في خطوة تعكس تزايد التوتر بين السودان وكينيا، استدعت الخرطوم، أمس، سفيرها في نيروبي للتشاور، وذلك احتجاجًا على اجتماعات تُعقد في العاصمة الكينية، تهدف إلى تشكيل حكومة مدعومة من قوات الدعم السريع، بالتوازي مع الحكومة الرسمية التي يقودها الجيش السوداني وتتخذ من بورتسودان مقرًا مؤقتًا لها.
تتمتع السودان وكينيا بعلاقات تاريخية تمتد لعقود، حيث يرتبط البلدان بعوامل جغرافية وسياسية واقتصادية تجعل من تعاونهما أمرًا ضروريًا لاستقرار منطقة شرق إفريقيا، ومع ذلك، شهدت العلاقات بين البلدين محطات من التعاون المشترك وأيضًا لحظات توتر على خلفية مواقف سياسية متباينة.
أعلنت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) أن وزارة الخارجية السودانية استدعت سفيرها لدى كينيا بسبب ما وصفته بـ"استضافة نيروبي لاجتماعات الميليشيا المتمردة وحلفائها". وأكدت الخارجية في بيان رسمي أن هذه الخطوة تمثل:
كما توعدت الخرطوم باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أمن السودان القومي، وصون وحدته وسيادته، ما يعكس احتمالية تصعيد دبلوماسي أو خطوات أخرى ردًا على تحركات كينيا.
تأتي هذه الأزمة في ظل توترات سابقة بين البلدين، حيث تلعب كينيا دورًا بارزًا في جهود الوساطة عبر منظمة الإيغاد، لكن السودان أعرب مرارًا عن رفضه لقيادة كينيا لهذه الوساطة، متهمًا إياها بالانحياز لقوات الدعم السريع. وتُعَدّ استضافة نيروبي لهذه الاجتماعات أحدث مؤشر على تعمق الخلافات بين البلدين.
هذا التصعيد قد يؤدي إلى مزيد من التوتر في العلاقات الثنائية، وربما يؤثر على جهود الوساطة الإقليمية في السودان. كما أنه قد يدفع الخرطوم إلى إعادة تقييم علاقاتها مع الدول التي تدعم أو تتعامل مع قوات الدعم السريع، وسط استمرار الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم منذ أبريل 2023.
لطالما سعت الخرطوم ونيروبي إلى تعزيز التعاون في مجالات متعددة، مثل التجارة والاستثمار والبنية التحتية، بالإضافة إلى التنسيق الأمني في مواجهة التحديات الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
رغم التعاون، شهدت العلاقات بين السودان وكينيا توترات بين الحين والآخر، خاصة في ظل الأوضاع السياسية المتغيرة في المنطقة. ومن أبرز نقاط الخلاف:
في ظل الأوضاع المتوترة في السودان، من المرجح أن تستمر كينيا في لعب دور الوسيط لحل النزاع، سواء من خلال الإيغاد أو عبر مبادرات دبلوماسية أخرى. لكن نجاح هذه الجهود يعتمد على مدى قبول السودان بدور كينيا، خاصة في ظل الاتهامات المتبادلة بين البلدين.
بالمجمل، تبقى العلاقات السودانية الكينية متأرجحة بين التعاون والتوتر، حيث تحكمها المصالح المشتركة ولكنها تتأثر بالمواقف السياسية والتحولات الإقليمية المستمرة.