رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

علي أركان يكتب: الديانة الشنتوية في الإمبراطورية اليابانية

نشر
الأمصار

الشنتو أو الشنتوية ديانة ظهرت في اليابان منذ قرون طويلة، وما زالت إلى الآن ديانة اليابانيين، ولم تنتشر في بلد آخر. ولا يُعرف شخص مؤسس لهذه الديانة، فقد مرت بأطوار عديدة إلى أن وصلت من ضمن ما وصلت إليه تقديس إمبراطور اليابان باعتباره سليل الهة الشمس ( كامي ساما ) اماتيراسو اومي
تم اشتقاق اللفظ "شنتو" (ويكتب باليابانية: 神道) من اللفظة الصينية للكتابة السابقة، وبما أنه يتم قراءة أغلب الحروف الصينية بطريقتين (الطريقة الصينية الأصلية والطريقة اليابانية المحلية) فإن الكتابة السابقة يمكن أن تقرأ أيضا 
يصعب وصف الديانة الشنتوية لأنه وعكس كل الديانات الأخرى، لا يعرف لها مؤسس ولا معتقد تقوم عليه، لا يمكن أن نعرفها إلا عن طريق مجموعة من العادات والممارسات. عبر التاريخ نشأت وتطورت عدة فرق وطوائف تدعي كلها الانتماء إلى عقيدة الشنتو الأولية-على الطريقة اليابانية "كامي نو ميشي" -ومعناها طريق الآلهة

*الكتابات المقدسة للشنتوية*
لاتوجد كتابات مقدسة. تقوم أعراف هذه الديانة على مجموعة من الأساطير، الحوليات والأشعار: الـ"كوجيكي" أو "وقائع الأحداث القديمة 712 م والـ"نيهون شوكي"  أو "مدونات بلاد اليابان" 720 م والتي تروي القصة الأسطورية لنشأة بلاد اليابان كما تقوم بسرد نسب العائلة الإمبراطورية

*المعتقدات الشنتوية*
‏على عكس الديانات الأخرى، لا يوجد في الشنتوية تعريف للمطلق، لا يمكن لأحد أن يدعي الصواب المطلق ولا الخطأ المطلق، الناس في طبيعتهم غير معصومين من الخطأ
تعتبر الشنتوية من هذه الناحية ديانة متفائلة، حيث تفترض أن الإنسان كائن طيب في الأساس، وأن الشر يقع نتيجة تدخل الأرواح الشريرة
وتنحصر أغلب العبادات الشنتوية في إبعاد هذه الأرواح الشريرة عن طريق تنقية النفس، الصلوات وتقديم القرابين للـ كامي ( الالهة )
‏ليس لعقيدة التوحيد مكان في الشنتو فبسبب تعدد المظاهر التي يمكن أن تتجلى فيها القوى الإلهية، ربط اليابانيون بين كل ظاهرة وآلهة معينة، وأعداد الكامي لا يمكن حصرها، ويمكن لأي شخص أن يعين آلهته الخاصة
‏لا يوجد في الشنتوية حياة بعد الموت، يعتبر جسد الشخص الميت شيئا مدنسا، تنطلق روح الميت، بعد أن تتحرر من جسدها المادي فتندمج مع قوى الطبيعة او الولادة من جديد فـ الشنتو تؤمن بتناسخ الارواح وذلك نتيجة تأثرها بالبوذية

*مفهوم الكامي في الشنتوية*
تؤمن عقيدة الشنتو بالكامي اي الالهة وهي كل الأشياء والموجودات التي لا تنتمي إلى مجال التأثير المباشر للإنسان، كل ما هو غريب عجيب غامض ومريع لا توجد للكامي أشكال محددة كما أنها يمكن أن تتمثل في كل قوى الطبيعة
لم يتم تعريف أغلب الـ كامي ولا حتى تحديدها بشكل دقيق يقوم كل تجمع بشري (عائلة او عشيرة أو قرية) بتحديد الـ"كامي" التي يرهبونها والتي يمكن أن ينتظروا منها أفضالا من خلال حياتهم اليومية
على أن أشهر الـ كامي هي تلك المتعلقة بالعائلة الإمبراطورية، ومنها مثلا: آلهة الشمس "أماتيراسو أومي كامي تحكي الأساطير قصتهم وتشهد بالأصول الإلهية لأباطرة اليابان تم إنشاء أولى المزارات كـ إيزي و ايزومو لتقديس هذه الـ كامي
لا توجد في اليابان طقوس لعبادة وتقديس الأسلاف، رغم أن بعضهم (الأسلاف) ممن توفى في ظروف خاصة، قد يتم تعريفه على أنه كامي، على أن الأسلاف ليسو كلهم كامي. الأباطرة القدماء مثلا، لم يكونوا محل تعظيم خاص: وجب انتظار فترة ميجي حتى يقام مزار خاص لأول الأباطرة الإنسيين جينمو-تينو

*طقوس العبادة الشنتوية*
تتضمن العبادة في الشنتو أربعة عناصر هي:

التطهّر والاغتسال: ويقوم بها الكاهن عندما يلوح بفرع من شجرة السيكاكي أو ورقة منها إلى رأس المتطهر
القرابين: وتكون في الأغلب من الحبوب أو الشراب ويتم اليوم تقديمها في شكل مبلغ من المال وفي أسوء الحالات  تقديم قرابين رمزية كأغصان شجرة السيكاكي

الصلاة:ويقوم فيها الزائر بتقديم أمانيه ومطالبة

الوليمة الرمزية:وهي إشارة إلى تناول الطعام مع كامي، وتتبع هذه الطقوس عملية تناول الساكي
*تقديس الشمس والامبراطور*
يُعَظِم الشنتو الشمس وتحتل كامي الشمس أماتيراسو المكانة الأرفع من بين الآلهة الأخرى التي يعظمها الشنتو كامي القمر وكامي الزراعة
وتعظم الشنتو إمبراطور اليابان وهذا التعظيم نابع من تعظيمهم الشمس إذ يعتقد الشنتو أن الامبراطور والسلالة الحاكمة في اليابان هم من نسل كامي الشمس
تقدس أرض اليابان في الشنتو واعتبارها أرضاً إلهية ولذلك بقيت هذه الديانة في اليابان ولم تنتشر خارجها ثم الاعتزاز بالانتماء إليها والموت في سبيلها ولعلّ هذا هو ما جعل الطيارين اليابانيين أول من قام بالعمليات الانتحارية في الحرب العالمية الثانية ثم أخذها الآخرون عنهم

*الخاتمة*
الشنتو عقيدة بسيطة ولا تطالب أتباعها بطقوس خاصة ومعقدة ويمكنها أن تتعايش مع المعتقدات الأخرى ويتمسك اليابانيون بهذه الطقوس ويعتبرنها جزءا من كيانهم القومي