لبنان.. ما لا تعرفه عن النائب جميل السيد
اللواء جميل السيد.. هو سياسي وعسكري في لبنان شغل مناصب عسكرية مختلفة، وتعرض في الثمانينات إلى محاولة اغتيال على يد عناصر من حزب الله. خدم في الجيش 30 سنة، ثم 7 سنوات في الأمن العام حتى تقديم استقالته عام 2005 في خضم التداعيات السياسية التي اعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
والنائب جميل السيد هو أحد الضباط الأربعة الذين سجنوا في أغسطس 2005 بسبب شهود الزور في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وقد افرج عن الضباط الأربعة في أبريل 2009 بقرار من المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي التي تنظر في ملف إغتيال الحريري، بسبب عدم وجود عناصر اثبات كافية.
عرف عن الضابط جميل السيد أمران أساسيان: هما انضباطيته وجديته الكاملة فضلاً عن طموحه اللامحدود ومن خلال هاتين الميزتين وبهما وبسببهما امتلك السيد قدرة تحليل منطقية وقدرة أقوى على الاسترسال والاستطراد في الكلام إلى ان يجد من هو أعلى منه يطلب منه التوقف بعد استفاضة في شرح أفكاره.
خدم في الجيش 30 سنة حتى 24-12-1998 ثم 7 سنوات في الامن العام حتى 5-5-2005 تاريخ تقديم استقالته في خضم التداعيات السياسية التي اعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
لدى انقسام الجيش في 1975-1976 رفض الالتحاق بجيش الملازم أول أحمد الخطيب الذي أصدر مذكرة باعتقاله مع آخرين.
غادر على الاثر إلى البقاع والتحق بالنواة الأولى لجيش الطلائع الذي حافظ على التنوع الطائفي بقيادة العميد الطيار فهيم الحاج وأصبح قائد سرية مدرعات في اللواء الأول بقيادة العميد إبراهيم شاهين.
تسلّم في 1983 قيادة فرع استخبارات الجيش اللبناني في البقاع وعُيّن في آب 1991 مساعداً لمدير الاستخبارات في الجيش اللبناني وبعد انتخاب العماد إميل لحود رئيساً للجمهورية في 1998 عُيّن مديراً للأمن العام خلافا للعادة التي اقتضت بتولي ماروني لهذا المنصب.
وترأس اللجنة العسكرية اللبنانية في مفاوضات الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في العام 2000 التي اشرفت عليها الأمم المتحدة ولعب دور ضابط الارتباط بين الدولة والمقاومة وقوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان وشارك في مفاوضات تحرير الاسرى المعتقلين في السجون الإسرائيلية. كان عضواً شبه دائم في الوفود الرسمية اللبنانية إلى القمم العربية وفي زيارات الرئيس لحود إلى الدول العربية والاجنبية. تابع دورات عسكرية عدة ونال عدداً من الأوسمة والتنويهات.
كان السيد أحد المتهمين الرئيسيين في قضية اغتيال رفيق الحريري، وقد أوقف قيد التحقيق في سجن رومية لنحو أربع سنوات مع 3 ضباط آخرين، وباتوا يعرفوا بالضباط الأربعة.
متزوج من سوسن حمدان ولهما أربعة أولاد: مالك ومازن وسامر وسارة.
كان جميل السيد يشغل منصب رئيس مخابرات البقاع في عهد إلياس الهراوي وكانت العلاقة بينهما متوترة حيث كان الرئيس الهراوي يشكوا من تدخلات السيد الزائدة في حياته الشخصية وحياة أسرته في إطار تأمين حياة الرئيس وعائلته. ثم انتقل الرئيس الهراوي إلى مقر الرئاسة الجديد وهو عبارة عن مبنى قدمه رفيق الحريري يقع في منطقة الرملة البيضاء غرب بيروت. واستمرت حماية جميل السيد للرئيس بحكم منصبه، حتى ضاق بهذه التدخلات الرئيس وقرينته. فاستغاث الهراوي كأول استغاثاته من جميل السيد بالرئيس حافظ الاسد وضاق الهراوي ذرعاً بمضايقات جميل الامنية وأوامره بل وتدخله في كل كبيرة وصغيرة حتى انه قال للرئيس الاسد في دمشق يا سيادة الرئيس جميل السيد بيلحقني عالحمام ببيتي..!! وهي احدى الاساليب التي يلجأ اليها الهراوي اذا كان يريد امراً آخر كبيراً وكان يخلط المزاح بالجد. وقدم رفيق الحريري مبنى للرئاسة في غرب بيروت، وانتقل الرئيس الهراوي للاقامة فيه، بينما انتقل جميل السيد إلى مديرية المخابرات حيث عمل نائبا لقائدها. وبعدها استمرت تدخلات السيد ومراقباته للهراوي إلى أن طلب من الرئيس الأسد تخصيص قصر بعبدا، وبالفعل انتقل إلياس الهراوي للاقامة فيه.
وحتى بعد انتقال الهراوي الى قصر بعبدا وانتقال جميل السيد الى مديرية المخابرات فإن العلاقة بينهما لم تهدأ، واستمرت بطرق غير مباشرة، وكما يعتقد الهراوي أن جميل السيد كثيرا ما يدفع الصحفيين إلى كتابة مقالات تنتقده.
