الطريق للرئاسة الإيرانية.. مشاهد انتخابية وبروز المرشح الأقرب
نشر
أدلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، اليوم الجمعة، بصوته، ليعلن بذلك بداية الانتخابات الرئاسية الإيرانية، الثالثة عشرة.
وخلال هذا الإدلاء، دعا خامنئي الإيرانيين للتصويت، في الانتخابات التي يخيم عليها شبح المقاطعة الشعبية، كما حدث في انتخابات البرلمان في مطلع العام السابق 2020.
توجه خامنئي في الساعة السابعة صباحًا بالتوقيت المحلي ليقول للإيرانيين نصًا، إن كل صوت له وزنه فتعالوا وشاركوا، واختاروا رئيسكم، مؤكدًا على أن ذلك هو أمر مهم لمستقبل بلاده.
يأتي هذا في الوقت الذي شهدت هذه الانتخابات استبعادات للنساء وللمرشحين المعتدلين والإصلاحيين، وغلبة الصوت المحافظ المتشدد عليها، دون أسباب معلنة، ما دفع بأسماء أربعة للتنافس على المقعد الرئاسي، هم إبراهيم رئيسي ومحسن رضائي وأمير حسين قاضي زاده هاشمي وعبد الناصر همتي، بعد انسحاب المرشحين محسن مهر علي زاده وعلي رضا زاكاني وسعيد جليلي، في مؤشر اعتبره مراقبون دليلا إضافيا على أن إبراهيم رئيسي هو من سيظفر بالمنصب الرئاسي.
وفي هذا التقرير نستعرض أبرز الانتقادات الموجهة لهذه الانتخابات، ونسب المشاركة المتوقعة، وفقًا لآخر الاستطلاعات الإيرانية، وأيضًا تأثير فوز رئيسي على المشهد الإيراني والعالمي.
نسب المشاركة
من المقرر أن تظل مراكز الاقتراع مفتوحة حتى منتصف الليل بتوقيت إيران، إلا أن السلطات الإيرانية أشارت إلى احتمال تمديد المهلة لساعتين إضافيتين.
وبحسب استطلاعات للرأي رسمية وشبه رسمية إيرانية، نشرتها وسائل إعلام مختلفة، فإن نسب المشاركة في الانتخابات الحالية، ستتراوح بين 30-40%، وسط توقعات بمقاطعة واسعة لهذه الانتخابات التي تشهد غياب المعارضين.
وتشير استطلاعات الرأي الرسمية، بما فيها استطلاع أجراه التلفزيون الحكومي في مايو، إلى أن نسبة المشاركة في التصويت قد تتدنى حتى 30 بالمئة، وهي نسبة تقل كثيرا عن نظيرتها في الانتخابات السابقة، خاصة بعد امتناع تجاوز الـ 57% في انتخابات البرلمان مطلع 2020.
من روحاني إلى خامنئي والعكس
وفي مايو الماضي، وجه الرئيس الإيراني الحالي، حسن روحاني، الذي لا يحق له دستوريًا الترشح لهذه الانتخابات، رسالة إلى مرشد النظام علي خامنئي، دعا فيها إلى منافسة أكبر بعد استبعاد شخصيات بارزة من لائحة المرشحين.
وقال روحاني، إن جوهر الانتخابات هو المنافسة، وإذا حذف ذلك، تصبح جثة هامدة، مشيرًا إلى أنه طلب من المرشد الأعلى المساعدة في هذا الشأن، ومؤكدًا على أن المرشد بإمكانه أن يتصرف بما يراه مناسبًا لمصلحة البلد، والعمل الذي يقوم به مجلس صيانة الدستور، المعني باختيار المرشحين.
عقب هذه الدعوة بيوم واحد، أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني، أن المرشد الأعلى، أيد قرار مجلس صيانة الدستور الذي وافق على 7 مرشحين بينهم رئيس السلطة القضائية، إبراهيم رئيسي، من أصل 592 مرشحًا، وهو ما أثار انتقادات بعد استبعاد شخصيات كالرئيس السابق لمجلس الشورى المحافظ المعتدل علي لاريجاني، والرئيس السابق المتشدد محمود أحمدي نجاد، ونائب روحاني الاصلاحي إسحاق جهانغيري.
أعداء الإسلام.. أعداء إيران
في الرابع من يونيو الجاري، قال المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، إن عدم التصويت في الانتخابات الرئاسية، يعني تحقيق إرادة أعداء الإسلام وأعداء إيران، الذين هم أعداء للديمقراطية الدينية، جاء ذلك بعد أسبوع من بدء الحملة الانتخابية، واصفًا المقاطعة بالتنازل عن واجب المشاركة، تحت ذرائع سخيفة، على حد قوله.
