بين تفخيخ الوزارات السيادية واختراق وزارة التربية.. “ألغام” إخوان تونس لا تتوقف
لم تقتصر “ألغام” إخوان تونس على تفخيخ الوزارات السيادية وإنما استهدفت أيضا عقول النشء باختراق وزارة التربية.
وزارة فائقة الحساسية تعنى بطلاب المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، تغلغل فيها سرطان الإخوان بشكل ممنهج عبر نفث خلاياه السامة في أروقتها، من خلال تدليس وثائق إدارية لصالح بعض المعلمين النواب بهدف إلحاقهم لها عن طريق دفع رشاوى.
وبعد قرارات 25 يوليو وسحب البساط من تحت أقدام الإخوان، وشروع الرئيس التونسي قيس سعيد في تطهير جميع القطاعات من براثنهم، تم اكتشاف ملفات فساد بالوزارة، حيث تم تزوير شهادات تزعم أن المعلمين الذين تم إلحاقهم استوفوا شروط التسوية ليتم إدراج أسمائهم بقائمة المشمولين بالتسوية، في خرق سافر للقانون.
وأصدر سعيد قرارات استثنائية قضت بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وإقالة رئيس الحكومة الموالي للإخوان هشام المشيشي.
الاحتفاظ بالمدير المحلي للتربية
النيابة العامة بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي (محاكم مختصة)، قررت، أمس الثلاثاء، الاحتفاظ بالمدير المحلي للتربية بمحافظة سيدي بوزيد (وسط)، إلى جانب أربعة موظفين محسوبين على الإخوان، على خلفية الاشتباه بارتكابهم جرائم تدليس وثائق إدارية لفائدة بعض المعلمين النواب، وفق ما أفاد به مكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس.
وبلغ عدد المحتفظ بهم 7 أشخاص، فيما لا تزال الأبحاث جارية بخصوص من تشملهم الأبحاث من طرف الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية للحرس الوطني المتعهدة بالأبحاث.
وسبق أن قررت وزارة التربية عزل 5 مسؤولين بالمندوبية الجهوية للتربية بسيدي بوزيد من وظائفهم وإحالتهم إلى القضاء، لثبوت تورطهم في التلاعب بملف الانتدابات عن طريق تدليس شهادات علمية لعدد من الأساتذة والمعلمين، وفق ما صرح به سابقا وزير التربية فتحي السلاوتي.
ويأتي هذا الإجراء بعد أيام قليلة من الكشف عن عملية تدليس شملت إدماج أكثر من 100 معلم وأستاذ نائب بولاية سيدي بوزيد، وهم من غير النواب المستوفين لشروط الحق في تسوية وضعياتهم.
وكانت تقارير كشفت أن فرقة مقاومة الإجرام بمحافظة بن عروس (تونس العاصمة) استدعت 102 معلم وأستاذ نائب من سيدي بوزيد، بينهم أساتذة ومعلمون لم يباشروا أبدا التدريس واستظهروا بما يفيد أنهم قدموا دروسا، للمثول أمامها على خلفية شبهات فساد إداري تتعلق بالتزوير والتدليس.
استشراء الفساد
ترتبط تسوية وضعية الأساتذة والمعلمين النواب باتفاقية شاملة تم إبرامها سنة 2008، وتنص على إقرار الإدماج حسب مدة النيابات التي تمثل فترة تعاقدية بين الوزارة والمدرسين النواب ممن تدرج أسماؤهم ومدة تدريسهم بمنصة أنشأتها الوزارة لاحقا.
وقال محمد بوعود، المحلل السياسي التونسي، إن “ما حصل يعتبر فضيحة ويدل على استشراء الفساد في جميع القطاعات انطلاقا من السلطة المركزية إلى السلطات الجهوية (المحلية)”.