كان الزميل سمير قصير أستاذ العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، والكاتب في جريدة ((النهار)) ذا رأي مستقل ومن أول المنتقدين في كل لبنان للنظام الأمني اللبناني – السوري، وكانت مقالاته في الصفحة الأولى في جريدة ((النهار)) صباح كل جمعة فضلاً عن محاضراته وندواته ومداخلاته عبر وسائل الاعلام الفضائية تغضب جميل السيد كثيراً وكذلك برامج زوجته جيزيل خوري إلى جحيم (جيزيل كانت تقدم برنامجاً أسبوعياً في اللبنانية للإرسال ثم تحولت لتقديم برنامج بالعربي في محطة العربية).
وكانت سيارة للأمن العام بعناصرها فرزهم جميل السيد لملاحقة سمير وجيزيل، مما دفع سمير للاتصال بصديقه الزعيم وليد جنبلاط ناقلاً حالته وتهديد السيد له فوضع جنبلاط مرافقاً مع سيارته تحت تصرف سمير، ولم يرتدع السيد وظل ملاحقاً للرجل وزوجه حتى ان سيارة الأمن العام لاحقت الاثنين إلى عشاء برفقة الرئيس رفيق الحريري في مطعم ((بلنيس)) في آخر الوسط التجاري لبيروت وبعد انتهاء العشاء سارت سيارة سمير التي يقودها عنصر من الحزب الاشتراكي مع موكب الحريري حتى وصوله إلى منـزله في قريطم، واقتربت سيارة الأمن العام من سيارة سمير وزوجه في تحدٍ سافر، لكن عنصر الاشتراكي نزل من سيارته حاملاً مسدساً في يده ووجهه إلى صدر عنصر جميل السيد قائلاً: أمر شو بدهم الشباب فتراجعت سيارة الأمن العام وعناصرها وتوقفت الملاحقة عن سمير بهذه الصفة ليفتعل جميل السيد مشكلة مع جواز سفر سمير العائد من إحدى سفراته فينـزع منه الجواز بحجة تجديده ولا يعاد له لأن سمير حسب رواية الأمن العام فلسطيني المولد، رغم ان جوازه لبناني منذ أكثر من عشر سنوات، إلى ان تم تسليمه الجواز بعد عدة أسابيع.
ولم تكن حالة سمير قصير وحيدة، بل ان الأمر نفسه تكرر بشكل أخف مع الكاتب الصحافي أيضاً جهاد الزين الذي بكّر مثل سمير ليس فقط في انتقاد النظام الأمني اللبناني – السوري بل وفي إعلان نهايته وقبل عدة أشهر، فكان عرضة لتهديد من جميل، لكن الزين كتب في ((النهار)) حيث يرأس قسم صفحات الرأي رداً أكثر لؤماً لم يجرؤ بعده جميل السيد على معاودة الكرة وإن كان كرهه لجهاد الزين أوغر صدره ليفش خلقه بآخرين.
وقصة سحب جواز سفر الصحفية راغدة درغام في لبنان لأنها شاركت كمندوبة ((للحياة)) في نيويورك في ندوة عقدت هناك وكان بين المحاضرين كاتب يهودي، باتت معروفة وقد صمم جميل على موقفه وهو يعلم ان ((الحياة)) مملوكة للأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز السعودي.
كذلك قصته مع رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط السعودية عبد الرحمن الراشد الذي منعه جميل من دخول لبنان فجاء عبد الرحمن غصباً عن جميل وفي وفد ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز.
وأسوأ توقيت اختاره الياس الهراوي ليخلع جميل السيد من منصبه حاملاً شكوى مرة الى الرئيس الأسد بذلك كان مع بدء تركيب ملف كنيسة سيدة النجاة لاعتقال د. سمير جعجع، خاصة بعد ان ذهب الهراوي الى الكنيسة بعد الحادثة وسمع كلاماً قاسياً من رجال الدين والمواطنين المسيحيين محملينه مسؤولية تدبير هذه ((المسرحية)). طلب الهراوي موعداً عاجلاً من الاسد ملحاً عليه استقباله وعلى جدول الاعمال نقطة واحدة هي إخراج جميل السيد وميشال الرحباني من مديرية مخابرات الجيش، فرد عليه الاسد بحسم: ((يا أبو جورج الشباب الآن ماسكين اهم ملف في البلد – اعتقال سمير جعجع – وعندما ينتهي امر هذا الملف نبحث الأمر من جديد)).
انتهى عهد الهراوي رغم التمديد وما زال سمير جعجع في السجن. وظل جميل السيد في مكانه في إشارة الى مكانة هذا الضابط عند حافظ الاسد شخصياً.
عاد الياس الهراوي الى لبنان ليشكو أمره الى المقربين وكان بينهم وزير الدفاع ميشال المر، فاخترع له هذا الاخير منصب رئيس الجهاز المشترك المسؤول نظرياً عن أمن العلاقات بين الجيشين اللبناني والسوري لكنه ظل في موقعه ليضبط حركة الهراوي الذي كثيراً ما حاول التفلت لكنه كان يرد على عقبيه دائماً.