مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

في ذكرى رحيله.. نجيب الريحاني الفنان الشامل الجامع بين حضارتي مصر والعراق

نشر
نجيب الريحاني
نجيب الريحاني

مشوارٌ فنيٌ كبير، استطاع من خلاله تخليد اسمه بين رواد السينما المصرية، نجيب الريحاني، الفنان العراقي الذي يعد واحدًا من أهم الأسماء التي صنعت تاريخ الفن المصري، والذي تحل اليوم ذكرى رحيله حيث غاب عن عالمنا في 8 يونيو عام 1949، عن عمر ناهز حينها 60 عاما.

 

رحل الريحاني تاركًا عدد من الأعمال السينمائية والفنية، أثرت وتركت في أذهاننا بصمة لا تنسي، حيث أصبحت من الأعمال المميزة من فن الزمن الجميل، ومنها مثلًا “ياقوت “، “سلامة في خير”، “سي عمر”،  “لعبة الست”، “أحمر شفايف”، “أبو حلموس”، وآخرهم فيلم “غزل البنات”.

 

ابتكر نجيب الريحاني شخصيته المشهورة “كشكش بك”، العُمدة الريفي، وكتب وأخرج أولى مسرحياته “كشكش بك” بعنوان “تعالي لي يا بطة”، ثم مسرحيتي “بستة ريال” و”بكرة في المشمش”، فمن أشهر مسرحياته: “30يوم في السجن” و”الدلوعة” و”الدنيا على كف عفريت” و”إلا خمسة”.

نجيب الريحاني
نجيب الريحاني

أب عراقي وأم مصرية

قال عنه (يحيى حقي) في كتاب له عن الريحاني “أنه كان من الأجانب الذين أكرمت مصر وفادتهم”.

ولد الريحاني في القاهرة، مصر، في يناير من عام 1889، أمه مصرية ووالده عراقي وكان الأوسط بين أخوته الثلاث. حياتهم كانت ميسورة للغاية، لذا تلقوا تعليمهم في أرقى مدارس القاهرة.

 

قضى الريحاني صباه وشبابه في حي باب الشعرية لأب من أصل موصلي عراقي كلداني مسيحي يعمل بتجارة الخيل فاستقر به الحال في القاهرة ليتزوج سيدة مصرية قبطية أنجب منها (نجيب).

 

التحق الريحاني بمدرسة الفيير الفرنسية وكان منكباً على الدراسة قاضياً الكثير من الساعات في مطالعة الأدب الفرنسي والعربي وكان طليقاً بهما إلقاء وكتابة، وتأثر بأدب الفرنسي الساخر موليير وترجم له معظم أعماله.

ظهرت موهبة الريحاني في المدرسة الفرنسية التي درس بها، فانضم إلى فريق التمثيل المدرسيّ، أشتهر بين معلميه بقدرته على إلقاء الشعر العربي، حيث كان من أشد المعجبين بالمتنبي وأبو العلاء المعرِى.

لاحظ موهبته الشيخ بحر أستاذ اللغة العربية فعمد إلى اختياره رئيسا لفريق التمثيل، حيث كان يعود إلى غرفته يتدرب على أدواره بأصوات عالية ولساعات طويلة، ولطالما تعرض للتأنيب من قبل أمه بسبب ذلك.

 

من أشهر أفلام نجيب الريحاني

من أشهر أفلام السينما المصرية هو فيلم “حسن ومرقص وكوهين” وهو من حوار نجيب الريحاني وقصة وسيناريو بديع خيري وتدور قصة الفيلم حول ثلاثة يمتلكون مخزنًا للأدوية وصيدلية ويعمل لديهم عباس. وفي يوم من الأيام يرث عباس ثروة ضخمة ويصل الخبر الى مرقص قبل وصوله الى عباس فيجتمع مرقص مع كوهين وحسن ويقررون الاستفادة من ثروة عباس بأن يوقعوا معه عقد عمل بأجر كبير.

محمد صبحي ونجيب الريحاني

عاد الريحاني بعد وفاته على المسرح من خلال مسرحية لعبة الست بطولة محمد صبحي وسيمون، وكانت تدور أحداث القصة حول (حسن) رجل فقير يتعرف على الفتاة الجميلة (لعبة) من خلال مجيئها إلى بيته متخيلة أنه بيت عمتها، وتفاجأ بوجوده في المنزل حيث استأجره، فتنشأ بينهما قصة حب ويتزوجان، ولكن يحالفها الحظ ويكتشفها أحد منتجي الأفلام وتصبح نجمة مشهورة، وبذلك يتغير كل شيء.

واستطاعت المسرحية تحقيق نجاح كبير، وهذا يعكس فن نجيب الريحاني العابر للأجيال، وأنه لم يؤثر في جيله وزمنه فقط، هو فنان لكل زمان ولكل الأجيال.

