أصدرت محكمة تونسية أحكاماً بالسجن تتراوح بين 13 و66 عاماً على زعماء من المعارضة ورجال أعمال ومحامين بتهمة التآمر على أمن الدولة.
وتعدّ قضية «التآمر على أمن الدولة» واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في تونس، والتي يحاكم فيها عدد من أبرز الشخصيات المعارضة، بينما استبقت هيئة الدفاع ذلك وأعلنت عدم اعترافها بأيّ حكم.
وشملت المحاكمة نحو 40 شخصاً، من بينهم ساسة بارزون ورجال أعمال، على غرار رئيس «الحزب الجمهوري» عصام الشابي، والأمين العام السابق لـ«التيار الديمقراطي» غازي الشواشي، وأستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك، والمسؤول السابق في حزب النهضة عبد الحميد الجلاصي، ورجل الأعمال كمال الطيف وآخرون.
واعتقل المتهمون خلال حملة شنتها السلطات التونسية عام 2023، وتم إيداعهم السجن بتهمة «تكوين وفاق إرهابي للانقلاب على الرئيس قيس سعيد، والتآمر على أمن الدولة، ومحاولة تنفيذ جرائم إرهابية»، بالإضافة إلى قضايا فساد مالي.
واستبقت هيئة الدفاع عن المتهمين الحكم النهائي للمحكمة في هذه القضية، وأعلنت في بيان مساء أمس، عدم اعترافها بشرعيّة أيّ حكم ينبثق عن هذه المحاكمة التي وصفتها بـ«الصّوريّة والمهزلة القضائية»، كما تحدّثت عن وجود خروقات وانتهاكات في الإجراءات، أبرزها عدم حضور المتهمين للاستنطاق وإجراء المحاكمة عن بعد.
ويعتبر معارضو ومنتقدو الرئيس قيس سعيد وعائلات المتهمين، أن ملف التحقيق «فارغ»، والاتهامات «باطلة»، وأنّ «المحاكمة ستكون سياسية بسبب تدخل السلطة التنفيذية في القضاء».
وتقول منظمات حقوق الإنسان إن هذه المحاكمة تلقي الضوء على سيطرة الرئيس قيس سعيد الكاملة على السلطة القضائية منذ أن علق عمل البرلمان في عام 2021 قبل حله في مارس آذار 2022 وحل المجلس الأعلى للقضاء، ثم عزل عشرات القضاة لاحقا.
كما أشارت السلطات إلى إن المتهمين حاولوا زعزعة استقرار البلاد ونشر الفوضى و قلب النظام، تقول المعارضة إن "التهم ملفقة و تُستخدم لإسكات المنتقدين و ترسيخ حكم استبدادي فردي".
وقرب مقر محكمة تونس، وتجمع نشطاء وعائلات المتهمين ، رافعين شعارات من بينها "أطلقوا سراح السجناء" و"أوقفوا المهزلة" و"حريات لا قضاء التعليمات"، بحسب وكالة "رويترز".
ومن جانبه، قال حمة الهمامي، زعيم حزب العمال المعارض، الذي كان من بين الحاضرين لدعم المتهمين إن "قضية التآمر مهزلة، هذا النظام الاستبدادي ليس لديه ما يقدمه للتونسيين غير مزيد من القمع".
وفي هذا الصدد، قالت الصحفية بإذاعة موزاييك أميرة محمد: "هذا انتهاك لحق المحاكمة العادلة وحق الشعب في معرفة ما يجري"، متسائلة: "ماذا يريدون أن يخفوا في قضية بهذه الخطورة؟".
ويُحاكم في القضية 40 شخصا من بينهم سياسيون بارزون ورجال أعمال وصحفيون، في حين فر أكثر من 20 منهم إلى الخارج.
وفي عام 2023، اعتقلت السلطات عددا من السياسيين ، و ذلك في إطار هذه القضية، في حملة طالت صفوف المعارضة مثل غازي الشواشي وعصام الشابي وجوهر بن مبارك وعبد الحميد الجلاصي وخيام التركي ورضا بلحاج.
كما يمثل أمام المحكمة معارضون آخرون غير موقوفين من بينهم نجيب الشابي زعيم جبهة الخلاص الوطني، وهو الائتلاف الرئيس المعارض لسعيد.
وقال الشابي للصحفيين إن "السلطات تريد تجريم عمل المعارضة، ولا أستغرب أن تصدر أحكاما ثقيلة الليلة" وفق تعبيره.