دراسات وأبحاث

الأردن في مرمى الاستهداف.. القصة الكاملة لمخطات التخريب التي كشفتها المخابرات الأردنية

الأربعاء 16 أبريل 2025 - 12:20 ص
جهاد جميل
الأمصار

كشفت السلطات الأردنية عن تفاصيل واحدة من أخطر المؤامرات الأمنية التي استهدفت أمن واستقرار المملكة في السنوات الأخيرة، حيث أعلنت دائرة المخابرات العامة عن إحباط مخطط تخريبي معقد نفذته خلية مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، تضم 16 عنصرًا، كانت تعمل على تصنيع صواريخ محلية الصنع وتخزين متفجرات، ضمن خطة لشن عمليات مسلحة داخل البلاد، بدعم وتنسيق مع أطراف إقليمية.

ووفقًا لبيان رسمي، فإن التحقيقات كشفت عن أن الخلية بدأت أنشطتها التخريبية منذ عام 2021، من خلال تنفيذ تدريبات داخلية على كيفية تصنيع المتفجرات والصواريخ، وتوفير المواد الكيميائية اللازمة لذلك، فضلًا عن تهريب مكونات أسلحة عبر الحدود. وتمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد مواقع ورش التصنيع، التي كان أبرزها ورشة في محافظة الزرقاء، ومخزن سري في العاصمة عمان، تم فيه ضبط صواريخ معدة للإطلاق ومواد متفجرة شديدة الخطورة.

المعلومات الرسمية أوضحت أن الخلية تمكنت من تصنيع هياكل صواريخ تشبه صواريخ "غراد" قصيرة المدى، بمدى يتراوح بين 3 إلى 5 كيلومترات، وذلك باستخدام أدوات ومواد محلية وأخرى جرى تهريبها بطرق غير مشروعة. كما عثرت السلطات على غرفة سرية في أحد المنازل، كانت تُستخدم لإخفاء المواد المتفجرة ومكونات الصواريخ، وقد أظهرت الصور التي بثها التلفزيون الأردني حجم وخطورة المواد المضبوطة.

وبحسب التحقيقات، تولى ثلاثة من عناصر الخلية أدوارًا محورية، من بينهم شخص يُدعى إبراهيم محمد، كان حلقة الوصل بين الخلية والجهات الخارجية الداعمة. وتشير المعلومات إلى أن الأخير نسق مع قيادات تنظيمية تابعة لجماعة الإخوان في لبنان، وسافر مع عناصر أخرى من الخلية إلى هناك، حيث تلقوا تدريبات متقدمة على التصنيع العسكري والتخطيط العملياتي، وعادوا إلى الأردن لاستكمال تنفيذ المخطط.

الدعم الإقليمي: تقاطعات مع حماس وفصائل مدعومة من إيران

التقارير الأمنية الأردنية أظهرت أن الخلية تلقت دعمًا لوجستيًا من جهات إقليمية، من بينها فصائل مسلحة موالية لإيران في سوريا، وأخرى تابعة للجناح العسكري لحركة حماس. وقد تم تهريب بعض مكونات الأسلحة عبر الحدود الشمالية، وسط محاولات متكررة لاختراق الحدود الأردنية، في ظل توتر أمني متزايد في المنطقة.

وتعززت هذه الفرضيات مع اعترافات عدد من الموقوفين، الذين أشاروا إلى ارتباطهم بمسؤولين في حركة حماس، وعلى رأسهم القيادي صالح العاروري، الذي اُغتيل في بيروت مطلع العام الجاري. 

وكان العاروري يُعرف بكونه أحد أبرز مخططي العمليات الخارجية للحركة، وله علاقات قوية مع أطراف عسكرية في المنطقة، خصوصًا في لبنان وسوريا.

وأكد مصدر أمني أردني أن العملية تأتي في توقيت حساس للغاية، في ظل استمرار التصعيد العسكري في غزة، وتزايد محاولات نقل التوترات الإقليمية إلى الداخل الأردني، مشيرًا إلى أن بعض الجهات تحاول استغلال مشاعر الغضب الشعبي تجاه الأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينية لتبرير أعمال تخريبية داخل الأردن.

جماعة الإخوان: اعتراف ضمني وتنصل تنظيمي 

في أول تعليق لها، أقرّت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بأن بعض الموقوفين ينتمون للجماعة فكريًا، لكنها نفت أن يكون هناك أي تنسيق تنظيمى مباشر معهم، معتبرة أن تحركاتهم كانت فردية. وادعى أحد مسؤولي الجماعة أن الغاية من حيازة الأسلحة كانت "نُصرة القضية الفلسطينية"، وليس استهداف الأردن أو أمنه الداخلي.

لكن الجهات الأمنية شددت على أن الاعترافات والأدلة الفنية تشير إلى نية مبيتة لاستهداف مواقع داخل الأردن، واستخدام الأراضي الأردنية كنقطة انطلاق لعمليات تتعارض تمامًا مع القانون والأمن القومي الأردني، وهو ما استدعى التعامل الفوري والحازم مع التهديد.

تصاعد التهديدات الإقليمية وضغوط على الأمن الأردني

ويواجه الأردن منذ سنوات تحديات أمنية متزايدة على الحدود الشمالية مع سوريا، حيث تنشط شبكات تهريب الأسلحة والمخدرات التي تديرها ميليشيات مدعومة من إيران، وقد نفذت القوات المسلحة الأردنية مؤخرًا عدة عمليات عسكرية لصد محاولات تسلل وتهريب، وأسفرت عن مقتل عشرات المهربين وضبط كميات ضخمة من الأسلحة والمواد المخدرة.

وتأتي العملية الأمنية الأخيرة لتكشف مجددًا عن حجم الضغوط التي تواجهها أجهزة الأمن الأردنية، في ظل تزايد التقاطعات بين الجماعات الأيديولوجية والتنظيمات المسلحة العابرة للحدود، ووجود أطراف إقليمية تسعى إلى خلق موطئ قدم لها في الداخل الأردني، مستغلة التوترات في الأراضي الفلسطينية وسوريا ولبنان.

ويرى مراقبون أن هذه العملية تُعد ضربة استباقية شديدة الأهمية، وتدل على يقظة الأجهزة الأمنية وقدرتها على التعامل مع أخطر التهديدات، خاصة في ظل محاولات متكررة لتحويل الأردن إلى ساحة لتصفية حسابات إقليمية.

رسالة أمنية قوية

السلطات الأردنية شددت على أنها ستتعامل بحزم مع أي محاولات للمساس بأمن البلاد، سواء من الداخل أو الخارج، مشيرة إلى أن القانون سيُطبق على الجميع دون استثناء، وأن لا تهاون مع من يتورط في أعمال تمس سيادة الدولة أو أمنها.

وفي ختام بيانها، دعت الأجهزة الرسمية المواطنين إلى التعاون مع الجهات الأمنية، والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة، حفاظًا على استقرار البلاد في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة