دراسات وأبحاث

"ميرتس ووادفول".. محور جديد يعيد رسم خارطة السياسة لـ"خارجية ألمانيا"

الثلاثاء 29 أبريل 2025 - 04:46 م
أحمد مالك
الأمصار

بتعيين يوهان وادفول وزيرًا للخارجية، تدخل ألمانيا مرحلة جديدة في سياستها الخارجية، أكثر تشددًا ووضوحًا في مواقفها تجاه الصين وروسيا، وأكثر التزامًا بالتعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة.

ويمثل تعيين يوهان وادفول، وهو محافظ وخبير مخضرم في السياسة الدفاعية، تحت قيادة المستشار المعين، فريدريش ميرتس، من الاتحاد المسيحي، تحولًا كبيرًا نحو سياسة خارجية أكثر اعتمادًا على الأمن وعابرة للأطلسي، ويمكن أن يعيد تشكيل موقف برلين تجاه موسكو وبكين.

ولطالما كان وادفول، وهو عضو في البوندستاغ (البرلمان) منذ عام 2009 ونائب رئيس المجموعة البرلمانية للاتحاد المسيحي، أحد أكثر المؤيدين للسياسة الأطلسية (العلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة) صراحةً في السياسة الألمانية.

ودعا وادفول باستمرار إلى تقديم دعم عسكري ألماني أقوى لأوكرانيا، وتعميق الاندماج داخل حلف شمال الأطلسي "الناتو"، واتخاذ موقف أكثر انتقادًا لنفوذ الصين المتنامي في أوروبا.

وزير الخارجية الألماني الجديد يوهان وادفول
وزير خارجية ألمانيا الجديد يوهان وادفول

العلاقات عبر الأطلسي

وفي ضوء تشكيك الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في الطبيعة الأساسية للتحالف عبر الأطلسي، كان واديفول واضحًا في تقييمه للتحدي في إطار هذه العلاقات.

وفي مقابلة مع صحيفة ”فرانكفورتر ألغماينه“ الألمانية اليومية، وصف المواجهة الأخيرة التي قام بها ترامب ونائبه جيه دي فانس مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير/شباط الماضي بأنها ”صادمة - عاطفيًا وفكريًا على حد سواء“.

وحذر وادفول من أنه على الرغم من عدم القدرة على التنبؤ بالسياسة الأمريكية في عهد ترامب، إلا أنه لم يتوقع ”مثل هذا الانقلاب في المسؤولية عن الحرب في أوكرانيا“.

وعلى الرغم من اعتقاده بأن ”أمريكا تقف إلى جانب حلف الناتو“، إلا أن وادفول حذر من أن بعض التصرفات والتصريحات الأخيرة في واشنطن ”مقلقة“، ولا تعكس العلاقة بين الحلفاء الحقيقيين.

وقال إنه يجب على ألمانيا أن تستعد لمزيد من الاستقلال الاستراتيجي، مشددا على أن ”هناك الكثير من الأسباب التي تدعو أوروبا إلى أن تصبح ذات سيادة“.

اختلاف واضح

وبينما وازن وزراء الخارجية الألمان السابقون، بمن فيهم أنالينا بيربوك من حزب الخضر، بين البراغماتية الاقتصادية والدبلوماسية القائمة على القيم، من المتوقع أن يقود وادفول اصطفافاً استراتيجياً أكثر صرامة مع واشنطن وباريس، وفق مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.

ومن المرجح أن يصبح الإنفاق الدفاعي وأمن الطاقة والقدرة على الصمود في مواجهة التهديدات الهجينة على رأس الأولويات في ظل قيادة السياسي المحافظ للسياسة الخارجية الألمانية.

ويشير سجل وادفول إلى أن برلين ستضغط من أجل تشديد الضوابط على الاستثمار الصيني في القطاعات الحيوية، ومن أجل تنسيق أقوى بين الاتحاد الأوروبي بشأن صادرات التكنولوجيا وحماية البنية التحتية.

الأكثر من ذلك، من المتوقع أن يدعم توسيع حلف "الناتو" وتوسيع نطاق وجوده الأمني في أوروبا الشرقية.

