دخلت الحرب في السودان عامها الثالث، إذ اندلعت في 15 إبريل/نيسان 2023 بالعاصمة الخرطوم، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وامتدت سريعاً إلى أجزاء واسعة من البلاد مخلفة عشرات آلاف القتلى والجرحى، وملايين النازحين داخلياً واللاجئين في دول الجوار، ما يجعل وصف "أسوء كارثة إنسانية" يناسبها تماماً.
ما بدأ في أبريل/نيسان 2023 لم يكن مجرد صراع على النفوذ، بل هو انهيار شامل لدولة كانت تحاول لملمة أشلائها بعد عقود من الاستبداد والانقلابات والعقوبات، حطّم حياة ملايين الأطفال، وفق تقرير نشرته منظمة «اليونيسف» الأممية.
وفي تقرير مؤلم نشرته «اليونيسف»، أعلنت المنظمة الأممية أن الحرب المستمرة منذ عامين حطّمت حياة ملايين الأطفال.
وتحدثت المديرة التنفيذية كاثرين راسل عن «زيادة بنسبة 1000% في الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال»، تشمل القتل والتشويه والاختطاف والتجنيد القسري والعنف الجنسي.
وارتفعت حالات القتل والإصابات المؤكدة في صفوف الأطفال من 150 حالة في عام 2022 إلى أكثر من 2700 حالة خلال عامي 2023 و2024، فيما تضاعف عدد الأطفال المحتاجين لمساعدات إنسانية من 7.8 مليون إلى أكثر من 15 مليون طفل.
وتُشير التقديرات إلى أن أكثر من 462 ألف طفل مهددون بسوء تغذية حاد في الأشهر المقبلة.
وبحسب أرقام حصلت عليها وكالة فرانس برس من اليونيسف ويعتقد أنها أقل من الواقع فإن عدد الأطفال الذين قتلوا أو أصيبوا بجروح في السودان ارتفع من 150 حالة مؤكّدة في عام 2022 إلى حوالى 2776 حالة في عامي 2023 و2024.
كذلك فإنّ عدد الهجمات على المدارس والمستشفيات ارتفع من 33 حالة تمّ التحقّق منها في 2022 إلى 181 حالة في العامين الماضيين.
بالمقابل، تضاعف خلال عامين عدد الأطفال المحتاجين إلى مساعدات إنسانية، إذ ارتفع من 7.8 مليون في بداية 2023 إلى أكثر من 15 مليون طفل اليوم، وفقا لليونيسف.
وفي الداخل أيضا، يعيش السودانيون حالة من الانهيار النفسي والاجتماعي، وسط غياب أي أفق للحل.
أكثر من 30 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، ونحو 12 مليونًا شُرّدوا من ديارهم، فيما يلوح شبح المجاعة في مناطق شاسعة من البلاد، خاصة في الغرب.
والحياة اليومية أصبحت أقرب إلى جحيم مفتوح، حيث تغلق المدارس والمستشفيات أبوابها، وتنتشر الأمراض، وتختفي السلع الأساسية، وسط ضعف التمويل الدولي وتقلص ميزانيات المساعدات في بلدان كبرى مثل بريطانيا.
وحمل التقرير الأممي المجتمع الدولي، لا سيما الدول التي تملك نفوذًا إقليميًا، أن مسؤولياتها، ليس فقط من خلال المساعدات الإنسانية، بل عبر الضغط الحقيقي لوقف الحرب.
قالت منظمة الهجرة الدولية في إبريل/نيسان الحالي، إن نحو أربعة ملايين سوداني عبروا الحدود إلى الدول المجاورة منذ اندلاع الصراع في إبريل 2023، بينما تشير تقديرات محلية إلى أن أعداد النازحين داخلياً تتجاوز 11,3 مليون شخص، موزعين على 10,285 موقعاً في 185 محلية في جميع ولايات السودان الثماني عشرة.
ويقول المتحدث باسم منسقية النازحين واللاجئين بإقليم دارفور، آدم رجال، لتصريحات صحفية، إن أعداد النازحين واللاجئين من إقليم دارفور منذ بداية الحرب أصبحت كارثية، وإن سكان 112 مركزاً للإيواء داخل مدينة الفاشر، أكبر مدن الإقليم، نزحوا مجدداً خلال الأسابيع الماضية، عقب تجدد القتال في المدينة.
وأوضح أن 4440 شخصاً غادروا مدينة الفاشر إلى المخيمات في جبل مرة، وبعضهم لجأ إلى خارج السودان في الفترة ما بين 3 و12 إبريل، بعد تكثيف قوات الدعم السريع الهجوم على المدينة، وأن 17 مخيماً جديدة أقيمت في منطقة طويلة بجبل مرة.
وتواجه مفوضية اللاجئين صعوبات في حصر أعداد اللاجئين في دول جوار السودان، وكشفت الأمم المتحدة في 12 إبريل الماضي، أن آلاف السودانيين يفرون يومياً إلى دول الجوار، مؤكدة أن الحرب في السودان خلفت "أكبر أزمة إنسانية في العالم"، وفصلت بقولها: "يحتاج ثلاثين مليوناً في السودان إلى المساعدة، من بينهم 25 مليوناً يعانون من الجوع الحاد، مع توقعات بزيادة الأعداد".
وبحسب المفوضية، يبلغ عدد اللاجئين السودانيين في أوغندا 129 ألف لاجئ، 86% منهم يعيشون في كمبالا، و14% في المخيمات. من مخيم كرياندنقو بيالي في أوغندا، يقول اللاجئ السوداني عباس عزت، إن "أوضاع اللاجئين السودانيين في أوغندا غاية في السوء نتيجة عدم قدرتهم على التكيف مع ظروف البلد، وصعوبة توفير متطلبات الحياة اليومية من مأكل ومشرب".