أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء بمصر، العدد الثامن من مجلته الدورية "آفاق صناعية" تحت عنوان "الصناعات الدوائية"، والتي استعرضت العديد من مقالات الرأي لمجموعة من الخبراء والأكاديميين والمتخصصين، تسلِّط الضوء على موضوع العدد، بهدف تعزيز آليات البحث والتطوير في مجال صناعة الأدوية، منها مقالات حول اتجاهات وآفاق صناعة الدواء عالميًا مع التركيز على التجربة الصينية، ومجال الصناعة الدوائية في الهند، والملكية الفكرية في الصناعات الدوائية، كما تضمنت المجلة عروضًا بحثية لبعض القضايا والموضوعات ذات الصلة بـ "الصناعات الدوائية"، ورصد للعديد من التجارب الدولية الخاصة بموضوع العدد.
ومن مقالات الرأي التي تضمنها العدد، مقالًا بعنوان "تطور صناعة الدواء العالمية من الأعشاب إلى الأدوية الحديثة" للدكتور آية سليمان، صيدلانية -الأمانة الفنية للمجلس الاستشاري الطبي للهيئة العامة للرعاية الصحية، حيث أوضح المقال أن صناعة الأدوية محرك أساسي للنمو الاقتصادي فهي من أكبر مصادر توليد الثروة في العالم إذا تساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي للدول، إذ تُقدر قيمة السوق الدوائية العالمية بتريليونات الدولارات، وقد شهدت السوق نموًا كبيرًا خلال العقدين الماضيين وبلغ إجمالي إيرادات الأدوية في جميع أنحاء العالم 1.4 تريليون دولار أمريكي عام 2022 ومن المتوقع أن تنمو إلى 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2026، وعلى الصعيد الآخر فإن صناعة الأدوية العالمية تعد ركيزة قوية لتوليد ملايين من فرص العمل بداية من أقسام البحث والتطوير ثم التصنيع ثم التسويق والتوزيع حتى أبحاث ما بعد البيع.
وارتباطًا، توفر صناعة الأدوية وظائف للأفراد في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، كما يهتم قطاع الصناعات الدوائية بتحفيز البحث العلمي والتطوير أكثر من أي صناعة أخرى حيث تستثمر الشركات حوالي 20% أو أكثر من إيرادات مبيعاتها في مشروعات البحث والتطوير، وتشير التقارير إلى أن التطور المستمر في التركيبات الصيدلانية والصناعات الدوائية كان السبب بنسبة 73% في زيادة متوسط عمر الإنسان في 30 دولة نامية ومرتفعة الدخل، ولا يجب إغفال تأثير شركات الأدوية ودور البحث العلمي في أزمة جائحة كورونا 2020 وحتى الآن، حيث قادت تلك الشركات مسيرة تطوير العلاجات الجديدة واستحداث لقاحات كوفيد_19.
كما استعرض المقال التجارب الدولية الرائدة في صناعة الدواء مثل "الولايات المتحدة الأمريكية، وسويسرا، والمملكة المتحدة، واليابان"، واستعرض أيضًا الدول الناشئة في هذا المجال والتحديات والفرص التي أمامها، حيث أوضح المقال أن مصر من الأسواق الناشئة الواعدة في قطاع صناعة الأدوية بشكل عام وأحد أكبر وأهم الأسواق في إفريقيا؛ ويرجع ذلك إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي المتميز والذي يجعلها مركزًا إقليميًا لتوزيع الأدوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالإضافة إلى تطور البنية الصناعية لمصر بصورة تدعم صناعة الأدوية، وإنشاء العديد من المناطق الصناعية المتخصصة، كما تعد مصر أكبر منتج ومستهلك للأدوية في إفريقيا بقيمة سوقية تقدر بـ 56.6 مليار دولار عام 2023، وهي لاعب مهم في سلاسل التوريد العالمية للمنتجات الصيدلانية حيث سجلت صادرات بقيمة 400 مليون دولار في عام 2023 مما يدل على قوة وأهمية القطاع للاقتصاد المصري، ومن المتوقع أن تشهد السوق في المستقبل معدل نمو سنوي ثابت (معدل النمو السنوي المركب 2024- 2029) بنسبة 5.48% ليبلغ حجم السوق 2045 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2029.
يساهم القطاع العام والخاص بشكل كبير في تحقيق الاكتفاء الذاتي في السوق الدوائية المصرية حيث تصل نسبة التغطية الذاتية إلى 91% من إجمالي مبيعات السوق، مما يعكس القدرة على تلبية احتياجات السوق المحلية والتحكم في العرض والطلب وتتم تغطية النسبة المتبقية من المبيعات والتي تبلغ 9% فقط من خلال المستحضرات المستوردة تامة الصنع، وتبذل الدولة المصرية جهودًا حثيثة لتقديم كافة أشكال الدعم لقطاع صناعة الأدوية فأصبحت تتبنى سياسات داعمة للصناعات الدوائية من خلال تشريعات ملائمة، تقديم حوافز استثمارية، تسهيل الإجراءات وتخفيف القيود التنظيمية والقضاء على البيروقراطية، فأبرمت الحكومة المصرية العديد من الشراكات والاتفاقيات مع الدول الرائدة عالميًا وعربيًا بهدف تبادل الخبرات والتكنولوجيا وجذب الاستثمارات.