يوهان وادفول

من هو وادفول؟ 

وُلد يوهان والتر ديفيد رودولف وادفول، في هوسوم على بحر الشمال في عام 1963 وانضم إلى الاتحاد المسيحي في عام 1982.

وفي الوقت نفسه، بدأ الخدمة كجندي نظامي في الجيش الألماني.

ومنذ عام 1986، عكف على دراسة القانون في جامعة كريستيان-ألبريشتس-أونكلت في كيل، حيث وصل إلى درجة الدكتوراه بعد 10 سنوات من الدراسة.

ومنذ عام 2009، يعمل وادفول محامياً متخصصاً في القانون الطبي والاجتماعي.

سياسيا، من عام 1997 إلى عام 2000، كان وادفول أمينًا عامًا لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في ولاية شليسفيغ هولشتاين في ألمانيا، ثم تولى بعد ذلك رئاسة الحزب في الولاية لمدة عامين.

يشغل وادفول منصب رئيس دائرة ريندسبورغ-إيكرنفوردي في الاتحاد المسيحي منذ عام 2006، كما أنه يمثل الدائرة الانتخابية كعضو في البرلمان الألماني منذ عام 2009.

ويعيش السياسي في مولفسي، وهي بلدية قريبة من عاصمة الولاية كيل، ومتزوج ولديه ثلاثة أطفال.

وبعد انتخابات البوندستاغ عام 2017، أصبحت وادفول نائب رئيس المجموعة البرلمانية للاتحاد المسيحي، والمختص بالسياسة الدفاعية والخارجية والأمنية.

ماذا يحمل من أفكار؟

وبصفته نائبًا لرئيس الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، يؤيد وزير الخارجية المنتظر، التعاون في السياسة الأمنية في أوروبا والدعم الكامل لأوكرانيا.

ويقدر وادفول فتح قنوات التواصل مع الإدارة الأمريكية، إذ قال في وقت سابق: ”يعود الأمر كله تقريبًا إلى الرئيس في الولايات المتحدة“، وهذا يجعل من المهم للغاية ”أن يكون لألمانيا أيضًا صوت مسموع هناك“؛ أي في دائرة الرئيس دونالد ترامب.

كما يؤكد وادفول مرارًا وتكرارًا على أهمية العلاقات عبر الأطلسي.

ورداً على سؤال حول سياسة ترامب الجمركية، قال السياسي المنتمي إلى الاتحاد المسيحي لإذاعة "فيلت" الألمانية: ”يجب أن نبقي أيدينا ممدودة، وأن نكون على استعداد للتفاوض، وأن نقدم شيئاً، ولكن بالطبع نقول أيضاً أنه يمكننا أيضاً الدفاع عن أنفسنا إذا لم تسر المفاوضات على ما يرام“.

ورغم أن وادفول يؤمن أن الحل في الصراع مع روسيا سيكون عبر التفاوض، لا يبدي تساهلا في هذا الملف، إذ سبق وقال "إننا بحاجة إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع روسيا".

قبل أن يضيف "طالما استمرت ألمانيا في التأثر بالهجمات الإلكترونية والهجينة الروسية بشكل يومي، فلن يكون من الممكن تطبيع العلاقات مع موسكو".

موقف محرج

لكنه كان محور موقف محرج، إذ وقع في فخ مكالمة مزيفة من ثنائي كوميدي روسي، في بداية العام الجاري.

وكانت صحف ألمانية ذكرت أن الممثلين الموالين للكرملين المعروفين باسم ”فوفان وليكسوس“ قد اتصلا بـ”وادفول“ وادعيا أنهما موظفان لدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

ودارت المحادثة، التي استمرت حوالي 20 دقيقة، حول الحملة الانتخابية والدعم العسكري لأوكرانيا، من بين أمور أخرى.

وخلالها، قال السياسي في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي إن الأمر قد يستغرق عدة أشهر قبل أن يتولى فريدريش ميرتس منصبه بعد نجاح الانتخابات.

وبحسب صحيفة ”دي فيلت“، قال وادفول عن المستشار أولاف شولتز خلال المقابلة، إنه يحاول ”رسم صورة لنفسه كمستشار سلام، وهذا وضع سيء للغاية“.