بعد أشهر من الجمود، بدأ الحراك الدبلوماسي حول «ملف إيران النووي» يكتسب زخمًا جديدًا، مدفوعًا بإشارات إيجابية من «واشنطن وطهران» على حد سواء. ومع تحديد موعد جولة جديدة من المحادثات، يترقّب المجتمع الدولي ما إذا كانت هذه الديناميكية ستترجم إلى خطوات فعلية على طريق إحياء الاتفاق النووي.
وفي هذا الصدد، في مؤشر على تحسن نسبي في مسار المحادثات، أعلن مسؤول أمريكي رفيع، مساء يوم السبت، أن واشنطن وطهران حققتا "تقدمًا جيدًا جدًا" في الملف النووي.
وأضاف المسؤول الأمريكي، أن المناقشات الجارية بين الجانبين، بشقيها المباشر وغير المباشر، كانت "إيجابية".
وأوضح أن واشنطن وطهران تعتزمان استئناف المحادثات الأسبوع المُقبل ضمن جهود استمرار التفاوض.
في المقابل، أشار وزير الخارجية الإيراني، «عباس عراقجي»، إلى أن "الأجواء الإيجابية نسبيًا في روما مكنتنا من إحراز تقدم فيما يتعلق بمبادئ وأهداف الاتفاق المُحتمل"، مُوضحًا أن بلاده تشعر حاليًا بـ"قدر من التفاؤل لكن مع كثير من الحذر".
وتابع الوزير الإيراني، أن "الاتفاق النووي المبرم عام 2015 لم يعد مُناسبًا" لبلاده، لكنه أكد استعداد بلاده للبدء في مسار تفاوضي على مستوى الخبراء في الأيام المُقبلة "بهدف تحديد التفاصيل المُتعلقة بأي اتفاق جديد".
وسط توترات متصاعدة داخل إدارة ترامب، تُبرز الخلافات الأمريكية الإسرائيلية حول كيفية التعامل مع طهران، حيث يُجري النقاش حول ما إذا كان الخيار الدبلوماسي أو العسكري هو الأنجح في منع إيران من امتلاك قنبلة، كما يُشير تقرير لموقع «أكسيوس» الأمريكي.
ولفت التقرير إلى أنه في الوقت الحالي "يعمل ترامب على كبح جماح الصقور، بما في ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويُركّز على التوصل إلى اتفاق".
كان الرئيس الأمريكي، يوم الجمعة، ذكر للصحفيين في المكتب البيضاوي: "أريد لإيران أن تكون عظيمة ومزدهرة ورائعة. لكن لا يُمكنهم امتلاك سلاح نووي".
وأضاف: "إذا امتلكوا سلاحًا نوويًا، فستكونون جميعًا في غاية التعاسة لأن حياتكم ستكون في خطر كبير".
في حين ركّزت الجولة الأولى التي عُقدت في سلطنة عُمان الأسبوع الماضي، على تحديد لهجة وشكل المحادثات، قال مسؤولون أمريكيون إن هدفهم في الجولة الثانية هو التوصل إلى إطار لكيفية المضي قدمًا في المفاوضات.
وأصدر الوسطاء العُمانيون بيانًا بعد المحادثات قالوا فيه إن الأطراف "اتفقت على الدخول في المرحلة التالية" من المفاوضات بهدف التوصل إلى "اتفاق عادل ودائم وملزم يضمن إخلاء إيران بالكامل من الأسلحة النووية والعقوبات، والحفاظ على قدرتها على تطوير الطاقة النووية السلمية".
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية: إن "المحادثات غير المباشرة المفيدة" التي عُقدت اليوم سوف تتبعها "محادثات فنية" في الأيام المُقبلة، وجولة أخرى من المحادثات على مستوى أعلى يوم السبت المُقبل.
وحسبما ذكر التقرير، بدأت المحادثات قبل وقت قصير من الظهر (بالتوقيت المحلي) في مقر إقامة السفير العماني في الحي الدبلوماسي الهادئ في روما. هناك، تجمع عشرات الصحفيين في الشارع الضيق أمام المجمع الدبلوماسي العماني.
ووصل «عراقجي»، أولًا بعد تنقل قصير بالسيارة من السفارة الإيرانية -التي تقع على بُعد 300 قدم من نهاية الشارع- وبعد (30) دقيقة، جاء موكب ويتكوف الذي فشل في الوصول إلى المدخل -المزدحم بالإعلام- واضطر إلى الرجوع للخلف والعودة إلى الشارع الضيق.
بينما يُشارك في المحادثات وزير الخارجية العماني «بدر البوسعيدي»، بصفته الوسيط الرئيسي، كانت الولايات المتحدة قد طلبت تغيير مكان انعقاد الاجتماع جزئيًا، بسبب وقت السفر الطويل بين واشنطن ومسقط "لكن الإيرانيين أرادوا أن تظل عُمان -إحدى الدول القليلة التي تتمتع بعلاقات ودية مع الجانبين- وسيطًا".
