تصاعدت حدة الحرب الدامية في السودان بين قوات الجيش والدعم السريع، وسط تفاقم العمليات العسكرية واتساع رقعة المواجهات في مختلف أنحاء البلاد، فيما يدخل الصراع عامه الثالث، محمّلاً بمزيد من المآسي الإنسانية والانهيار الكامل لمؤسسات الدولة، وأثناء ذلك تغرق المدن والقرى في دوامة عنف لا تلوح نهايتها في الأفق.
وفي ظل هذا التصعيد المستمر، يُفقد عشرات الأبرياء أرواحهم يوميًا، بين قتلى وجرحى، فيما يعيش الملايين تحت وطأة الحصار ونقص الغذاء والدواء. ومع كل يوم يمر، تتعمق معاناة المدنيين الذين أصبحوا وقودًا لصراع دموي يحطم آمال السلام ويزيد من عزلة السودان عن محيطه الإقليمي والدولي.
وبالأمس، أدان تحالف محامي الطوارئ بالسودان بأشد العبارات الجريمة الوحشية التي قام بها عناصر تابعة لقوات الدعم السريع بتصفية مدنيين عزل في منطقة الصالحة بأم درمان.
ويأتي ذلك بعدما أفادت شبكة أطباء السودان، في بيان لها يوم الأحد، بأن قوات الدعم السريع قتلت 31 محتجزًا، بينهم أطفال، في الصالحة جنوبي أم درمان، موضحة أن القتلى سقطوا نتيجة القصف العشوائي والاشتباكات التي دارت بين قوات الدعم السريع والمجموعات المسلحة في المنطقة.
ليحمل تحالف محامي الطوارئ بالسودان، في بيان له الأحد، قوات الدعم السريع وقياداتها المسؤولية عن عمليات التصفية والقتل العمد للمدنيين، مطالبًا باتخاذ إجراءات رادعة لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
وأضاف البيان أن "تصفية المدنيين العزل تشكل انتهاكًا جسيمًا لكافة المواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وتابع: "ارتكاب هذه الجرائم بصورة منظمة، وتوثيقها بمقاطع مصورة علنية، يعكس مدى استهانة قوات الدعم السريع بأرواح المدنيين، ويؤكد اعتمادها سياسة الإفلات من العقاب كنهج ممنهج لترهيب السكان المدنيين وفرض سطوتها بالقوة".
وأظهرت مقاطع الفيديو التي نشرتها عناصر تابعة للدعم السريع، محتجزون يجلسون على الأرض قبل إطلاق الرصاص عليهم، الأحد، بتهمة التخابر مع الجيش السوداني.
وأفادت الشبكة بأن العديد من الجرحى في حالة حرجة، مشيرة إلى أن المستشفيات المحلية تعاني من نقص في المعدات الطبية اللازمة للتعامل مع العدد الكبير من المصابين.
وفي السياق، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن بالغ قلقه إزاء تدهور أوضاع حقوق الإنسان في مدينة الفاشر ومحيطها بولاية شمال دارفور في السودان.
وأشار بيان صادر عن المفوضية إلى أن الأيام الأخيرة شهدت تصاعدا في أعداد الضحايا المدنيين، واعتداءات على العاملين في المجال الإنساني، وارتفاعا مقلقا في حالات العنف الجنسي، وذلك مع تكثيف قوات الدعم السريع لهجماتها على المدينة والمخيمات المجاورة للنازحين.
وأضافت المفوضية السامية أن ما لا يقل عن 129 مدنيا لقوا مصرعهم بين 20 و24 أبريل في مدينة الفاشر، ومنطقة أم كدادة، ومخيم أبو شوك للنازحين. وأكدت أنه في المجمل قُتِل ما لا يقل عن 481 مدنيا في شمال دارفور منذ 10 أبريل، رغم أن الحصيلة الفعلية على الأرجح أعلى بكثير.
وأفادت المفوضية بأن الهجمات الأخيرة تسببت في نزوح مئات الآلاف من المدنيين، معظمهم نزحوا للمرة الثانية أو الثالثة بعد أن شُرِّدوا خلال جولات سابقة من النزاع، حيث يواجهون في مناطق مثل طويلة ودار السلام وبلدات أخرى، أوضاعا إنسانية كارثية في ظل استمرار القيود المفروضة على إيصال المساعدات المنقذة للحياة.