ادهم ابراهيم يكتب : سلوك بعض مستخدمي التواصل الاجتماعي يعكس مدى الانحدار في الاخلاق
تحتل شبكات التواصل الاجتماعي مكانة مهمة في الحياة اليومية لكثير من الناس ، خصوصا بعد تزايد استخدامات الانترنت في مجالات العمل والترفيه والحصول على المعلومة .
ان الاستخدام السليم للشبكات الاجتماعية تختلف من شخص لآخر ، وتستند على ضمان حرية التعبير التي تعد من أشهر حقوق الإنسان .
وهذا الاستخدام يوفر للمواطنين الفرصة لتكوين رأيهم الخاص حول القضايا الاجتماعية والسياسية التي تلعب دورًا هاما في المجتمع .
كما ويعتبر وسيلة للتنفيس عما بداخلهم .
إضافة الى أن حرية التعبير تفسح المجال للنقد ، بما في ذلك سياسة الحكومة أو الدوائر التابعة لها .
ان الجوانب الايجابية المهمة لهذه الوسائل تقابلها جوانب سلبية خطيرة مع الاسف ، حيث اصبحت أكثر قتامة ، لما تتضمنه من الاخبار الكاذبة احيانا ، او نشر خطاب الكراهية ، اضافة الى المحتوى الذي يحرض على العنف بطريقة مباشرة او غير مباشرة .
والاكثر من هذا وذاك
انتشار عبارات السب والشتم والخطابات الخادشة للحياء ، وهو ماكنا نطلق عليه كلام اولاد الشوارع .
كما ان فتح حسابات وهمية ونشر اخبار ومعلومات مضللة
او اختراق الحسابات والصفحات ، وانتحال صفة أشخاص آخرين والحديث بلسانهم زورا” ، او نشر صور فاضحة ومسيئة فيها . تعد من جرائم التزوير المعاقب عليها قانونا . وهي في كل الاحوال اعمال عدوانية غير انسانية وتعبر عن مستوى الانحطاط الأخلاقي لمرتكبيها .
كل هذه الممارسات تُخالف معايير المجتمع السوية المتَّبعة لدينا وغير مسموح بها تحت اي ذريعة .
وإذا رأيت حسابًا ينتحل شخصيتك أو شخصية عامة ، فاعلم ان ورائه جماعة او منظمة مغرضة تهدف الى تخريب السلوك السوي للمجتمع ، وتعمل على افساد الاداب العامة والاخلاق المتعارف عليها ، وزعزعة الثقة بالآخرين .
فمثل هذا الممارسات لايمكن ان تدخل ضمن حرية التعبير ، باي شكل من الاشكال لكونها ممارسات مؤذية وصادمة أو على اقل تقدير فهي مزعجة مثيرة للاشمئزاز . ان لم تكن جرائم يعاقب عليها القانون .
وهي بذلك تعتبر من الوسائل المفسدة للذوق ، والآداب العامة والتجني على الغير والمجتمع .
ان مثل هذه التصرفات الضارة للفرد والمجتمع ، توجب الشجب والاستهجان ، بل ومعاقبة مرتكبيها . حيث ان السكوت عنها تجعلها سلوكا عاما قابلا للانتشار عبر الإنترنت وغيره .
ان هناك خطر حقيقي في مصادرة حقوق وحريات الآخرين في المشاركة والتعبير من خلال هذه الممارسات غير السوية والعدوانية .
حيث أن الضحايا لم يعودوا يجرؤون على التعبير عن أنفسهم بحرية إذا ما واجهوا بشكل متكرر مثل هذه الأنواع من الرسائل .
وفي كثير من الأحيان ، يتوقف مستخدمي التواصل الاجتماعي عن المشاركة عند مواجهة تهديدات عبر الإنترنت .
ان الانانية والتجهيل وفرض الارادات ، هي المحرك الاساسي لمثل هذه الممارسات غير السوية وتعتبر من مظاهر الانحدار الاخلاقي ، وتدني الذوق العام
، وهي ليست سلوكيات فردية ترتكب بمعزل عن المجتمع ، حيث تقف وراءها دوافع عديدة لعل اهمها الفساد المستشري ، والخلل الحاصل في المجتمع نتيجة الافكار والاطروحات الرجعية المتخلفة التي تسود بهدف مصادرة حرية الآخرين وفرض افكار واوهام الانظمة الحاكمة ، لضمان استمرار وجودها باشاعة الفساد والجهل ، وبالتالي القضاء على القيم الاخلاقية والمعنوية في المجتمع .
ان شيوع الفساد المالي يؤدي بالتأكيد الى الفساد الأخلاقي وهما عنصران مترابطان وجودا وعدما ، ولايمكن الفصل بينهما .
فحيثما وجد الفساد المالي نجد الانحدار الاخلاقي والقيمي للمجتمع . ومن هنا يعم الخراب في كل مفصل من مفاصل الدولة والمجتمع .
ان الحفاظ على الأخلاق والاداب العامة عامل مهم لاستقرار المجتمع وتقدم الدول .
فعلى المثقفين وطلائع المجتمع الواعية التصدي لمثل هذه الحالات ، واشاعة القيم والمثل العليا لحماية الذوق العام والاخلاقيات المتعارف عليها ، التي تمثل الركيزة الاساسية لحماية المجتمع ، وضمان امنه واستقراره .