في ظل الارتفاع الكبير لتكاليف تشغيل خدمات الذكاء الاصطناعي، بدأت شركات التقنية في التحوّل التدريجي من نماذج الاشتراك الشهرية التقليدية إلى ما يُعرف بـ"نموذج التسعير حسب الاستخدام".
يتجه المزيد من لاعبي قطاع البرمجيات كخدمة (SaaS) إلى التخلي تدريجيا عن نماذج الاشتراك الثابتة لصالح نموذج التسعير حسب الاستخدام، بحسب تقرير بيزنس إنسايدر، بحسب تقرير نشره موقع "بيزنس إنسايدر".
يعتمد هذا النموذج على محاسبة المستخدم بناءً على استهلاكه الفعلي للخدمة، بدلاً من دفع مبلغ ثابت شهريًا، حتى في حال عدم الاستخدام الكامل. يُحتسب السعر وفقًا لعدد المهام المنفذة أو الميزات المستخدمة، ما يجعل الفوترة أكثر عدالة وواقعية.
يستهلك الذكاء الاصطناعي، لا سيما النماذج المتقدمة مثل GPT-4o وغروك 3، كميات ضخمة من الطاقة والموارد التقنية، ويشير التقرير إلى أن نموذج GPT-4o قد تصل تكلفة الإجابة الواحدة فيه إلى نحو 3,500 دولار، نتيجة العمليات المعقدة التي تشمل "الحوسبة وقت الاستدلال".
بسبب هذه التكاليف، لم تعد الاشتراكات الشهرية كافية، وبدأت شركات مثل Replit وBolt New وVercel في تطبيق تسعيرة مرنة قائمة على حجم الاستخدام، سواء بعدد التوكين، أو الأسئلة، أو مدة الاستخدام.
الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، اقترح الشهر الماضي تحويل اشتراكات ChatGPT Plus إلى نظام رصيد مرن يمكن إنفاقه حسب الحاجة على ميزات مثل البحث المتقدم أو الوصول لنموذج GPT-4o، بدلاً من تخصيص حدود ثابتة لكل ميزة.
يعني هذا التوجه أن المستخدمين سيدفعون مقابل ما يستهلكونه فعليًا، وهو ما قد يبدو عادلًا لكنه يتطلب وعيًا أكبر بإدارة الموارد الرقمية، من ناحية أخرى، يُعد خطوة ضرورية لضمان استدامة خدمات الذكاء الاصطناعي وتطويرها.
أطلقت هيئة دبي الرقمية ومؤسسة دبي للمستقبل اليوم النسخة الأولى من تقرير "حالة الذكاء الاصطناعي في دبي" وذلك ضمن مشاركتهما في "أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي".
يستعرض التقرير الاستراتيجي الأول من نوعه ، واقع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في حكومة دبي، ويواكب الإعلان الرسمي عن سياسة الذكاء الاصطناعي للجهات الحكومية التي طوّرتها دبي الرقمية.
ويُسلّط التقرير الضوء على تسارع وتيرة التحوّل الرقمي المعزز بالذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحيوية، مستنداً إلى تحليل أكثر من 100 حالة استخدام ذات أثر كبير وقيمة مضافة في مجالات تشمل التخطيط الحضري، والرعاية الصحية، والتنقل، والتوظيف، والتمويل، والمشتريات، واتخاذ القرار الاستراتيجي.
ويُبرز التقرير جاهزية عدد من المشاريع للتنفيذ، بينما لا يزال بعضها قيد التطوير، ما يعكس عمق النضج المؤسسي في هذا المجال.
وتعكس سياسة الذكاء الاصطناعي التي أطلقتها دبي الرقمية التزام حكومة دبي بتطبيق إطار موحد وأخلاقي لاستخدام الذكاء الاصطناعي، وفق مبادئ الشفافية، والحوكمة الاستباقية، ومحورية الإنسان، والتشغيل البيني، مما يعزز موقع دبي نموذجا رائدا في الحوكمة التقنية إقليمياً وعالمياً.
وأكد عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، أن دبي تواصل ترسيخ مكانتها وجهة عالمية للابتكار المسؤول، من خلال تكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية، وضمن رؤية تتمحور حول الإنسان أولاً.
من جانبه، أوضح حمد عبيد المنصوري، مدير عام هيئة دبي الرقمية، أن التقرير والسياسة المصاحبة له يمثلان نموذجاً مؤسسياً يرسّخ التحول الرقمي القائم على الذكاء الاصطناعي، ويوفر خدمات أكثر استباقية وتخصيصاً وكفاءة.
بدوره أكد خلفان بلهول، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، أن الذكاء الاصطناعي يعيد رسم دور الحكومات نحو مزيد من الابتكار والاستشراف، والتقرير يوضح كيف أن دبي مستعدة لتوسيع نطاق هذه التطبيقات على أسس مستدامة.
وقدر التقرير إمكانية أن تسهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي بنحو 235 مليار درهم في الناتج المحلي الإجمالي لدبي بحلول عام 2030، وفق نماذج اقتصادية داخلية، بما يدعم طموحات الدولة في جعل الذكاء الاصطناعي مساهماً رئيسياً بنسبة تصل إلى 14% في الاقتصاد الوطني بحلول نهاية العقد.
وأختتم التقرير بوضع تصورات مستقبلية حتى عام 2035 تشمل حوكمة عالمية للذكاء الاصطناعي، وخدمات حكومية تنبؤية، ومنظومة بحث وابتكار متكاملة بالتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، في إطار رؤية طموحة تجعل من دبي المدينة الرقمية الأكثر تركيزاً على الإنسان في العالم.