تحذيرات وطوارئ ودعوة لحمل السلاح.. تفاصيل ما يحدث في إثيوبيا
تطورات متسارعة تشهدها إثيوبيا في الفترة الحالية، وذلك استمرارًا للصراعات القائمة منذ عام، ولكن أصبح الوضع أكثر شدة حاليا، ما أدى إلى إعلان السلطات الإثيوبية رفع حالة الطوارئ في العاصمة أديس أبابا، ودعوة سكانها إلى حمل السلاح.
وارتفعت قدرة قوات تيجراي في تهديد العاصمة الإثيوبية بعد التحالف العسكري الذي عقدته مع جيش أورومو المحظور بالنسبة للسلطات الإثيوبية.
أورومو أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا
وتعتبر أورومو أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا وتمثل 45.5% من سكان إثيوبيا، وتليها من حيث عدد السكان أمهرة.
وبدأ الصراع في إقليم تيجراي في نوفمبر 2020، عندما أرسل رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، قوات الجيش الفيدرالي للتخلص من السلطات المحلية المنبثقة عن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بعدما اتهمها بمهاجمة ثكنات للجيش في الإقليم.
ومنذ ذلك الحين، امتدت المعارك لتشمل منطقتي عفر وأمهرة المجاورتين، في حين غرق إقليم تيجراي بما تصفه الأمم المتحدة بحصار إنساني بحكم الأمر الواقع ما يؤدي إلى مخاوف من حصول مجاعة واسعة الانتشار.
وبعد مرور عام على الحرب في تيجراي، حولت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي الوضع، وأكدوا أنهم باتوا على مسافة مئات الكيلومترات من أديس أبابا.
وأعلنت الجبهة قبل أيام سيطرتها على مدن استراتيجية عدة في أمهرة، حيث حققوا تقدما بعدما استولوا على كامل مناطق إقليم تيجراي في يونيو.
وأكدت الجبهة سيطرتها على بلدة كيميسي على مسافة 325 كيلومترا شمال العاصمة الإثيوبية.
وخلال اليومين الماضيين أعلنت قوات تيجراي وأورومو، الاستيلاء على بلدة كومبولشا ومطارها في أمهرة، التي تقع على بعد 380 كيلومترًا شمال العاصمة الإثيوبية، ومدينة ديس الاستراتيجية، بلدتي كيميس وسينبيت.
المتحدث باسم قوات تيجراي جيتاتشو رضا، زعم الثلاثاء، أن عناصر الجبهتين تمكنوا بشكل ملموس من ضم منطقة شمال العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
قوات تيجراي تدرس الزحف نحو أديس أبابا
وكشف في تصريحات، أنهم يدرسون الزحف نحو العاصمة، مضيفًا بالقول: “إذا كان تحقيق أهدافنا في تيجراي سيتطلب أن نزحف إلى أديس أبابا، فسنفعل ذلك، موضحًا أنه لا يوجد زحف حاليًا نحو أديس أبابا”.
ويحدث في الفترة الحالية، حالة من التعتيم على الاتصالات وتقييد حركة الصحفيين، ما يجعل التأكد من المعلومات المتاحة من المتحدثين الإعلاميين لأطراف الصراع صعبة للغاية.
إعلان الطوارئ وحمل السلاح
وفي ما يشبه الاعتراف بزحف قوات تيجراي وأورومو نحو العاصمة، أعلنت الحكومة الإثيوبية الثلاثاء، حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد، بعدما سيطر مقاتلو تيجراي على مدينتين رئيسيتين في محاولة للتقدم نحو العاصمة، ودعت سكان العاصمة إلى حمل السلاح.
ودعت السلطات، السكان، أن يستخرجوا تراخيص بحمل أسلحتهم للدفاع عن بيوتهم وأحيائهم، محذرة مواطنيها من الاستماع إلى الدعاية السلبية التي تبثها الجبهة ودعتهم إلى الاتحاد معا من أجل دفن الجبهة.
تحالف عسكري
وضع التحالف العسكري، إقليم أمهرة المجاور لتيجراي وأورومو في موقف صعب، عندما أعلنت سلطاته حالة الطوارئ ودعت السكان للتعاون مع قوات الجيش.
