خط جونسون .. بريطانيا تترك الهند والصين فى حرب حدودية لأكثر من نصف قرن؟
خاضت الصين والهند حرب حدودية بسبب الحدود المتنازع عليها فى جبال الهيمالايا فى 20 أكتوبر عام 1962م وانتهت بانتصار الصين في 21 نوفمبر من نفس العام .
إذ شن الصينيون هجمات متزامنة في لاداخ وعبر خط مكماهون في 20 أكتوبر 1962، لعدم قدرتهم على الوصول إلى تسوية سياسية على الأراضي المتنازع عليها على طول حدود الهيمالايا البالغ طولها 3,500 كيلومترًا بحسب الحكومة الهندية . تقدمت القوات الصينية على القوات الهندية في كلا المسرحين واستولت على «رزانغ لا» في تشوشول ، وعلى تاوانج .و انتهت الحرب بإعلان الصين وقف إطلاق النار في 20 نوفمبر 1962، وأعلنت في الوقت نفسه انسحابها إلى خط السيطرة الفعلية المزعوم.
كان السبب الرئيسي للحرب هو النزاع على سيادة المنطقتين الحدوديتين ” أكسي تشين” و”أروناجال برديش” اللتين تفصل بينهما مسافات شاسعة. تملك أكساي تشين، التي تزعم الهند أنها تنتمي إلى كشمير وتزعم الصين أنها جزء من شينجيانغ، طريق ربط مهم يصل بين منطقتي التبت وشينجيانغ الصينية. وكان بناء الصين لهذا الطريق أحد مسببات الصراع.
أكساي تشين صينية أن هندية ؟
ونشأ الجزء الغربي من الحدود الصينية الهندية عام 1834، نتيجة غزو جيوش راجا غولاب سينغ منطقةَ لاداخ تحت سلطة الإمبراطورية السيخية. بعد حملة فاشلة في التبت، وقّع غولاب سينغ والتبتيون معاهدة عام 1842 وافق بموجبها على الالتزام بـالحدود القديمة الثابتة، التي تُركت غير محددة، أدت الهزيمة البريطانية للسيخ عام 1846 إلى نقل منطقة جامو وكشمير بما في ذلك لاداخ إلى البريطانيين، الذين عينوا غولاب سينغ مهراجا تحت سلطتهم. وحدد مفوضو الحدود البريطانيون الطرف الجنوبي للحدود في بحيرة بانغونغ، ولكنهم اعتبروا المنطقة الواقعة شمالها حتى ممر كاراكورام أرضًا مجهولة.
وبعد تمرد دونغان عام 1862، الذي شهد على طرد الصينيين من تركستان، بنى مهراجا كشمير حصنًا صغيرًا في شهيدولا عام 1864. من المرجح أن الحصن قد حصل على الإمدادات من خوتان، التي أصبح حاكمها الآن مستقلًا وعلى علاقات ودية مع كشمير. عندما خلع الرجل الكاشغري القوي يعقوب بيك الحاكم الخوتاني، أُجبر المهراجا على ترك منصبه عام 1867. ثم احتلتها قوات يعقوب بيك حتى نهاية تمرد دونغان في الفترة الفاصلة، كُلّف وليام إتش. جونسون من وكالة مسح الهند بمسح منطقة أكساي تشين. في أثناء عمله، «دعاه» الحاكم الخوتاني لزيارة عاصمته. لاحظ جونسون بعد عودته أن حدود خوتان كانت عند برينجغا، في جبال كونلون، وأن وادي كاراكاش بأكمله يقع داخل إقليم كشمير. يُشار إلى حدود كشمير التي رسمها باسم «خط جونسون» (أو «خط أرداغ جونسون»)، وهي تمتد من ممر سانجو إلى الحافة الشرقية لوادي تشانغ شينمو على طول جبال كونلون.
وبحلول عام 1892، استقر البريطانيون على سياسة مفادها أن الحدود المفضلة لهم في كشمير هي «مجمعات مياه السند»، التي تتدفق مياهها عبر خط تقسيم المياه إلى شبكة نهر السند على أحد الجانبين وحوض تاريم على الجانب الآخر. في الشمال، كان خط تقسيم المياه هذا على طول سلسلة كاراكورام. في الشرق، كان الأمر أكثر تعقيدًا، لأن أنهار تشيب تشاب وغالوان وتشانغ تشنمو تتدفق إلى السند، بينما يتدفق نهر كاراكاش إلى حوض تاريم. حدد نائب الملك اللورد إلجين المحاذاة الحدودية على طول خط تقسيم المياه هذا وأبلغ لندن بها. اقترحتها الحكومة البريطانية في الوقت المناسب على الصين عن طريق مبعوثها السيد كلود ماكدونالد في عام 1899. تنازلت هذه الحدود، التي أصبحت تسمى خط ماكارتني ماكدونالد، للصين عن سهول أكساي تشين في الشمال الشرقي، ومسار ترانس كاراكورام في الشمال. في المقابل، أراد البريطانيون أن تتنازل الصين عن «سلطتها المبهمة» على هونزا.
