رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الزردة والذواقة.. أسرار وآداب مائدة الإفطار بصحراء مصر في رمضان

نشر
الأمصار

تتميز مصر بتنوعها وتختلف العادات والتقاليد من مكان إلى أخر، ولكن لمائدة الإفطار مذاقها المميز لا سيما في صحراء مصر ربما يكون الإختلاف ظاهرًا، نسبة لطبيعة المكان البدوية، حيث تشعر بالطبيعة المميزة لكل منطقة صحراوية لا تجدها في باقي أنحاء المعمرة.

رمضان عند بدو مطروح

تعد الزردة  في الصحراء أو على الشاطئ من أهم عادات أبناء الصحراء الغربية بمطروح طوال العام خاصة في شهر رمضان وهي من السمات المميزة  لمائدة الإفطار بصحراء مصر.
 
يتجمع الأهالي سويا ليقضوا يومهم في الصحراء التي تعد العشق الأول لأبناء مطروح الراغبين في قضاء يوم أو أكثر في الهواء الطلق بعيدا عن المدينة أو بالقرب من الشاطئ.

فيلجأ أبناء مطروح إلى "الزردة"، فيقوم الأصدقاء بتجهيز كل احتياجاتهم، ويغادرون مرسى مطروح، إلى عمق الصحراء أو الوديان أو على الشواطئ البعيدة، وهي من الأشياء المميزة في  مائدة الإفطار بصحراء مصر.

وتعد  "الزردة" أحد عادات بدو مطروح سواء في الصحراء أو على شاطئ البحر، خاصة في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، ولا تقتصر الزردة على الشباب فقط، بل يخرج اليها الكبار والأسر، حيث يقومون بها بعمل خيمه ليقضوا فيها يومهم ويتناولوا سويا طعام الإفطار.

ومن من أشهر المأكولات التى يتم تجهيزها الشوربة المغربي ولحم الضأن، والمكرونة الجارية أو الأرز بأنواعه الأحمر والأصفر وبعدها يتم تناول الشاى الأخضر والأحمر والذى يتم تجهيزه على الحطب.

رمضان في بدو سيناء

تعد من أبرز العادات والتقاليد الرمضانية في سيناء،  من أيقونات مائدة الإفطار بصحراء مصر كانت قبائل البدو قبل بدء شهر الصوم بأيام قليلة تجهز قوائم الإفطار الجماعية إذ اعتادت القبائل على تجمع الرجال فى مكان واحد، وقبل الإفطار يأتى كل رجل بإفطاره، ويسمى «الإفطار الجماعى فى الدواوين»، حيث يجتمع كل أبناء العشيرة من الشباب والرجال والشيوخ ويصطحب كل رجل أبناءه ليعتادوا على تلك التقاليد الموروثة خلال شهر رمضان، ويكون للضيف اهتمام خاص، وتترك له مائدة إفطار خاصة به، بينما تجتمع النساء والفتيات لتناول الإفطار فى المنازل، طوال شهر رمضان الكريم.

الإفطار الجماعى بالدواوين والمقاعد فى العريش من أروع مشاهد شهر رمضان، إذ يجتمع الرجال حول الموائد للإفطار، ولابد أن يحضر كل أبناء العائلة ولا يسمح بالتخلف أو العذر، إلا فى حالات المرض الشديد أو السفر، خاصة أول أيام الشهر الكريم، ويفطر كل فرد من العائلة فى منزله قبيل المغرب، وبعد صلاة المغرب يبدأ فى تناول إفطاره مع أولاده وأسرته ثم يتوزعون على الموائد، وتلك العادة عند البدو لحبهم فى تنوع الطعام.

ولتناول الطعام عادات وتقاليد خاصة لبدو سيناء يجب أتباعها ويلتزم بها الجميع، فالأكبر سناً يجلس أولًا على المائدة، ثم الأصغر سنًا ليكتمل العدد حول المائدة، حيث لا يقدم الصغار الطعام إلا بعد فراغ الكبار من الأكل، ولا يمد البدوى يده أمام غيره، ولا يأكل بواقى الطعام ويأكل بيده اليمنى فقط، ولا يأكل باليسرى، لأى سبب من الأسباب، ويقوم صاحب المنزل أو الديوان بتقطيع اللحم أمام الضيوف، وحثهم على الأكل فلا توضع كمية كبيرة من الطعام بالفم، ولا يقدم طعام «الكراش والرأس والأرجل» من الذبائح، كما لا يتناول البدوى الأسماك، ويكون «المنسف» أشهر طعامهم، وتملأ المائدة من اللحم والأرز والخبز، فلا ينثر البدوى يديه من بواقى الطعام العالق عقب الانتهاء من تناول الإفطار بل يلعق الطعام من على الأصابع، وينادى الضيف على أهل البيت لغسل الأيدى، ويقدم أيضًا بعد الطعام أطباق الحلويات الشرقية من «القطايف والكنافة»، وعصائر الفاكهة على المائدة البدوية.

وبعد الإفطار يتطرق الأهالى للحديث عن اليوميات لحين موعد صلاة التراويح، ومع أذان صلاة العشاء ينفضون من مجلسهم إلى المسجد لأداء الصلاة، ويجتمع البدو بعد صلاة العصر ويتناوبون قراءة القرآن واحدًا تلو الآخر، وعند صلاة التراويح يقوم الأهالى بالذهاب إلى المسجد، وبعد الانتهاء من الصلاة تبدأ حفلات السمر مرددين الأشعار والأغانى البدوية ويقوم الرجال بالأداء الحركى المصاحب للغناء.

رمضان في حلايب وشلاتين

وتعد من أهم عادات وتقاليد أهالى حلايب وشلاتين فى شهر رمضان، وشكل موقعًا مميزًا من مائدة الإفطار بصحراء مصرومن أهمها تهنئة أهالى المنطقة لبعضهم البعض بمناسبة شهر رمضان، حيث يتعامل سكان المثلث وتحديدًا قبيلة البشارية، فيما بينهم بلغة البجا أو البداويت كما يطلقون عليها.

وتعد تهنئة أهالى المنطقة لبعضهم البعض بشهر رمضان تكون بلغة البجا، حيث تنطق حملة " أو ترق هوى شبوبنا"، وهى تعنى بالعربية مبارك عليكم الشهر، وتبدأ الحملة فى جميع الشوارع قبل حلول الشهر، وتتردد بشكل دائم فى شوارع المثلث.

ويحرص الأهالي وخاصة الرجال على تجهيز المشروب المقدس لأهالى حلايب وشلاتين وهو " الجبنة"، بدق البن والحبهان لتجهيزة للأفطار.

وتعد أيضًا أهم عادات أهالى حلايب وشلاتين وخاصة فى رمضان،  تطبيق مبدأ " اللمة بتأكل"، حيث يأكل الجميع من أطباق كبيرة حيث أن صنف الطعام يقدم فى طبق كبير ليأكل الجميع من طبق واحد كعلامة في  مائدة الإفطار بصحراء مصر.

كما يجهز أهالى حلايب وشلاتين وأجميع قبائل البجا بالمنطقة" الأوتم "، وهى وجبة سحور دائمة فى شهر رمضان، وعبارة  عن دقيق مغموس فى الماء يوضع على النار مع تقليبه باستمرار، وبعد تسويته يضاف إليه لبن الإبل.

وتعد تلك "الأوتم"، هى الوجبة الأساسية للسحور، وتساعد فى الصيام على عدم الشعور بالعطش والجوع معاً