وبشأن اتساع رقعة القتال في البلاد، أكد أنه من المتوقع اتساع المعارك لكنه غير مقبول، مشددًا على أن بلاده تعارض أي تحرك لقوات تيجراي نحو العاصمة الإثيوبية أو أي أراض جديدة.
يشار إلى أنه في 4 نوفمبر عام 2020، أعلن آبي أحمد، شن عمليات عسكرية ضد إقليم تيجراي، متعهدًا بالانتصار في غضون أسابيع، وتواصلت المعارك في تيجراي واتسعت إلى الأقاليم المجاورة إلى اليوم.
أودى الصراع بحياة آلاف المدنيين وأجبر أكثر من 2.5 مليون شخص على الفرار من ديارهم، وتسبب في أزمة إنسانية كبرى يعاني منها نحو 5.5 مليون شخصًا وفقًا للأمم المتحدة، التي حذرت من احتمالية ارتفاع الرقم بسبب استمرار الصراع وامتداده إلى خارج تيجراي.
ضغط أمريكي في وقت حرج
لم تمر ساعات على دعوة السلطات الإثيوبية سكان العاصمة لحمل السلاح، تزامنًا مع معارك عنيفة في محيطها، وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلغاء المعاملة التفضيلية في التجارة لإثيوبيا، بسبب انتهاكات الحقوق في حملتها العسكرية على إقليم تيجراي المضطرب.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، دعا الاثنين الأطراف المتحاربة في إثيوبيا، إلى وقف جميع الأعمال العسكرية وبدء مفاوضات غير مشروطة.
واتهم المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، الثلاثاء، القوات المتصارعة بارتكاب فظائع وانتهاكات عدة خلال الصراع، مشيرًا إلى أن الجيش الإثيوبي، استخدم طائرات مسيرة يصنعها أعداء لأمريكا، مضيفًا أن استخدام السلطات الإثيوبية الغذاء كسلاح في تيجراي يمكن أن يرقى إلى جريمة حرب.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية، فرضت عقوبات الأسبوع الماضي على أفراد ومؤسسات في إيران، لتورطهم في تزويد إثيوبيا بطائرات مسيرة هجومية.
الولايات المتحدة تطالب بوقف القتال
وطالبت الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، بوقف القتال في إثيوبيا وبدء مفاوضات سلام فوراً دون أي شروط مسبقة، وذلك في وقت رفضت فيه الحكومة الإثيوبية الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار مشيرة إلي أنها أوشكت على الانتصار في حربها المستمرة منذ عام ضد الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في تغريدة على حسابه بموقع التدوينات القصيرة “تويتر”: “الصراع في إثيوبيا يجب أن ينتهي، ويجب أن تبدأ مفاوضات سلام على الفور دون شروط مسبقة سعياً لوقف إطلاق النار”، وفقا لوكالة رويترز.
ووصل جيفري فيلتمان المبعوث الأمريكي الخاص إلى القرن الإفريقي إلى إثيوبيا، أمس الخميس، في محاولة لإيجاد حل سلمي للنزاع، والتقى مع نائب رئيس الوزراء الإثيوبي ووزيرا الدفاع والمالية.
وحذرت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من أن زحف جيش تحرير أورومو والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي باتجاه العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قد يفاقم الوضع الإنساني الكارثي بعد سنة على بدء نزاع ينهش شمال البلاد.
وقال مسؤول في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إن “أي زحف باتجاه أديس أبابا سيزيد من عمليات نزوح السكان وارتفاع في الحالات وتفاقم معاناة الشعب الإثيوبي”، مضيفا “سيزيد ذلك بالتأكيد الحاجة إلى المساعدات الإنسانية وتعقيدات إيصال هذه المساعدات”.
وتؤكد الأمم المتحدة أن أكثر من 400 ألف شخص باتوا على شفير المجاعة في تيجراي الخاضع لحصار “بحكم الأمر الواقع”.
وتتبادل الحكومة والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي الاتهامات بعرقلة نقل المساعدات وبتجويع السكان، إلا أن مسؤول الوكالة الأمريكية اعتبر أن الحكومة تشن في تيجراي “عملية العرقلة الإنسانية الفاضحة الأكبر في العالم”.
وأوضح أنه “لم تدخل تقريبا أي كمية من الوقود والأموال النقدية والأدوية والإمدادات الطبية منذ أشهر ما يرغم المنظمات الإنسانية إلى خفض برامجها أو وقفها كليا”.