وبعد أن أعاد الصينيون احتلال تركستان عام 1878 وأطلقوا عليها اسم شينجيانغ، عادوا مرة أخرى إلى حدودهم التقليدية. في هذا الوقت، كانت الإمبراطورية الروسية راسخة في آسيا الوسطى، وكان البريطانيون حريصين على تجنب الحدود المشتركة مع الروس. بعد إنشاء ممر واخان كمنطقة عازلة في شمال غرب كشمير، أرادوا أن يملأ الصينيون المنطقة غير المأهولة بين سلال كاراكورام وكونلون. بتشجيع بريطاني (وربما روسي)، بحلول عام 1890، احتل الصينيون المنطقة حتى وادي نهر ياركاند (الذي يُطلق عليه اسم راسكام)، بما في ذلك شهيدولا، ونصبوا أعمدة حدودية عند ممر كاراكورام بحلول عام 1892 بدت هذه الجهود فاترة و أظهرت الخريطة التي قدمها هونغ تا تشن، المسؤول الصيني البارز في سان بطرسبورغ، عام 1893 حدود شينجيانغ حتى راسكام. كان مشابهًا لخط جونسون في الشرق، إذ وُضعت أكسي تشين في إقليم كشمير.
وظلت كل منهما تتهم الأخري بانتهاك الحدود حتى عام 2009 التى أعلنت الهند أنها ستنشر قوات عسكرية إضافية على طول الشريط الحدودي.
وعام 2013 قالت الهند إن قوات صينية أنشأت معسكرا على بعد 10 كيلومترات من حدودها الشرقية، وقالت إن التوغل شمل قيام مروحيات عسكرية صينية بدخول المجال الجوي الهندي، غير أن بكين نفت ذلك. وانتشر جنود من البلدين على الحدود لمدة شهر كامل، قبل أن ينسحبوا جميعاً.
وفي 2014 اقترحت نيودلهي أن تعترف الصين بسياسة “الهند واحدة” لحل النزاع الحدودي.
وفي 2015 تواجهت القوات الصينية والهندية بمنطقة بورتسه شمال لاداخ بعد تفكيك القوات الهندية برج مراقبة بنته الصين بالقرب من خط الدوريات العسكرية المتفق عليه بين البلدين.
وفي يونيو 2017 قام الجانبان بزيادة قواتهما إلى ثلاثة آلاف جندي لكل منهما، وذلك عندما اعترض جنود هنود على قيام الجيش الصيني ببناء طريق في منطقة متنازع عليها.
ويوم 23 من يوليو 2017 طالبت الصين جارتها بسحب قواتها من الجزء الصيني للشريط الحدودي بينهما، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع وو تشيان إن على نيودلهي اتخاذ خطوات عملية لتصحيح الخطأ والكف عن الاستفزازات والعمل معا من أجل استقرار وأمن المنطقة، وحذر من الاستهانة بقدرات الجيش الصيني مؤكداً أن قدرته على الدفاع عن السيادة تتعزز باستمرار.
ويوم 24 من يوليو 2017 اتهمت الصين جارتها بانتهاك اتفاقية حدودية أبرمتها بريطانيا مع بكين عام 1890 وتعهدت الحكومات الهندية السابقة باحترامها. وطالبت الحكومة الصينية نظيرتها الهندية باحترام الاتفاق الحدودي لإنهاء توغل “خطير للغاية” نفذته القوات الهندية.
ومنتصف يونيو 2019 أرسلت الصين جنودا لحماية أعمال بناء بمنطقة دوكلام المتنازع عليها، وذلك لشق طريق حدودي، فردت الهند بنشر قوات عسكرية حالت دون استكمال المشروع، وبررت ذلك بأن السماح ببناء الطريق من شأنه أن يجعل الوصول إلى مناطق حساسة سهلاً للصينيين.
واتهمت بكين القوات الهندية بأنها اجتازت الحدود الصينية، وطالبت وزارة الدفاع الهند بسحب قواتها وحذرت من الاستهانة بقدرات جيشها، مؤكدة أن قدرته على الدفاع عن السيادة.
وأدى الاقتتال العام الماضى في وادي غالوان في ولاية لاداخ، وهي منطقة حدودية متنازع عليها في جبال الهيمالايا، إلى مقتل عشرين جندياً هندياً على الأٌقل، ولم تعترف الصين بوقوع ضحايا في صفوف قواتها، ولكن أنباء غير مؤكدة في وسائل الإعلام الهندية قالت إن 40 جندياً على الأقل قتلوا.
وتفيد التقارير بأن الجنود اشتبكوا بالعصي والهراوات دون إطلاق الرصاص، واتهم كل طرف الطرف الآخر بأنه كان من بدأ القتال.
وصرحت الهند والصين اغسطس الماضي أنهما ستواصلان الحوار الهادف إلى تخفيف التوترات الناشئة عن النزاع الحدودي بينهما، وسط مخاوف من نشوب صراع أوسع بين العملاقين الاقتصاديين في الوقت الذي تحتشد فيه قوات كل منهما في مواجهة الأخرى في منطقة النزاع. وجاء في بيان مشترك للجيشين الهندي والصيني أن الجانبين أجريا «تبادلا صريحا وعميقا لوجهات النظر» واتفقا على حل الخلافات «دون إبطاء». وقال البيان: «اتفق الجانبان أيضا على أن يواصلا في هذه المرحلة جهودهما الفعالة لضمان الاستقرار… والحفاظ معا على السلام والهدوء».
والجولة الثانية عشرة من المحادثات بين الجيشين، وهي الاجتماع الأول بينهما منذ ثلاثة أشهر، هي أحدث محاولة لدرء المخاوف من اندلاع صراع أوسع بين البلدين.
فهل سيعقد الطرفان هدنة سلمية أم حرب نووية لأكبر دولتين فى العالم ؟