خلال الأيام القليلة الماضي، طفا اسم تطبيق "سيغنال" على السطح إلى حد كبير بعدما استخدمه أهم مستشاري الأمن للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لمناقشة ضربة عسكرية وشيكة على قواعد الحوثيين في اليمن.
يُعرف تطبيق "سيغنال" بأنه تطبيق مراسلة يقدّر عدد مستخدميه شهرياً بنحو 40 إلى 70 مليون شخص، وهو رقم صغير إلى حد ما مقارنة بمستخدمي تطبيقات الرسائل الأكبر مثل "واتساب" و"ماسنجر" التي يُقدر عدد مستخدميها بالمليارات، وفقاً لبيانات الشركة.
كما يلتزم التطبيق بحماية خصوصية المستخدم وأمن بياناته، إذ لا يجوز للتطبيق - وفق قواعده لحماية البيانات- بيع بياناتك أو محتوياتك أو تأجيرها أو استثمارها بأي طريقة كانت على الإطلاق.
وفي سياسة الخصوصية والشروط المحدثة، فتقول الشركة إن تطبيقها بحيث لا يَجمع ولا يُخزن أي معلومات حساسة، كما لا يُمكن الوصول إلى مكالمات ورسائل سيغنال من قِبلها أو من قِبل أطراف أخرى، لأنها دائما تكون مُشفَّرة من طرف لِطرف، كذلك فإنها تظل خاصة وآمنة.
أيضا تؤكد الشركة بأنه يتمُّ تخزين رسائل سيغنال وصوره وملفاته ومحتوياته الأخرى داخليا في جهاز المستخدم، وتكون محتويات قابلة للقراءة من قبل عُملاء المصادر المفتوحة لسيغنال. ولأن كل شيء مُشفَّر من طرف لِطرف، لا يحُق لخدمة سيغنال الوصول إلى أيٍ من هذه البيانات.
أما عن الجهود التي يبذلُها تطبيق سيغنال للامتثال للنظام الأوروبي العام لحماية البيانات، فتوضح الشركة بأن تطبيقها مُصمَّم خصيصًا لحماية خصوصية المستخدم، وهو يستخدم فقط الحد الأدنى من المعلومات اللازمة لتقديم خدماتها.
وفي تطورٍ يعكس تصاعد الاضطرابات داخل وزارة الدفاع الأمريكية، أطاحت فضيحة تسريبات عبر تطبيق "سيغنال" بثلاثة من كِبار مساعدي وزير الدفاع بيت هيغسيث، ودفعت رئيس أركانه جو كاسبر، إلى مغادرة منصبه في خضم صراعاتٍ داخلية وتوتراتٍ متزايدة.
ووفقًا لموقع "بوليتيكو"، تمّ وضع دان كالدويل، ودارين سيلنيك، وكولين كارول، في إجازة إدارية هذا الأسبوع، قبل أن تُنهى خدماتهم رسميا، وسط صمتٍ رسمي وتلويحٍ بدعاوى قضائية ضدّ الوزارة بتهمة الفصل التعسفي.
ويُعتقد أن الخلافات الشخصية مع كاسبر، الذي كان قد دعا إلى فتح تحقيقات في قضايا حسّاسة، أسهمت في تسريع قرارات الإقالة.
الإقالات خلّفت فراغاً إدارياً حاداً في مكتب الوزير، الذي بات يفتقر لرئيس أركان ومستشار أول ونائب، ما اعتبره مسؤولون عسكريون انعكاساً لقيادة مرتبكة تفتقر للخبرة والاحتراف. يأتي ذلك بعد سلسلة تغييراتٍ كبرى في فبراير، شملت إقالة كِبار الضباط في هيئة الأركان والبحرية.
ووفق "سكاي نيوز": القلق يتزايد داخل البنتاغون من موجة إقالات جديدة وسط غياب الشفافية، بينما تتزايد التساؤلات بشأن مدى قدرة هيغسيث على الاستمرار في منصبه، في ظل تصاعد الانتقادات لعلاقاته المُثيرة للجدل وانعدام الخبرة العسكرية.