وفي الأسبوعين الأخيرين لم تصل أي مساعدة إنسانية إلى إقليم تيجراي حسب ما أكد المسؤول نفسه، مشددا على أن الحاجات ستزداد في عفر وأمهرة حيث يفر مئات آلاف الأشخاص من المعارك.
جماعات إثيوبية توقع على اتفاق لانشاء تحالف جديد
وفي واشنطن، وقعت 9 جماعات إثيوبية على اتفاق لإنشاء تحالف جديد مناهض لحكومة أبي أحمد، يهدف إلي فترة انتقال سياسي بعد عام من الحرب المدمرة.
ويضم التحالف الجديد المسمى “الجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية الإثيوبية” كل من الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي وجيش تحرير أورومو و7 مجموعات أخرى من جميع أنحاء البلاد.
وقال يوهانيس أبرهة وهو من جبهة التيجراي لوكالة “أسوشيتدبرس” الأمريكية إن التحالف يسعي إلى “إقامة ترتيب انتقالي في إثيوبيا” حتى يتمكن رئيس الوزراء الإثيوبي من الرحيل في أسرع وقت ممكن.
وتابع أن “الخطوة التالية، بالطبع، ستكون بدء الاجتماع والتواصل مع الدول والدبلوماسيين والجهات الفاعلة الدولية في إثيوبيا وخارجها”.
وعندما سئل عما إذا كان ذلك يعني إجبار آبي أحمد على الرحيل، أجاب بأن ذلك يعتمد على حكومة إثيوبيا والأحداث خلال الأسابيع المقبلة.
وقال: “بالطبع نحن نفضل ما إذا كان هناك انتقال سلمي ومنظم مع إزاحة آبي أحمد”.
السفارة البريطانية تنصح رعاياها بمغادرة أديس أبابا
في سياق متصل، نصحت السفارة البريطانية في أديس أبابا رعاياها بـ”السعي إلى مغادرة” إثيوبيا في الرحلات التجارية المتاحة.
وكانت السفارة الأمريكية قد سمحت بالمغادرة الطوعية لغالبية طاقمها ونصحت بعدم زيارة إثيوبيا مرجحة حصول “تصعيد جديد” واحتمال وقوع اضطرابات مدنية وأعمال عنف عرقية.
قطر والكويت يدعوا رعاياهم لمغادرة أديس أبابا
ودعت قطر والكويت، الأربعاء الماضي، رعاياهما إلي مغادرة إثيوبيا بعد إعلان الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ.
من جهتها، لوحت الحكومة الإثيوبية، اليوم الجمعة، بأنها ستضطر لاتخاذ إجراءات صارمة حيال سفارات أجنبية دعت رعاياها لمغادرة البلاد على خلفية ما وصفته بـ”شائعات” حول محاصرة جبهة تحرير تيجراي للعاصمة أديس أبابا.
واتهم مكتب الاتصالات الحكومية الإثيوبية في بيان وسائل إعلام أجنبية بنشر ما اسماه “معلومات مضللة من خلال النقل الكاذب عن سقوط بعض المدن في أيدي الجبهة، التي تحاول زرع الشك والخوف بين القيادة والشعب والجيش الوطني”، مشددا “يجب أن تتوقف عن هذا السلوك”، علي حد تعبيره.
وأضاف أن “بعض العاملين في المنظمات الأجنبية ينشرون معلومات كاذبة بشأن طلب مسؤولين حكوميين تأشيرات لإثارة الشكوك بين الشعب والجيش الوطني عليهم التوقف عن ذلك وإلا ستتخذ الحكومة الإثيوبية إجراءات رادعة بشأنهم”.
الحكومة الإثيوبية تعلن اقترابها من الانتصار في حربها ضد جبهة التيجراي
وفي رفض واضح للدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، أعلنت الحكومة الإثيوبية، أمس الخميس أنها أوشكت على الانتصار في حربها المستمرة منذ عام ضد جبهة التيجراي، وتعهدت بمواصلة القتال.
ومع تقدم قوات الجبهة الشعبية وجيش تحرير أورومو المتحالف معها نحو العاصمة، قال مكتب اتصالات الحكومة الإثيوبية على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” إن “هذه ليست دولة تنهار تحت الدعاية الأجنبية، نحن نخوض حربا وجودية”.