انطلقت صباح اليوم الاثنين، فعاليات "قمة العمل بشأن الذكاء الاصطناعي"، بالعاصمة الفرنسية (باريس) وتستمر لمدة يومين، بمشاركة واسعة من رؤساء دول وحكومات وقادة منظمات دولية وكبرى الشركات الفاعلة في هذا المجال وممثلين عن المجتمع المدني من جميع أنحاء العالم.
وتهدف هذه القمة الدولية – والتي تشارك الهند في رئاستها – إلى تعزيز استراتيجية فرنسية وأوروبية طموحة في مجال الذكاء الاصطناعي.. حيث يسلط هذا الحدث الدولي الضوء على خبرات الأطراف الفاعلة في مجال الذكاء الاصطناعي في أوروبا وجمع شركائها الدوليين حول هذه الرؤية المشتركة.
وأعلنت تسع دول، بما فيها فرنسا، وجمعيات وشركات، الأحد، عن إطلاق مبادرة “الذكاء الاصطناعي الحالي” (Current AI) من أجل “ذكاء اصطناعي للمصلحة العامة”، باستثمار أولي قدره 400 مليون دولار وبرعاية 11 من رواد قطاع التكنولوجيا، في مشروع يهدف إلى تطوير إمكانية الوصول إلى قواعد بيانات خاصة وعامّة في مجالات مثل الصحة والتعليم، وتعزيز المزيد من الشفافية والأمان في مجال الذكاء الاصطناعي، وتطوير أنظمة لتقييم الأثر الاجتماعي والبيئي لهذه التكنولوجيا.
وتسعى القمة إلى تعزيز التعاون بين الجهات الدولية الفاعلة في هذا المجال، وتجمع أفضل خبراء الذكاء الاصطناعي في العالم، وقادة الشركات العالمية الأمريكية منها والصينية التي تتنافس فيما بينها في هذا المجال، والشركات الاوروبية والشركات الناشئة في هذا القطاع، فضلا عن رجال أعمال ومستثمرين.
وعلى هامش القمة، قالت المبعوثة الخاصة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لقمة الذكاء الاصطناعي آن بوفيرو، إن الهدف من هذه القمة هو وضع فرنسا وأوروبا على خريطة الذكاء الاصطناعي العالمية، مؤكدة أن لأوروبا دور تلعبه في "ثورة الذكاء الاصطناعي" داعية إلى التغلب على المخاوف المحيطة بهذه التقنية التكنولوجية من أجل إدراك مزاياها. وتركز القمة الدولية على خمسة محاور أساسية وهي: توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة المصلحة العامة، وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الآمن الجدير بالثقة، ومستقبل العمل، والابتكار والثقافة، وحوكمة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي عالميا.
وعُقدت أولى جلسات القمة تحت عنوان "وضع الذكاء الاصطناعي في خدمة العمل" بمشاركة عدد من الجهات الدولية من بينهم الرئيس التنفيذي لشركة "إيرباص"، والأمين العام لاتحاد "UNI" العالمي، والمدير العام لمنظمة العمل الدولية. ثم تُعقد جلسات أخرى على مدار اليوم تحت عنوان "إنشاء حلقة جيدة بين الذكاء الاصطناعي والمعلومات والابتكار" و"الخصوصية والأمن السيبراني وسلامة المعلومات: الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لحماية الديمقراطيات" بمشاركة رئيس جمهورية لاتفيا، وأيضا الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
كما تُعقد جلسات تحت عنوان "إرساء حوكمة فعالة وشاملة للذكاء الاصطناعي" و"تنمية أنظمة الذكاء الاصطناعي التنافسية والمستدامة في جميع أنحاء العالم" و"توجيه الذكاء الاصطناعي نحو المصلحة العامة". كما ستعقد اجتماعات على هامش القمة حول عدة قضايا منها "بناء أنظمة الذكاء الاصطناعي في إفريقيا" و"الذكاء الاصطناعي من أجل التعليم والحوار بين الأجيال"، والذكاء الاصطناعي والأمن القومي" ثم يختتم اليوم الأول للقمة بكلمة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. كما ستُعقد جلسة عامة تضم رؤساء دول وحكومات وشخصيات دولية، غدا /الثلاثاء/ لمناقشة الإجراءات المشتركة الرئيسية التي يجب تنفيذها فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي.
كما تنظم، على هامش القمة، مئات الفعاليات لممثلي المجتمع المدني والشركات الفاعلة في هذا المجال، وتشهد هذه القمة مشاركة دولية واسعة، مع الآلاف من الأطراف الفاعلة من نحو 100 دولة .
كما تشارك رئيسة المفوضية الأوروبية، وقادة أوروبيين، فضلا عن جيه دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي ليمثل بلاده في القمة، وكذلك شخصيات دولية بارزة من بينهم رئيس شركة "Open AI"، وساندر بيتشاي الرئيس التنفيذي لـ"Google" وديميس هاسابيس، رئيس وحدة "Google Deep Mind" بالشركة، وبراد سميث رئيس "Microsoft"، ومن الصين سيحضر كبار مسؤولي الشركة الرائدة "Alibaba"، فضلا عن الشركات الفرنسية الفاعلة في هذا المجال مثل "Photoroom" والخاص بتعديل الصور بالذكاء الاصطناعي الأكثر شهرة في العالم، و"AskMona " وهي الشركة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي للمواقع التي تستقبل الزائرين في فرنسا وترد على استفساراتهم. ومن خلال هذه القمة، تأمل فرنسا والاتحاد الأوروبي في تبني إطار عالمي للذكاء الاصطناعي، مع تصاعد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين.. كما تأمل فرنسا في تأكيد مكانتها على الخريطة العالمية للذكاء الاصطناعي والتأثير على الاتجاه الذي سيتخذه تطور هذه التكنولوجيا في المستقبل.
وفي هذا السياق، قال إياد بركات، مستشار التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي من لندن، أن قمة باريس للذكاء الاصطناعي التي تُعقد في هذا التوقيت مهم للغاية، حيث تأتي في لحظة حاسمة في ظل الوضع السياسي الراهن في الولايات المتحدة الأمريكية والمنافسة الشرسة مع الصين، خصوصًا في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية عبر قناة القاهرة الإخبارية، أنّ قمة باريس للذكاء الاصطناعي جاءت أولا لتضع الأجندة العالمية على الطاولة بين عملاقين في هذا المجال، وهما الصين وأمريكا، فضلا عن وضع فرنسا والاتحاد الأوروبي والهند أيضا في مكان يمكنهم التحدث عن ما يريدونه في هذا المجال، إلى جانب الحفاظ على حقوق الدولتين.
وتابع: «الهند تواجه تحديات كبيرة في هذا المجال، لكن لديها فرص كبيرة لتكون في وضع ريادي في مجال الذكاء الاصطناعي، وكذلك الاتحاد الأوروبي وفرنسا»، لافتا إلى أن القمة تستطيع وضع هيكل عام لرسم مستقبل الذكاء الاصطناعي.
وواصل: «هناك منافسة منفلتة بين الصين والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، بالتالي هذه القمة يمكنها أن تضع قواعد أولية لكيفية إدارة هذا النقاش والمنافسة، إذ أنه لا بد من وجود مراقبة مجتمعية ودولية لما يحدث، وصوت عالمي موحد يطالب بحقوق الأفراد والدول التي تحتاج إلى المساعدة في المجال التقني».