هادي جلو مرعي يكتب: أرض مباركة يحكمها الشيطان
لم ينجح أحد في قيادة الدولة العراقية، نظام ملكي مغدور شكلته ظروف موضوعية طبعت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية استمر في قصور فارهة يقابله شعب من الحفاة والعبيد للإقطاعيين وللمستعمر البريطاني، مع بعض الفورات التي نسميها ثورات، ومنذ 1920 حتى العام 1958 عاش المواطنون وهم ينتظرون التغيير والتحول دون أن يصلوا الى مبتغاهم باستثناء بعض الحكايات عن تواضع نوري سعيد، ونزاهة فيصل الثاني، ووطنية غازي، ونزق عبد الإله حيث يحفظ العراقيون حكايات هذا الأسرة الهاشمية التي قتل صبيانها ونسوانها، وسحل رجالها، وآحرقوا ببشاعة في بلد يعشق القتل والإجرام والتعصب والوحشية المفرطة.
انتهت حقبة الجوع والحرمان والأكاذيب برحيل العائلة المغدورة بانقلاب أحمق قاده ضباط من الموتورين والمرضى النفسيين، وعدد من القتلة الذين شاركهم الشعب عمليات السحل والتقطيع والتعليق وحرق الجثث في تموز الأسود 1958 وتحول العراق الى ساحة عراك وتصفيات بين الضباط الذين يحاول كل واحد منهم تأكيد قدرته على التفرد بالسلطة، واهملوا الشعب، وأذلوه غاية الإذلال، وحولوه الى مجموعات تائهة.
حين انتهت حقبة الانقلابات استمر العراق حتى العام 2003 تحت سلطة دكتاتورية أدخلته في متاهة لا مخرج منها بين حروب عبثية، وحصارات جائرة غبية، وعلاقات غير متوازنة لا فائدة منها تسببت بفقدان ملايين الأبرياء قتلى في ساحات الحرب، وضحايا الجوع والمرض في سنوات التسعينيات، باستثناء بعض الفئات المنتفعة التي ترى في معارضة النظام كفرا، وخروجا عن الملة، وخيانة لا مغفرة تنجي من عقوبتها، ولابد معها من دفع الثمن باهظا.
ما حصل بعد 2003 فاق قدرتنا على توصيفه وكأنه نموذج للعراق الملكي والجمهوري والبعثي والطائفي وعراق الولاءات والضياع، وفقدان البوصلة، ودخلنا في متاهة اخرى برغم دفاع البعض عن النظام السياسي بوصفه مقدسا هو أيضا أسوة بالأنظمة التي سبقت، وحازت على المزيد من العبيد والعشاق والوالهين والحالمين، وهو الحال الذي يدفعنا الى سؤال صعب، هل إن حكامنا سيئون، أم إننا لا نجيد صناعة القادة الذين يخرجون عادة من رحم مشوه؟