أصدر صندوق النقد الدولي اليوم الأربعاء، بيانًا ختاميًا عقب انتهاء مشاوراته مع مصرف ليبيا المركزي ضمن مشاورات المادة الرابعة لعام 2025، والتي ناقشت خلالها أوضاع الاقتصاد الليبي، وتقييم السياسات النقدية والمالية والتجارية المتبعة خلال عام 2024، إلى جانب مراجعة أبرز الإجراءات التي اتخذها المصرف المركزي الليبي خلال الربع الأول من العام الجاري.
وأكد الصندوق في بيانه أن الخلاف الذي وقع حول قيادة مصرف ليبيا المركزي في أغسطس من العام الماضي، وما تبعه من اضطرابات في إنتاج النفط، ألقى بظلاله السلبية على معدلات النمو الاقتصادي خلال عام 2024، حيث تسبب في انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وذلك بفعل التراجع القسري في الناتج الهيدروكربوني، رغم أن الأنشطة غير النفطية واصلت توسعها بدعم من استمرار الإنفاق الحكومي. وأشار الصندوق إلى أن إنتاج النفط عاد للانتعاش عقب تسوية الخلاف، ليرتفع تدريجيًا ويقترب حاليًا من مستوى 1.4 مليون برميل يوميًا.
كما أوضح البيان أن معدل التضخم الرسمي استقر عند حدود 2% خلال عام 2024، وهو معدل منخفض نسبيًا نتيجة استمرار الدعم الحكومي المكثف، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن مشاكل القياس أثرت على دقة هذه النسبة، حيث أن مؤشر أسعار المستهلك كان يستند إلى سلة استهلاك قديمة مقتصرة على مدينة طرابلس فقط، مما جعل الأرقام لا تعكس التباينات الحقيقية للأسعار في باقي مناطق البلاد. وقد بادرت مصلحة الإحصاء والتعداد مؤخرًا إلى إدخال مؤشر جديد محدث لأسعار المستهلك يغطي نطاقًا جغرافيًا أوسع ويعتمد أوزانًا أكثر تعبيرًا عن أنماط الاستهلاك الحالية.
وتحدث البيان أيضًا عن الوضع المالي للدولة، مشيرًا إلى أن تقديرات الصندوق توضح أن ليبيا سجلت عجزًا في الموازنة العامة وكذلك في ميزان الحساب الجاري خلال عام 2024، وهو تحول ملحوظ مقارنة بعام 2023 الذي شهد فائضًا كبيرًا. وعزا الصندوق هذا العجز إلى التراجع الحاد في صادرات النفط، نتيجة توقف عمليات الإنتاج والتصدير، بينما ظلت الواردات مستقرة دون تغيير كبير، في وقت واصل فيه الإنفاق الحكومي ارتفاعه لتلبية الأعباء المتزايدة. ورغم هذا العجز، أشار الصندوق إلى أن احتياطيات النقد الأجنبي ظلت عند مستويات مريحة بفضل قيام مصرف ليبيا المركزي بإعادة تقييم احتياطيات الذهب.
وعلى صعيد القطاع المصرفي، أثنى صندوق النقد الدولي على الجهود التي بذلها المصرف المركزي لدعم استقرار النظام المالي، مشيرًا إلى أن البنوك المحلية نجحت خلال عام 2024 في استكمال زيادة رؤوس أموالها تلبية لمتطلبات لجنة بازل 2، وهو ما أدى إلى مضاعفة رأس المال المدفوع عبر غالبية المصارف، فضلاً عن تحسن ملحوظ في مؤشرات السلامة المالية وانخفاض نسب القروض المتعثرة. وأكد البيان أن نمو الائتمان الممنوح للقطاع الخاص ظل قويًا على مدار العام، مدفوعًا بالمرابحات التي تقدمها المصارف للأفراد والقروض المالية الموجهة لموظفي القطاع العام، فيما بقي التمويل المخصص للشركات محدودًا بسبب استمرار القيود القانونية وضعف بيئة الأعمال.