مصطفى النعيمي يكتب : الصين وحرب العملات المشفرة
اعتبر البنك المركزي الصيني التعاملات التجارية التي تجري بالعملات الرقمية غير قانونية. وقال البنك المركزي الصيني في بيان له “تلك التعاملات تهدد بشكل خطير أصول الأفراد وقال ان النشاطات التجارية المرتبطة بالعملات الافتراضية هي نشاطات غير قانونية.
يذكر أن تزايد خسارة العملة الرقمية “بتكوين” جاء جراء تلك الخطوة حيث خسرت 5.8 بالمئة من قيمتها، وتأتي تلك الخسارة بعد قرار الصين حظر التعامل بالعملات المشفرة، وانخفضت قيمة البتكوين 6بالمئة، وعللت الصين إلى أن الأمر يرتبط بإجراء عمليات احتيال وغسيل الأموال والاستخدام المفرط للطاقة.
بالمقابل وصفت وكالة “بلومبيرغ” الخطوة الصينية ضد العملات المشفرة، بأنها ضربت في قلب سوقها على الرغم من ان بكين لطالما أعلنت عن استيائها من العملات المشفرة بسبب علاقتها بعمليات غسيل الأموال والاحتيال.
وأضافت الوكالة أنه وفي أعقاب إعلان الحظر تراجعت بتكوين وانخفضت بنسبة 6بالمئة، وعللت الانخفاض إلى نهج الصين الصارم الذي كان جزءاً من أسباب انهيار أسعار بتكوين في مايو الجاري، مشيرة إلى أن نهج الصين الصارم كان جزءاً من سبب انهيار أسعار بتكوين في مايو الجاري.
وعلقت الوكالة على انحسار العمل في العملات المشفرة “أن هنالك مضاربون قد تحول نشاطهم خارج البلاد وسط لوائح استثمار صارمة بشكل متزايد.
ولعل من المناسب أن نذكر بأن العملة المشفرة بتكوين قد خسرت 37 بالمئة من قيمتها في مايو الفائت، وبالتالي سيكون هذا أسوأ أداء شهري لها إذا استمر أدائها على نفس الوتيرة في الهبوط المفاجئ.
وتسبب خسارة عملة بتكوين في تراجع جهود الصين للقضاء على عمليات التعدين الإلكترونية لاستخراج العملات المشفرة وتداولها، إضافة إلى التداعيات الاقتصادية على الصين، حيث لجأت شركة السيارات الكهربائية “تسلا” المملوكة لرجل الأعمال الأميركي “إيلون ماسك”، وشركة “ماستر كارد” (MasterCard) للخدمات المالية، إلى وقف تلقي المدفوعات بالعملة الرقمية على خلفية مخاوف بشأن تراجع استهلاك الطاقة.
وعلى النقيض من ذلك، فإن أهم سبب للتركيز على بروز عملة بتكوين هو ما تم كشفه من المخاطر التي تنطوي على التزام الاحتياط الفدرالي الأمريكي بسياسة الفائدة الصفرية، وتعود تلك السياسة إلى تبعات جائحة كورونا والتي تبعها التصدي للانهيار الاقتصادي، والتي ألقت بظلالها على المستثمرين حيث لجأ الكثيرون إلى الاستثمار في العملات المشفرة وعلى رأسها عملة بتكوين.
ومن زاوية أخرى حثت وزارة الخارجية الأمريكية على إعادة النظر فيما تكشفه أسواق العملات المشفرة، والعواقب الواقعية للسياسة النقدية والمالية الحالية.
ونتيجة لتلك العوامل والتذبذب في أسعار العملات الرقمية المشفرة يكاد أن يكون من المستحيل أن تحل “بتكوين” أو غيرها من العملات الرقمية بدلا من الدولار الأمريكي، كعملة احتياطية عالمية، على المدى المنظور كأقل تقدير، وأن تقلب سعر بتكوين وإمداداتها المحدودة للغاية يجعلها غير جاهزة لأداء دورها مقابل الدولار الأمريكي.
ويرى مراقبون بأن التكنولوجيا الرقمية قد أحدثت تغييراً في الطريقة التي يتم بها شراء السلع والخدمات بطرق جذرية، وقد فاقت التوقعات بشأن المزايا المتطورة والمذهلة لهذه الابتكارات مثل هذه العملات المشفرة والتقنيات المستخدمة في عملية استثمارها في السوق الاقتصادي، وساعد من نموها سهولة استخدامها ضمن المنصات الرقمية والتعامل بها.
وهنا لا بد من التأكيد على أن العملات الرقمية مازالت في تتقدم لكن بشكل تدريجي وحذر رغم كافة المعوقات العالمية، وقد بدأ سوق العمل في العملة الرقمية المشفرة “بتكوين” لأول مرة عام 2008، فأنها استحقت منح الثقة على القدرة الأشمل في الربط بين الشركات والمستهلكين، إضافة إلى القدرة على إنشاء أسواق جديدة متخصصة تؤثر على سوق العمل التقليدي وتساهم في التأثير على الدولة والاقتصاد مما يمنحها دفعة جديدة في سلم النجاحات التي حققتها.
وهذا يدعوا المتعاملون في العملات الرقمية إلى ضرورة فهم أشكال المعاملات الأكثر تعقيداً من الناحية الفنية، والتأكيد على أن فهم العامة لمخاطر أشكال المعاملة الرقمية المتنوعة وتأثيرها، وأن البعض ليس لديهم القدرة على تقديم موافقة وملائمة مستنيرة عند التفاعل مع منصات المعاملات، يعد من الاعتبارات المتوجبة إلى الاهتمام بها.