أصدر دان كالدويل، أحد كبار مستشاري وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، بيانًا مشتركًا مع مسؤولين آخرين في وزارة الدفاع "البنتاغون"، يُشككون فيه في تحقيق داخلي بشأن تسريبات أدى إلى الإطاحة بهم الأسبوع الماضي.
ونشر كالدويل على موقع إكس: "نشعر بخيبة أمل شديدة من الطريقة التي انتهت بها خدمتنا في وزارة الدفاع. لقد شوّه مسؤولون بالوزارة سمعتنا بهجمات لا أساس لها قبل مغادرتنا".
تحقيق في تسريبات "سيغنال"
وأضاف كالدويل والآخرون: "لم نُبلّغ بعدُ بماهية التحقيقات التي خضعنا لها تحديدًا، وما إذا كان هناك تحقيق جار، أو حتى ما إذا كان هناك تحقيق حقيقي في التسريبات من الأساس".
وهذه أول تصريحات لكالدويل منذ أن كشفت وكالة رويترز لأول مرة، أنه تم اقتياده إلى خارج مبنى وزارة الدفاع يوم الثلاثاء الماضي، بعد أن كشف تحقيق داخلي في تسريبات بالوزارة عن قيامه "بإفشاء (معلومات) غير مصرح بها"، وفقًا لما ذكره مسؤول أميركي للوكالة ذاتها.
وبعد كالدويل، استبعدت وزارة الدفاع أيضًا مسؤولين أقل رتبة، هما دارين سيلنيك، الذي أصبح في الآونة الأخيرة نائبًا لرئيس مكتب هيغسيث، وكولين كارول، الذي كان مديرًا لمكتب ستيف فاينبرغ نائب وزير الدفاع.
وأشار بيان كالدويل وسيلنيك وكارول إلى أنهم لم يُسرّبوا معلوماتٍ حساسة أو سرية، قائلين: "نحن نُدرك أهمية أمن المعلومات ونعمل جاهدين لحمايتها".
وكان كالدويل، الذي خدم في سلاح مشاة البحرية وفي العراق، أحد كبار المستشارين الذين عملوا عن كثب مع هيغسيث.
وكان هو الموظف المُعيّن كجهة اتصال لهيغسيث في محادثة "سيغنال"، التي استخدمها كبار مسؤولي الأمن القومي في إدارة ترمب، بمن فيهم هيغسيث، لنقل خطط ضربة عسكرية ضد الحوثيين في اليمن.
وتضمنت الدردشة، التي أنشأها مستشار الأمن القومي مايكل والتز، عددًا من أعضاء مجلس الوزراء، وخرجت إلى النور بسبب إضافة جيفري غولدبرغ، رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتيك"، إلى المجموعة.
وتطبيق "سيغنال" هو خدمة مراسلة مفتوحة المصدر ومشفرة بالكامل تعمل على خوادم مركزية يتم صيانتها بواسطة "سيغنال ماسنجر".
وبموجب القانون الأميركي قد يشكل سوء التعامل مع المعلومات السرية أو استغلالها أو إساءة استخدامها جريمة، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كان قد تم انتهاك تلك البنود في هذه الحالة.
وكان كالدويل قد لفت الانتباه في واشنطن بسبب آرائه السابقة، التي وصفها المنتقدون بالانعزالية، لكن أنصارها قالوا إنها تسعى إلى تحديد حجم أولويات الدفاع الأميركية.
ونقل عن كالدويل قوله قبل ذهابه إلى البنتاغون إن الولايات المتحدة كانت ستصبح في وضع أفضل لو بقيت القوات الأميركية في الوطن.
وبالرغم ذلك، أثار الكشف عن مشاركة خطط هجومية بالغة الحساسية عبر تطبيق مراسلة تجاري غضبا في واشنطن وسط دعوات من قبل الديمقراطيين لإقالة أعضاء فريق ترامب للأمن القومي، خصوصا وأنها قد تكون سرّبت عبر هواتف شخصية.