رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

لماذا تتجه الدول العالمية والبنوك المركزية لزيادة احتياطاتها من الذهب؟

نشر
الأمصار

يعد الذهب على مر العصور هو الملاذ الآمن للحفاظ على قيم الثروات من التآكل وخاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية.

وقد دفعت العوامل الجيوسياسية ومخاوف حدوث أزمة اقتصادية جديدة في العالم والسياسة النقدية الأمريكية والأوروبية أسعار الذهب إلى مستويات قياسية خلال العام، ما حمل الدول على الادخار بالذهب.

أكبر الدول العربية والعالمية باحتياطيات الأصفر الرنان

تصدرت الولايات المتحدة دول العالم باحتياطيات الذهب فيما احتلت روسيا المركز الخامس، وجاءت السعودية في المرتبة الأولى في العالم العربي، حسب بيانات مجلس الذهب العالمي.

وبلغت احتياطيات الولايات المتحدة من الذهب حسب تقرير المجلس 8133.5 طن، وجاءت ألمانيا بعدها في المرتبة الثانية بـ3352.6 طن، ثم إيطاليا بـ2451.8 طن.

وفي العالم العربي، تصدرت السعودية الدول العربية من حيث احتياطيات الأصفر الرنان التي بلغت 323.1 طن، وشكل الذهب 4.7% فقط من إجمالي احتياطيات المملكة الأجنبية.

وفي المرتبة الثانية جاء لبنان باحتياطيات تقدر بنحو 286 طنا، وشكل الذهب 56.8% من إجمالي احتياطيات لبنان الأجنبية.

لماذا تعزز البنوك المركزية احتياطاتها من الذهب؟

تعمل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم على زيادة الذهب الذي تحتفظ به من احتياطيات النقد الأجنبي ، وبذلك يصل الإجمالي إلى أعلى مستوى له في 33 عامًا.

وعززت البنوك المركزية احتياطياتها من الذهب بأكثر من 5000 طن خلال العقد الماضي ، وفقًا لمجلس الذهب العالمي ، وهو منظمة الأبحاث الدولية لصناعة الذهب واعتبارًا من سبتمبر 2021، بلغ إجمالي الاحتياطيات حوالي 40 ألف طن ، وهو الأكبر منذ عام 1990 ويزيد بنسبة 15 ٪ عن العقد السابق.

تعزز العديد من العوامل المتزامنة المستويات القياسية للذهب، لا سيما في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية حول العالم، وفي ضوء حالة "عدم اليقين" التي تلف الاقتصاد العالمي، وبما يدعم الاتجاه نحو المعدن النفيس كملاذ آمن تقليدي في مواجهة تقلبات الأسواق والسيناريوهات الوخيمة التي تفرض نفسها على المشهد.

من بين تلك العوامل الأكثر أهمية، والتي تقود بشكل كبير مستويات وأسعار المعدن الأصفر الذي عرف أخيراً مستويات قياسية غير مسبوقة بعدما اجتاز مستوى الـ 2400 دولار للأونصة أخيراً، ما يتعلق بمشتريات البنوك المركزية التي دأبت خلال العامين الماضيين على تعزيز حيازتها من الملاذ الآمن لعوامل مختلفة، وبشكل خاص الاقتصادات الناشئة والبلدان التي تواجه عملتها تحديات واسعة، وفي خطٍ متوازٍ أيضاً مع مساعي الانفكاك من هيمنة الدولار الأميركي كعملة احتياطي بالنسبة لعدد من الدول التي تتطلع إلى رسم خيوط وملامح نظام دولي جديد قائم على التعددية القطبية.

ويظل المعدن النفيس المستفيد الأكبر في هذا السياق، مع زيادة الطلب عليه، سواء من قبل البنوك المركزية والمؤسسات والأفراد، كمخزن قيمة ووسيلة تحوط وملاذ آمن تقليدي في فترات الاضطرابات الاقتصادي وحالة اللايقين التي تفرض نفسها.

وتعد الصين أبرز مشترٍ للذهب على مدار 17 شهراً على التوالي، بينما تتبنى رؤى وأسباب مختلفة تعزز اندفاع بنك الشعب الصيني نحو المعدن النفيس.

حيث أن الصين وروسيا بشكل خاص تسعيان إلى التخلص من هيمنة الدولار واليورو، والاعتماد على عملتيهما المحلية في التبادل التجاري، لا سيما بعد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على موسكو.

والذهب هو الملاذ الآمن لهما ولعديد من الدول وقت الأزمات، كما أنه يعد الآداة السلعية الوحيدة في العالم المتفق عليها في هذا السياق، وبعض الدول تلجأ لمشتريات الذهب لتجنب فرض أي عقوبات مستقبلية عليها من قبل الولايات المتحدة.. الصين على سبيل المثال لجأت لزيادة الاحتياطي من الذهب بشكل واسع، مع مشتريات الذهب لمدة 17 شهراً متتاليين عززت فيهم احتياطياتها.

وتوجد دول مثل "مصر وتركيا" فتلجأ لمشتريات الذهب لحماية العملة وتنويع استثماراتهم وتحويل الذهب لأية عملة في حال حدوث أزمات.. ولا يعني هذا التخلي عند الدولار.

وأكد أن هذه العوامل إلى جانب التوترات (الجيوسياسية) التي تمر بها كثير من الدول، أدت إلى ارتفاع سعر الذهب عالمياً حتى وصل إلى مستويات قياسية، إذ سجلت أونصة الذهب 2440 دولاراً، وهو مستوى غير مسبوق لم يتم الوصول إليه من قبل.

وتوجهت، في الآونة الأخيرة ، البنوك المركزية للاقتصادات الناشئة ، التي تميل إلى التعرض لانخفاض قيمة عملاتها ، وبلدان أوروبا الشرقية ذات النطاق الاقتصادي المحدود ، من المشترين البارزين وفي مواجهة الانخفاض المستمر في قيمة عملتها ، رفعت كازاخستان بشكل حاد نسبة الذهب إلى احتياطيات النقد الأجنبي.

وبدأت البنوك المركزية والمؤسسات العامة في زيادة حيازة الذهب في حوالي عام 2009 وحتى ذلك الحين ، كانوا يبيعون الذهب في كثير من الأحيان لزيادة حيازة الأصول المقومة بالدولار مثل سندات الخزانة الأمريكية ومع تمتع الولايات المتحدة باقتصاد مزدهر في التسعينيات باعتبارها القوة العظمى الوحيدة بعد نهاية الحرب الباردة ، كانت الأرباح الناتجة عن الأصول المقومة بالدولار جذابة للبلدان الأخرى.

وتسببت الأزمة المالية العالمية لعام 2008 في تدفق الأموال حتى من السندات الحكومية الأمريكية ، مما أدى إلى انخفاض قيمة الأصول المقومة بالدولار وقال محللوا السوق إن الثقة في الأصول الدولارية "تعثرت".

وفي عامين اتسموا بضبابية آفاق الاقتصاد العالمي ولا سيما في ظل التوترات الجيوسياسية، أثبت المعدن الأصفر مكانته مجدداً كمخزن للقيمة…..