وبحسب «أكسيوس»، سافر «ويتكوف» إلى روما بعد اجتماع غير معلن عنه في باريس، يوم الجمعة، مع مسؤولين إسرائيليين كبيرين، حيث "تسلل وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ورئيس الموساد ديفيد بارنيا، إلى باريس لحضور اجتماع غير رسمي في محاولة للتأثير على الموقف الأمريكي قبل المحادثات".
كما التقى المبعوث الأمريكي مع رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبيل بدء المحادثات. وفي الوقت نفسه، نقل التقرير عن مصدر -لم يُوضحه- أن ديرمر موجودٌ الآن في روما، لكن من غير الواضح ما إذا كان سيلتقي ويتكوف لمناقشة تطورات محادثات السبت.
بينما قال مسؤولون أمريكيون قبل اجتماع السبت، إن هدفهم هو التوصل إلى اتفاق يتضمن القضاء على برنامج اليورانيوم الإيراني، لكن الإيرانيين أوضحوا أن هذا "يتجاوز الخط الأحمر".
من جانبه، أشار «علي شمخاني»، المستشار البارز للمرشد الأعلى الإيراني، إلى مبادئ إيران للاتفاق النووي، وذلك عبر منشور على «إكس».
وأكد «شمخاني»، أن المفاوضين الإيرانيين لديهم "السُلطة الكاملة" للتوصل إلى اتفاق قائم على "الجدية والتوازن"، لكن مثل هذا الاتفاق يجب أن يتضمن ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تنسحب منه مرة أخرى، كما فعل ترامب في عام 2018.
وبينما حثَّ «نتنياهو»، الولايات المتحدة على قبول اتفاق فقط، أكد مستشار المرشد الإيراني، أن أي اتفاق يجب أن يشمل رفع العقوبات المفروضة على إيران، ولن يشمل إطلاقًا التفكيك الكامل للبنية التحتية النووية الإيرانية.
وأضاف أنه خلال المحادثات، يجب على الولايات المتحدة احتواء إسرائيل والتوقف عن التهديد بمهاجمة إيران.
وختم قائلًا: "إيران جاءت من أجل اتفاق متوازن، لا من أجل الاستسلام".
وكان مسؤولون إيرانيون قد صرّحوا، في وقت سابق، بأنه ستكون هناك محادثات تقنية في عُمان خلال الأيام المقبلة، وأن المبعوث الأمريكي، «ستيف ويتكوف»، ووزير الخارجية الإيراني سيلتقيان مُجددًا في (26) أبريل.
وهدد الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، الذي انسحب من الاتفاق النووي المُبرم عام (2015) بين طهران والقوى العالمية خلال ولايته الأولى في عام (2018)، بمهاجمة إيران ما لم تتوصل إلى اتفاق جديد على وجه السرعة يمنعها من تطوير سلاح نووي.
وأعلنت إيران، التي تقول إن برنامجها النووي سلمي، استعدادها لمناقشة فرض قيود محدودة على أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات الدولية.
في رد قاطع على تصريحات الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، أكد وزير الخارجية الإيراني، «عباس عراقجي»، أن إيران ترفض تمامًا لغة التهديدات التي تُصدر عن الولايات المتحدة، مُشددًا على أن طهران تحتفظ بحقها في الرد على أي تصعيد قد يطرأ.
وقال «عراقجي» ،في حفل استقبال أقيم في السفارة الإيرانية في موسكو بمناسبة يوم الجيش الإيراني: "كل إمكانياتنا العسكرية جاهزة للدفاع عن البلاد، ولا ننوي أن نُصبح تهديدًا للمنطقة المُحيطة بنا، ولكننا سنُدافع عن أنفسنا بحزم في مواجهة أي تهديد وأي اعتداء"، حسبما أفادت وكالة «نوفوستي» الروسية، الجمعة.
وأدلى وزير الخارجية الإيراني، بتصريحاته وسط استعدادات لجولة ثانية من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة حول البرنامج النووي الإيراني، فضلًا عن تصريحات الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، بأنه ليس في عجلة من أمره لشن هجوم على إيران، ويجب أن تتوقع "قصفًا غير مسبوق" في حال عدم التوصل إلى اتفاق.
يُذكر أن العاصمة العُمانية «مسقط» شهدت السبت الماضي مفاوضات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، حيث ترأس الوفد الإيراني وزير الخارجية «عباس عراقجي»، بينما قاد الوفد الأمريكي المبعوث الأمريكي «ستيف ويتكوف». وركزت المحادثات على الملف النووي وسبل تخفيف التوتر بين البلدين.
وفي وقت سابق، أعلن الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، أن المفاوضات بين وفدي الولايات المتحدة وإيران في العاصمة العُمانية مسقط "تسير بشكل إيجابي"، حسبما أفادت وسائل إعلام أمريكية، في أنباء عاجلة، الأحد.