيرانيين يعدون على الأصابع، حاولت إيران التبرؤ من هذا التصريح بعد يومين فقط، الذي يكشف حقيقة التصعيد العسكري في اليمن من قبل إيران التي دفعت بشن هجوم على مأرب النفطية وانتظرت أمريكا تحقيق أمر واقع على الأرض لكن ذلك لم يتحقق وأفشلت السعودية محاولات أمريكا استرضاء إيران في اليمن، بعدما أصبح الملف اليمني ورقة ابتزاز في يد المجتمع الدولي وهو ما ترفضه السعودية توظيف اليمن في الملف النووي.