ولفت إلى أن “وزارة التربية تعتبر من أكثر الوزارات الحساسة, ولا بد من إيلائها العناية الكاملة لأنها هي التي تكون الأجيال المستقبلية التي ستدير البلاد”.
من جانبه، اعتبر بدر الدين القمودي، النائب ببرلمان تونس المجمد، أن “سيدي بوزيد لن تكون الاستثناء في مكافحة الفساد، وعلى الحكومة القيام، عبر أجهزتها الرقابية، بتدقيق شامل لمختلف المندوبيات والمصالح الجهوية الراجعة بالنظر لوزاراتها”.
مكافحة الفساد
وضعت السلطات التونسية، الرئيس السابق لهيئة مكافحة الفساد قيد الإقامة الجبرية في خطوة تالية على مداهمة مفاجئة لمقر الهيئة.
ومكافحة الفساد هي واحدة من أهم الوعود التي أطلقها الرئيس التونسي قيس سعيد لدى الإطاحة بالحكومة وتجميد البرلمان قبل أسابيع.
وتبدو عملية المداهمة للمقر ومن ثم وضع رئيسها تحت الإقامة الجبرية خطوتين ضمن خطة للسيطرة على الصندوق الأسود لفساد نظام الإخوان الذي سيطر على مقاليد الأمور في الفترة الماضية.
مداهمة وإقامة جبرية
وكانت داهمت قوات الشرطة التونسية مقر هيئة مكافحة الفساد في البلاد على نحو مفاجئ اليوم، في عملية تستهدف استباق أي محاولة لإتلاف أدلة فساد الإخوان، مما طوقت قوات الشرطة مقر الهيئة المستقلة للفساد وأخلتها من الموظفين، في محاولة تستهدف منع إتلاف أي ملفات فساد.
وقال الرئيس السابق لهيئة مكافحة الفساد شوقي الطبيب إن السلطات الأمنية وضعته قيد الإقامة الجبرية، بعد ساعات من إخلاء المقر، حيث عزل سعيد رئيس الوزراء هشام المشيشي وجمد عمل البرلمان في خطوة مفاجئة وصفها معارضوه بأنها انقلاب ولكنها لاقت تأييدا شعبيا.
وشغل الطبيب منصب رئيس الهيئة منذ 2016 قبل أن يقيله رئيس الحكومة الأسبق إلياس الفخفاخ في 2020.
وقال الطبيب في تدوينة في حسابه على فيسبوك “دورية أمنية ترابط أمام بيتي أعلمتني أنه صدر قرار بوضعي تحت الإقامة الجبرية”.
وفي وقت سابق أقال الرئيس سعيد الكاتب العام لهيئة مكافحة الفساد دون أن يعطي تفاصيل عن أسباب القرار.
إجهاض محاولات الفساد
وكانت الخطوة جاءت بقرار من وزير الداخلية، بعد ورود معلومات عن محاولات أطراف مقربة من حركة النهضة الإخوانية طمس وإخفاء ملفات وازنة ضد الحركة”.
وأوضحت “هذه الملفات تتعلق بممتلكات تخص قيادات إخوانية وزعيم التنظيم الإخواني التونسي راشد الغنوشي”.
وكانت النيابة العامة التونسية وضعت مؤخرا عددا من نواب البرلمان المجمد والوزراء السابقين والسياسيين قيد الإقامة الجبرية.
كما أصدرت النيابة مذكرات توقيف بحق نواب من حزب ائتلاف الكرامة، الذراع المتشددة لحزب حركة النهضة.
وكان سعيد الذي فاز في انتخابات 2019 متعهدا بمكافحة الفساد, قد قال في وقت سابق هذا الشهر إنه سيلاحق كل من أجرم في حق الشعب التونسي أو سرق أمواله.
ووصف سعيد إخوان تونس بأنهم “حفنة من الأشخاص التي تريد نهب الدولة التونسية والشعب التونسي”، مضيفا “لا مجال لهؤلاء في المستقبل”.