في ظل تصاعد التوترات في أوروبا الشرقية وتصاعد الأوضاع بين روسيا وأوكرانيا، تبرز السعودية كلاعب دبلوماسي يسعى إلى تقريب وجهات النظر بين الدولتين، وسط مؤشرات على تغيرات في السياسة الأمريكية تجاه الحرب.
آخر التطورات المرتبطة بالمباحثات السعودية، ومدى قدرتها على تحقيق اختراق دبلوماسي حقيقي في الأزمة الأوكرانية.
تأتي المباحثات في المملكة العربية السعودية، عقب اللقاء العاصف بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، والذي شهد خلافًا حادًا حول مستقبل الدعم الأمريكي لكييف، حيث إن هذا اللقاء شهد مناقشات حادة بين ترامب وزيلينسكي ونائب ترامب ايضًا، وتناول اللقاء الحديث في كافة الموضوعات والتي جاءت بعد تصريحات ترامب بأنه سيتخلى عن أوكرانيا.
جاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بوقف جميع المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، بمثابة ضربة مريرة، ليس فقط لكييف ولكن أيضا للحلفاء.
مطالب أخيرة من زيلينسكي للولايات المتحدة الأمريكية بشأن الضغط على روسيا لقبول الهدنة لمدة 30 يومًا، كما أن تعليق المساعدات الأمريكية لأوكرانيا جعل زيلينسكي أكثر انفتاحًا على أي حلول قد تساهم في إنهاء الحرب بأقل الخسائر، خاصة مع تقارب ملحوظ بين واشنطن وموسكو في الأسابيع الأخيرة، حيث إن زيلينسكي، أعلن أن كييف قبلت مقترح واشنطن بوقف إطلاق نار كامل في أوكرانيا لمدة 30 يوما برا وبحرا وعلى طول خط المواجهة.
في المقابل، لم تضيّع روسيا الفرصة، وشهدت الأيام الأخيرة تصعيدًا روسيًا جديدًا على عدة جبهات في أوكرانيا، وفقًا لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية، توسيع نطاق العمليات العسكرية جاء بعد وقف المساعدات الأمريكية، مما يعكس رغبة موسكو في استغلال الموقف لتحقيق مكاسب ميدانية قبل أي اتفاق محتمل.
السياسة الخارجية الأمريكية تجاه أوروبا باتت أكثر براغماتية في عهد ترامب، ما يثير تساؤلات حول، “هل ستستمر واشنطن في دعم أوكرانيا بنفس الحماس؟”، أما “هل تسعى الإدارة الأمريكية لتسوية سريعة للحرب بما يحقق مصالحها؟”.
يرى المراقبون أن الرياض تمتلك القدرة السياسية والاقتصادية التي تؤهلها للعب دور الوسيط الفاعل، لكن نجاح هذه المباحثات يعتمد على مدى استعداد الأطراف لتقديم تنازلات.
وكان أكد مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، أن بلاده تريد السلام ومستعدة للتفاوض لإنهاء الحرب، فيما كان يستعد للمشاركة في المحادثات مع نظرائه الأميركيين في مدينة جدة السعودية.
وقال أندري يرماك، رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية، للصحافيين "نحن مستعدون لفعل كل شيء من أجل تحقيق السلام".
كما قال يرماك إن الاجتماع بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في جدة اليوم بدأ "على نحو بناء للغاية". وأضاف على منصة "إكس": "بدأ الاجتماع على نحو بناء للغاية. نحن نعمل".
وقد بدأ مسؤولون أميركيون وأوكرانيون في مدينة جدة اليوم، مباحثات تهدف للبحث عن تسوية للحرب بين موسكو وكييف التي من المتوقع أن تقدم مقترحاً لهدنة جزئية.
من جهتها، نقلت وكالة "تاس" الروسية للأنباء عن المتحدث باسم الكرملين دميترى بيسكوف قوله، إن موسكو تتوقع أن تطلع الولايات المتحدة روسيا على هذه المحادثات.
ومن المرتقب أن تعرض أوكرانيا على الولايات المتحدة خلال المحادثات خطة لوقف إطلاق نار جزئي مع روسيا، في مبادرة تأمل منها كييف أن تستعيد دعم البيت الأبيض الذي يطالبها، منذ عاد إليه الرئيس دونالد ترامب، بتقديم تنازلات مريرة لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات.
وتأتي هذه المحادثات بالتزامن مع تصعيد روسيا هجماتها ضد أوكرانيا، وردت كييف ليل الاثنين-الثلاثاء بشن هجوم "ضخم" بأكثر من 330 طائرة مسيرة على عدد من المناطق الروسية ولا سيما العاصمة موسكو ومحيطها، وفق ما أفادت وزارة الدفاع الروسية.
والمحادثات في السعودية هي اللقاء الأكثر أهمية منذ المشادة الكلامية الصادمة في البيت الأبيض في 28 فبراير (شباط)، عندما وبّخ ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بسبب ما اعتبره نكرانا للجميل الأميركي.
وفي وقت سابق، رحبت المملكة العربية السعودية، بعقد قمة بين رئيسي الولايات المتحدة “دونالد ترامب ”وروسيا الاتحادية “فلاديمير بوتين ” في المملكة، مؤكدة استمرارها في بذل الجهود لتحقيق سلام دائم بين روسيا وأوكرانيا والتي بدأت منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية.