إثيوبيا وسلسلة انتهكات دامية ضد ” تيجراي”
وجهت قوات الدفاع في إثيوبيا ضربات جوية استهدفت مركز تدريب لـ”جبهة تحرير تجراي”، اليوم الجمعة، وتعد هذه الضربات ضمن سلسة ضربات وانتهكات دموية قامت بها الحكومة الإثيوبية في حربها ضد إقليم تيجراي.
الحرب التي امتدت ما يقرب من عام، حيث شهد إقليم تيجراي، في نوفمبر الماضي، مواجهات عسكرية استمرت لنحو 3 أسابيع أطاحت بجبهة تحرير تجراي، بعد أن فرت قياداتها إلى الجبال عقب دخول قوات الجيش الإثيوبي.
وخلفت هذه الحرب المئات من الضحايا، وآلاف النازحين، وخلق معاناة كبيرة لأهالى الاقليم ولاتزال حتى كتابة هذه السطور، أثار ردود فعل محلية ودولية واسعة، وبات يتساءل كثيرون حول ماهية منطقة تيجراى، وما ومتى وكيف اندلعت الحرب.
ويرصد موقع “الأمصار” للدراسات قصة النزاع بين جبهة تحرير تيجراى وحكومة أديس أبابا الذي خلف الكثير من القتلي والمصابين في الإقليم.
يقع إقليم تيجراى شمال إثيوبيا والشمال الشرقى إريتريا، ومن ناحية الغرب السودان بولايتى كسلا والقضارف، كما يحده فى داخل إثيوبيا من ناحية الجنوب والجنوب الشرقى والجنوب الغربى مناطق ولَّو الأمهرية وإقليم العفر، ومنطقة قُندَر الأمهرية، ومعظم سكانه من أقلية التيجراى التى تضم حوالى 6 ملايين نسمة، ما يساوى أقل من 6% من مجموع الإثيوبيين البالغ عددهم 110 ملايين نسمة.
الخلاف بين رئيس الوزراء آبى أحمد وجبهة تحرير تجراى ليس وليد اللحظة بسبب الانتخابات، وإنما بدأ منذ تولى آبى أحمد رئاسة الوزراء، عندما رأت الجبهة أن خططه الإصلاحية تستهدف قياداتها ورموزها، حيث قادت الجبهة المشهد السياسى فى إثيوبيا من 1991 إلى 2018، قبل أن تغادره بوصول آبى أحمد لرئاسة الوزراء فى أبريل 2018.
وعلى إثر ذلك ارتفعت وتيرة الخلاف عندما أقدمت تحرير تجراى، على إجراء انتخابات بشكل منفرد، رغم قرار الحكومة الفيدرالية بتأجيل الانتخابات العامة فى البلاد بسبب جائحة كورونا.
أجرت حكومة إقليم تجراى فى الـ9 من سبتمبر 2020، انتخابات الإقليم مستندة إلى ما تقول إنها خطوة “يكفلها لها الدستور”، وتطور الخلاف بين آبى أحمد والجبهة بعد رفض الجبهة الانضمام إلى حزب الازدهار الذى شكله رئيس الوزراء الحالى مؤخرا، كائتلاف جديد بديلا للائتلاف السابق المسمى بـ”الجبهة الديمقراطية الثورية”.
اندلعت الحرب بين إثيوبيا وجبهة تحرير تيجراي فى نوفمبر 2020، بعد أن شنت القوات التى يتزعمها رئيس الوزراء آبى أحمد الحرب على الاقليم، واستولت قوات الدفاع الوطنى الإثيوبية الحكومية بسرعة على العديد من المدن الرئيسية فى تيجراى، بما فى ذلك ميكيلى العاصمة.
وقام رئيس الوزراء الإثيوبي عقب ذلك بإعلان انتهاء المرحلة الرئيسة من الصراع، لكن سرعان ما نجحت الجبهة فى دحر قوات الجيش الإثيوبى ودخول عاصمة الإقليم وخلصت أهاليها من جرائم الجيش الأثيوبى وعادت بنسبة 100% تحت سيطرتها، حيث شهدت انتهاكات بالغة بحق المدنيين على يد الجيش، وصفتها الأمم المتحدة بأنها ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كما تسببت فى تردى الأوضاع الإنسانية والمعيشية بالإقليم، إلى حد وضع مئات الآلاف من سكانه على شفا مجاعة، وفق تقرير أممى.
وعقب سيطرة الجبهة على الإقليم، استعرضت قوات إقليم تيجراى، آلاف الأسرى من الجيش الإثيوبى، على نقالات والبعض الآخر يضع ضمادات ملطخة بالدماء، بينما تم اقتيادهم إلى سجن كبير على الحافة الشمالية للمدينة وهو ما يعد ازلال كبير لجيش أديس أبابا، حيث سار نحو 7 آلاف جندى إثيوبى أسير، لما يقارب 75 كيلومتراً جنوب العاصمة، لمدة 4 أيام.
اندلاع الحرب تسبب فى خسائر بشرية هائلة وبأزمة إنسانية مروعة، ووفقا لبرنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة فإن 5,2 ملايين شخص، أو 91% من سكان تيجراى يحتاجون إلى مساعدات غذائية طارئة، كما اتهمت الولايات المتحدة الحكومة الإثيوبية مجدداً بعرقلة وصول المساعدات إلى إقليم تيجراى.
إضافة إلى تعرض النساء والفتيات للإذلال مرارا، وكثيرا ما كانت هناك إهانات تمييزية ذات دلالات عرقية وتهديدات بالقتل، وتحدثت منظمة العفو الدولية مع 63 ناجية من أشكال العنف الجنسى وإلى منشآت صحية فى تيجراى بين مارس ويونيو.
واتجه الصراع الدامي بين الطرفين إلى التصعيد، منذ أن دعا رئيس الوزراء آبى أحمد، “جميع الإثيوبيين المؤهلين والبالغين” للانضمام إلى القوات المسلحة للقتال ضد جبهة التحرير، ووصفت الأمم المتحدة الصراع بأنه سيطول أمده.
وفي سياق متصل، وصف الموقع الناطق بالفرنسية “connectionivoirienne” الحرب في شمال إثيوبيا في إقليم تيجراي بأنها من أكثر الحروب دموية على الكوكب، لاسيما وقد تحولت الحرب لصراع عرقي، مؤكدا أن الحرب في تيجراي تهدد أمن واستقرار دول المنطقة.
ووفقا للموقع الفرنسي فقد وقع حتى الآن من هذه الحرب ما يقرب من 10000 قتيل، وما يزيد من المخاوف هو أن الحرب باتت الآن على ثلاث جبهات: الشرق (منطقة عفار)، والغرب (منطقة أمهرة)، والتي تضاف إليها الآن جبهة مركزية باتجاه مدينة ديسي، على بعد 400 كيلومتر شمال العاصمة أديس أبابا فضلا عن تيجراي.
وأكد الموقع الفرنسي أن هناك أربعة ملايين مدني على وشك المجاعة فضلا عن انقطاع الكهرباء وانقطاع الهاتف، وفي نهاية أغسطس قامت قوات تيجراي بقطع الشريان اللوجستي الحيوي الذي يربط أديس أبابا بميناء جيبوتي، ثم أرسل مسؤولو جبهة تحرير تيجراي رسائل إلى حكومة جيبوتي، مؤكدين أنه لا توجد نية حربية تجاهها ولكنها قامت بقطع الطريق من أجل فتح ممر إنساني.