 

مسلسل يجسد حياة نجيب الريحاني

مسلسل الضاحك الباكي من تأليف محمد الغيطي يحكي المسلسل قصة نجيب الريحاني، ولكن هذا المسلسل لم يرى النور حتى الآن؛ بسبب الظروف الانتاجية التي أدت إلى تأجيله، وذلك حسبما أصرح الغيطي.

ويشار إلى أن مسلسل “الضاحك الباكي” من تأليف الكاتب محمد الغيطي وإخراج عصام شعبان وبطولة نضال الشافعي وأحمد بدير وإدوارد وتجسد الممثلة الأردنية صفاء سلطان شخصية الفنانة بديعة مصابني التي تزوجها الريحاني.

وتجسد الممثلة المصرية هالة صدقي دور أم نجيب الريحاني، كما يشارك في بطولة المسلسل كل من فريال يوسف وتامر خضر، وأشرف زكي وأيمن زيدان وميار الغيطي وريم صابوني ومي سليم وسهير رجب، ويحكي العمل عن سيرة الممثل المصري نجيب الريحاني.

 

شارع نجيب الريحاني

بالتقاطع مع شارع رمسيس، وزكريا أحمد وعماد الدين والجمهورية وكلوت بك في وسط القاهرة الخديوية، يوجد شارع باسم نجيب الريحاني، ولكن حالة الشارع لا تمثل روح صاحبه المبدع رائد فن الكوميديا في مصر خلال القرن الماضي الذي جسد بعبقرية عددًا من الشخصيات الفكاهية مثل: كشكش بك، وسي عمر، وأبو حلموس، والأستاذ حمام.

 

لم يتبقى من معالم شارع الريحاني التاريخية سوى مسرح قديم مغلق، وأربع لوكاندات، وعدد من البنايات القديمة والحواري والأزقة، بعد أن كان في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، بمثابة تجمع كبير للمقاهي والكازينوهات واللوكاندات والفنانين.

 

لوحظ تهالك كثير من بنايات الشارع، وقد غطّى كثيرًا منها التراب والغبار، فضلًا عن زحام المارة الذين يتردّدون على الشارع لشراء احتياجاتهم من محال طلمبات المياه وقطع غيار الأجهزة الكهربائية، التي انتشرت على جانبي الشارع وبامتداده، لا سيما في الجزء الواصل من شارع عماد الدين وحتى كلوت بك.

 

بديعة مصابني زوجة الريحاني

لم تختلف حياة نجيب الريحاني البسيطة، عن الشخصيات التي كان يقو بأدائها، الأمر الذي لم يلق قبولًا لدى زوجته بديعة مصابني الفتاة العشرينية، والتي سافرت من لبنان إلى مصر تقصد الفن وتحب الرقص وتعشق الحياة، وتريد أن تعيش تحت الأضواء وسط الضجيج والناس، هذه الاختلافات حكمت على علاقة الريحاني ومصابني بالانتهاء بعد ثلاث سنوات من بدئها.

كان الريحاني يحب الحياة الهادئة ويبتعد عن الصخب والأضواء، يعشق النوم والكسل، ويفضل الابتعاد عن الضجيج والناس، وذلك كان أبعد ما يكون عن حياة بديعة مصابني، وهذا ما دفعها أن تراه رجلًا مملًا يصعب إرضاؤه وقد حاولت إسعاده بشتى الطرق لكنها فشلت، فقد كانت طبيعة نجيب الريحانى انطوائية، لا يتفاعل مع أي شيء حوله كأنه مسجون داخل نفسه.

 

نجيب الريحاني يرثي نفسه

من المفارقات الطريفة في حياة نجيب الريحاني أنه استطاع رثاء نفسه، قبل وفاته بخمسة عشر يومًا، حيث أصيب بمرض التيفود الذي أثر على صحة رئتيه وقلبه، وأودى بحياته.

 

وكتب “الضاحك الباكي” في رثاء نفسه قائلًا: “مات نجيب، مات الرجل الذي اشتكى منه طوب الأرض وطوب السماء، إذا كان للسماء طوب، مات نجيب الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب، مات الرجل الذي لا يعرف إلا الصراحة في زمن النفاق، ولم يعرف إلا البحبوحة في زمن البخل والشح ،مات الريحاني في 60 ألف سلامة”.

 

عاش في حي باب الشعرية، وعاشر الطبقة الشعبية البسيطة والفقيرة وهو من أشهر ممثلي المسرح في القرن العشرين، وعمل موظف في أحد البنوك الزراعية، إلى أن صادق بديع خيري وخاضا معًا غمار السينما والمسرح.