ممثل مبادرة النيل من أجل السلام: أزمة سد النهضة أصبحت قضية إفريقية
كشف كوفي كانكام، ممثل عن مبادرة “مياه إفريقيا للسلام: النيل من أجل السلام”، عن ترتيب زيارة لأعضاء المبادرة إلى إثيوبيا، بطلب من السفير الإثيوبي لدى القاهرة، بجانب تنظيم أعضاء المبادرة في الكونغو الديمقراطية، على اعتبار أن رئيسها هو الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، اجتماعا مع الفريق الخاص المعني بقضية سد النهضة في مكتب رئاسة الكونغو الديمقراطية، لعرض المبادرة والوثيقة عليه، والنظر فيما كانت هناك خطوات يمكن القيام بها في المستقبل القريب.
وقال كوفي كانكام – في كلمته، خلال المؤتمر الصحفي، الذي عقدته اليوم الأحد، مؤسسة “ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان” – “رغم أنني من دولة غانا، ولا أنتمي لمصر ولا السودان ولا إثيوبيا ولا حتى أي دولة من دول حوض النيل، إلا أن المشكلة لم تعد تنتمي لحوض نهر النيل فحسب، لكنها أصبحت أزمة أفريقية، بين دول أفريقية، تداعياتها ستؤثر على كل الدول الأفريقية.. فهناك أنهار أخرى في أفريقيا وإننا نخشى أن تكون تلك الأزمة بداية لصراعات أخرى بين الدول الأفريقية المتشاركة في أنهار أفريقيا”.
وأضاف: “وبصفتي رئيس مجموعة المنظمات غير الحكومية الكبرى في أفريقيا، ونائب رئيس الآلية الأفريقية للمنظمات الحكومية الكبرى، اتخذت على عاتقي مسئولية المساهمة في حماية أي شعب من الشعوب الأفريقية من أي نزاع محتمل قد يؤثر عليها وعلى مستقبلها.. ولأننا نعمل بشكل مباشر على تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الأجندات التابعة للأمم المتحدة 2030 والتابعة للاتحاد الأفريقي 2063، فإنني أؤكد على ارتباط الأزمة الحالية بين منبع ومصب نهر النيل، بكافة أهداف التنمية المستدامة، وليس فقط الهدف السادس الخاص بضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع، بل كل الأهداف المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية دون استثناء، وإذا أراد المجتمع الدولي والدول الأفريقية بالفعل تحقيق هذه الأهداف، فمن الضروري أن ينظروا للأزمة الحالية بعين الاعتبار، كأزمة كبرى وعاجلة، لإعلاء روح التضامن ونبذ أي خلاف”.
وأوضح أن “مبادرة مياه أفريقيا للسلام: النيل من أجل السلام” تؤكد أن الحق في التنمية هو حق أصيل ومصون وفقا لكافة الاتفاقيات والأعراف الدولية، ولا يمكن إجبار دولة على أن تتوقف عن التنمية لصالح شعوبها، غير أن تلك التنمية مشروطة بعدم الإضرار بالغير، وبالأخص في حالة كانت الأضرار جسيمة.
وعرض الأنشطة التي قام بها وفد المبادرة الذي حضر إلى القاهرة منذ أكثر من أسبوع، وذلك للقيام بعدد من الاجتماعات واللقاءات مع الأجهزة الرسمية وأصحاب المصلحة من وزارات وسفارات، وعلى رأس تلك الزيارات: زيارة للسفارة الإثيوبية في القاهرة.
وتابع :” وتلك الزيارة بالتحديد نصرح بها وبما جاء بها بعد قيام السفير الإثيوبي بالإعلان عن مخرجاتها، وخلال هذه الزيارة عرض وفد مبادرة النيل من أجل السلام الوثيقة الإفريقية الصادرة عن المبادرة، تلك الوثيقة التي تضم مئات الأعضاء، وقد تمت صياغتها من عدد من منظمات المجتمع المدني الأفريقي، وعكسنا له وجهة النظر الأفريقية والتوصيات بتأجيل الملء الثاني لسد النهضة، وضرورة الوصول لاتفاق قانوني ملزم لجميع الأطراف، يضمن حقوق الشعوب الثلاث ويحمي الأجيال القادمة، مع أهمية تعويض إثيوبيا عن الأضرار التي يمكن أن تتحملها، وسمعنا منه وجهه النظر الإثيوبية وكذلك احتياج إثيوبيا للتنمية لاسيما في مجال الكهرباء والزراعة”.
