“مواطنون ضد الانقلاب”.. يقسم تونس لنصفين ما بين مؤيد ومعارض
تفاعل عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تونس مع المظاهرات التي حصلت في العاصمة التونسية احتجاجا على القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو الماضي، واعتبروها “انقلابا” على الدستور وانفرادا بالسلطة بشكل مطلق، ومع ذلك لا يزال أنصار الرئيس التونسي ينظمون مظاهرات مؤيدة له وتدعوه إلى وقف العمل بالدستور بشكل نهائي وتجميد عمل البرلمان.
وقد أطلق عدد من رواد منصات التواصل وسم #مواطنون_ضد_الانقلاب و #يسقط_الانقلاب و #قيس_سعيد_خائن وغيره.
يبدو أن وسم “مواطنون ضد الانقلاب” تحول إلى مبادرة سياسية تدعمها بعض الشخصيات السياسية في تونس، مثل الحبيب بوعجيلة وجوهو بن مبارك والأمين البوعزيزي وعبد الرؤوف بالطبيب، أحد مستشاري سعيد السابقين.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن بالطبيب كان من الشخصيات المقربة لقيس سعيد، وقال في أحد المقابلة الصحفية إن صداقته مع رئيس الجمهورية لن تكون على حساب مواقفه الوطنية.
وقد عرضت الحملة مبادرة في شكل خارطة طريق تمثل أرضية جامعة لكل من يرى نفسه فيها من قوى حزبية أو مدنية مناهضة للانقلاب، وفق ما جاء في بيان يوم الإثنين الماضي.
وذكر البيان أن “خارطة الطريق تهدف إلى إلغاء حالة الاستثناء وكل ما ترتب عنها من إجراءات اعتباطية وفرض العودة إلى المسار الدستوري استعدادا لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها خلال النصف الثاني من سنة 2022، طبقا لمقتضيات المجلة الانتخابية كما تم تعديلها بمقتضى القانون المودع في أدراج قصر قرطاج منذ عهد الراحل الباجي قايد السبسي”.
جدير بالذكر أن قوات الأمن منعت اجتماعا لمبادرة “مواطنون ضد الانقلاب”. وكتب الشيخ القيرواني: “قيس سعيد غارقا في الشعور بجنون العظمة الزائفة أنكر ان يكون قد سمع باجتماع ” #مواطنون_ضد_الانقلاب ” ولا بمنعهم من عقد ندوتهم الصحفية.. متسائلا من هم وما قيمتهم حتى يعلم بهم ويمنعهم من عقد الندوة الصحفية، زاعما أن باب الحقوق والحريات في الدستور لم يجمد”.
من جهته، سارع الرئيس قيس سعيد للتعليق على هذه المبادرة الجديدة التي تضم أصدقاءه وخصومه السابقين، موضحا خلال مجلس وزاري إلى أنه لم يعط أوامره لمنع عقد اجتماعها، وأنه حريص على صون الحريات وحق التظاهر الواردين في الباب الأول والثاني من الدستور.
ويشار إلي أن تعيش مدينة عقارب بولاية صفاقس أحداثا متسارعة في الآونة الأخيرة حيث شارك المواطنون في إضراب عام ـ بدعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل ـ من أجل التدخل الأمني لمواجهة احتجاجات منددة بالتدهور البيئي الذي تسبب به فتح مكب نفايات بالمدينة.
وأدى هذا الأمر إلى تدخل وحدات عسكرية تابعة للجيش التونسي لتأمين المؤسسات العمومية عقب حرق مركز الحرس الوطني وانسحاب قوات الأمن من وسط المدينة.
وأوضح الاتحاد العام التونسي للشغل أن شابا توفي إثر إصابته بشكل مباشر بعبوة للغاز المسيل للدموع الذي أطلقته الشرطة بشكل مكثف لتفريق المحتجين. إلا أن وزارة الداخلية التونسية نفت أن يكون الشاب قد توفي بسبب الغاز، مشيرة في بيان أن “المعني بالأمر توفي إثر إصابته بتوعك صحي طارئ بمنزله الكائن على بعد ستة كيلومترات من مكان الاحتجاجات، ثم نقله أحد أقاربه إلى مستشفى المكان حيث فارق الحياة”.
من جهتها، نقلت إخدى وسائل الإعلام التونسية شهادة حية للمواطن الموظف بإدارة الغابات الذي قام بنقل الشاب الضحية “عبد الرزاق لشهب” للمستشفى، يكذب فيها رواية وزارة الداخلية، ويؤكد أن الأمن هو من ارتكب الجريمة باستهدافه محيط المستشفى وباحته بقنابل الغاز.
كما ذكرت وسائل إعلام أخرى اليوم أنه تم نقل العشرات من المصابين إلى مستشفى عقارب بعد الاستعمال الكثيف للغاز المسيل للدموع من قبل الوحدات الأمنية إثر تجدد المواجهات قرب مصب القنة.
ونشر نزار صورا من عين المكان قائلا: “بوليس قيس عكاشة و فرقة البالات عاملة مجزرة في عڨارب.. ماهوش باش يحشم بواس لكتاف”.
نددت أحزاب سياسية ومنظمات مدنية تونسية بما وصفتها بالحلول الأمنية تجاه مشكلة “مكب القنة” للنفايات، وحملت ثلاثة أحزاب المسؤولية على رئيس الجمهورية عن “أحداث عقارب” في بيان مشترك.
وتجدر الإشارة إلى أن مكب النفايات في عقارب أغلِق في أواخر أيلول/سبتمبر الماضي، إثر مظاهرات على رمي نفايات كيميائية في الموقع المخصص للنفايات المنزلية، واشتكى الأهالي حينها من انتشار الأمراض وقالوا إنهم يعانون من كارثة بيئية، لينتهي الأمر بصدور أمر قضائي في عام 2019 بغلقه.
دعوات للتظاهر يوم 14 نوفمبر
كتب محمد مغيض: “مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” تعدّ وتحشد لمسيرة حاشدة بباردو يوم 14 نوفمبر من أجل الشرعيّة والديمقراطية والتعددية والحريّات في تونس”.
ونشر طارق المنضوج موعد التظاهرة المقررة أمام البرلمان يوم الأحد 14 نوفمبر، الساعة العاشرة صباحا، مؤطدا على أن “لا قوة تمنع الشعب يريد عزل الرئيس”.
وقال أحمد صدوق: “يوم الأحد 14 نوفمبر 2021 يجب ان يكون بداية لثورة حقيقية تؤدي لتغييرات ملموسة على الأرض وتبشر بعهد جديد لتونس”.
تعتبر هذه المرة الرابعة التي سيخرج فيها التونسيون للتظاهر في الشوارع لمطالبة سعيد بتغيير قراراته والعودة إلى العمل بالدستور.
ويذكر أن منظمة العفو الدولية انتقدت قرار تونس محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، محذرة من أن المدنيين يمثلون أمام القضاء العسكري “بمعدل ينذر بالخطر” منذ اتخاذ الرئيس قيس سعيد قرار تجميد البرلمان وإقالة رئيس الحكومة في يوليو/ تموز الماضي.