وقال “إن وفد المبادرة التقى بمسئولين بوزارة الخارجية المصرية وفريق المفاوضين المصري، والذي عرضنا عليه أيضا وجهة النظر الأفريقية والتوصيات بتأجيل الملء الثاني لسد النهضة، مع أهمية تعويض إثيوبيا عن الأضرار التي يمكن أن تتحملها، وكذلك ضرورة الوصول لاتفاق قانوني ملزم لجميع الأطراف، يضمن حقوق الشعوب الثلاثة، ويحمي الأجيال القادمة، وسمعنا منهم موقف مصر من القضية، والحقوق المصرية في مياه النيل وفقا للاتفاقيات التاريخية ووفقا للقانون الدولي، وما يمكن أن يصيب مصر جراء أي تصرفات أحادية تقوم بها إثيوبيا، كما عرض وفد التفاوض ما قدمته مصر من حلول بديلة للوصول لنقطة التقاء نتخطى فيها الخلافات ونصل لحل سلمي يرضي الجميع”.
وأشار كذلك إلى لقاء وفد المبادرة وزير الري والموارد المائية المصري الدكتور محمد عبد العاطي، الذي ذكر أن مصر والسودان طالبت بتشكيل رباعية دولية تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية وتشارك فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للتوسط بين الدول الثلاث، وأكد أن مصر والسودان لن تقبلا بالفعل الأحادي لملء وتشغيل السد الإثيوبي، وذكر الأضرار الجسيمة التي تعرضت لها السودان نتيجة الملء الأحادي في العام الماضي، والذي تسبب في معاناة السودان من حالة جفاف قاسية أعقبتها حالة فيضان عارمة.
وأضاف أن “وفد المبادرة قابل كذلك عددا من أعضاء مجلس النواب المصري، واستمع منهم إلى وجهة نظر الشعب المصري الذي يمثلوه كنواب، وتخوفات الشعب المصري من تأثير السد على حقوقه في المياه، وأطلعونا على احتمالية تأثير سد النهضة على حقوق الإنسان والظروف الاقتصادية في مصر بشكل أكثر تفصيلا، كما عرضوا كيف قام البرلمان بالتعامل مع الأزمة، وأضاف قائلا “وإجمالا، أكدت كل الأجهزة الحكومية الرسمية التي قابلناها، أن مصر تسعى بشكل سلمي للتفاوض القائم على حسن النوايا، والسعي الدائم للوصول لحل سلمي للأزمة، من خلال المفاوضات، دون أية خسائر لأي طرف”.
وعن الخطة المستقبلية لأعضاء مبادرة النيل من أجل السلام، نوه بأن أعضاء المبادرة من الدول الأخرى قاموا بأنشطة تعريفية عن المبادرة كأنشطة وطنية للتعريف بالمبادرة، ونظموا زيارات مماثلة لما تم في القاهرة، ومن المتوقع القيام في الفترة المقبلة بعدد أكبر من الزيارات على نفس المنوال.
وأضاف: “كذلك نرتب لعقد زيارات واجتماعات على مستوى دولي، نتواصل بها مع جهات دولية منها البرلمان الأوروبي وصناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية في الكونجرس والسينيت الأمريكي”.
وقال: “بالفعل تواصلنا مع عدد كبير من السفارات في نيويورك، وأرسلنا لهم الوثيقة وكانت معظم ردود الأفعال إيجابية ومشجعة حول الوثيقة والمبادرة، وكذلك نرتب لعمل عدد من الفعاليات الجانبية على هامش أعمال المنتدى السياسي رفيع المستوى بالأمم المتحدة، يجمع كل الأفارقة وأصحاب المصلحة المعنيين بالأزمة، لعرض المبادرة والاستماع لآرائهم كنوع من أنواع التضامن الدولي، وللتأكيد من خلالها على ضرورة وجود اتفاقات ملزمة للحكومات بعدم الإضرار بأي من مصالح الشعوب الأخرى”.
وتابع: “كل تلك الخطوات التي نقوم بها هي على مستوى المجتمع المدني، هي بجهود ذاتية فردية، وقد يلعب المجتمع المدني دورا لا تستطيع الحكومات القيام به، وقد يقول المجتمع المدني ما لا تستطيع الحكومات أن تصرح به، ومن هنا تأتي أهمية وقوة المبادرة.. فمن جانب هي حل من الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية، ومن جانب أخر، تقدم المبادرة بدائل تراعي بها حقوق الجميع، دون أن يتأثر شعب بالإيجاب وآخر بالسلب، مؤكدين على أن الفرصة ما زالت متاحة لتحويل الصراع المحتمل لتعاون ونموذج يحتذى به”.
واختتم ممثل عن مبادرة “مياه أفريقيا للسلام: النيل من أجل السلام” كلمته بما تختم به الوثيقة قائلا: “نيل واحد.. أسرة واحدة”.