المناظرة الأولى والاتهامات العلنية
فيما شهدت المناظرة التليفزيونية الأولى التي جرت في السادس من يونيو الجاري، اتهامات علنية بين المرشحين المحافظين والإصلاحيين، حول ما آلت إليه الأمور في إيران، ووجه المرشحون من المحافظين المتشددين، وأبرزهم رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي وأمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، و وحاكم المصرف المركزي المرشح عبد الناصر همتي انتقادات لحكومة روحاني، على خلفية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية
ووصف رضائي حكومة روحاني بالإدارة الكارثية، فيما نفى همتي عن نفسه أن ينتهج السياسات الاقتصادية نفسها لحكومة روحاني، منتقدًا وعود المحافظين للطبقات الفقيرة، وعودًا غير قابلة للتحقيق.
فيما لم يوجه رئيسي انتقادات مباشرة للمرشحين الآخرين، أشار إلى أن سوء إدارة البعض، هو ما يشكل أبرز اهتمامات الشعب، إضافة إلى التضخم، وكون أحد أبرز المشكلات هو ارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل ملحوظ بسببه.
انتخابات بلا نساء
ورفضت السلطات الإيرانية أوراق 40 امرأة تقدمت للمشاركة في الانتخابات الرئاسية الحالية، رغم استيفاء الكثيرات منهن الشروط المطلوبة، الأمر الذي قابلته منظمات حقوقية ونسائية إيرانية وعالمية بالاعتراض، وتوقع عزوف النساء عن الانتخابات هذه المرة بمستويات قياسية.
هذا في الوقت الذي شهدت فيه إيران خلال شهر مايو وحده، 172 تظاهرة بينها 42 تظاهرة للمطالبة بالعمل والعدالة في التوظيف دون تمييز على أساس النوع.
إلا أن المناظرات السياسية التي جرت بين مرشحي الرئاسة تطرقت إلى قضايا الأسرة والنساء والشباب، فيما وعد المرشحون بالعمل على تحسين أوضاع النساء داخل البلاد في حال فوزهم في الانتخابات، وهو أمر شككت به التنظيمات والشخصيات النسائية الإيرانية.
العرب والبلوش والأذريون والأكراد
وخلت الدعاية الانتخابية للمرشحيين الرئاسيين، من ذكر الهويات القومية المهمشة في إيران كالعرب والبلوش والأذريون والأكراد وغيرهم والبالغ عددهم 40 مليون نسمة، فيما أشار المرشحون بشكل عام إلى “الشعوب غير الفارسية”، مؤكدين على الأخوة ووحدة المصير.
واكتفى المرشح، محسن رضائي، بترديد شعار”تحيا أذربيجان” (إحدى محافظات شمال غرب إيران)، حين تطرقت المناظرة السياسية بين المرشحين إلى الأذريين، الذين يبلغ عددهم 20 مليون نسمة، فيما وصفهم إبراهيم رئيسي، بالناطقين بالأذرية في المحافظات التي يقيم فيها الأتراك.
تاريخ المرشح الأوفر حظًا
كما أشرنا فإن المرشح الأوفر حظًا للانتخابات الإيرانية هو رئيس القضاء المقرب من المرشد الأعلى الإيراني، إبراهيم رئيسي، وهي المرة الثانية في تاريخ الجمهورية الإسلامية الذي يطمح فيه رئيس للسلطة القضائية في مقعد الرئاسة الإيراني، بعد علي أكبر نوري.
وسيد إبراهيم رئيس الساداتي، المولود في ديسمبر عام 1960، في مدينة مشهد، درس العلوم الدينية، على نهج والده رجل الدين الذي توفي وهو في الخامسة عشرة من عمره، وهو متزوج من ابنة رجل الدين المتشدد أحمد علم الهدى، الأستاذة في جامعة العلوم التربوية بجامعة بهشتي في طهران، ولديهما ابنتان وحفيدان.
وعين المرشح المحتمل المعروف، بإبراهيم رئيسي، مدعياً عاماً لمدينة كرج عام 1980، عندما كان يبلغ من العمر 20 عاماً فقط، وتدرج في المناصب حتى أصبح نائب المدعي العام في العاصمة طهران، وظل في هذا المنصب حتى عام 1990، إلى أن أصبح المدعي العام في طهران بأمر من رئيس السلطة القضائية آنذاك محمد يزدي.
وأصبح رئيسي عضوا فيما يعرف باسم “لجنة الموت” عام 1988،وهي اللجنة التي قررت مصير عدة آلاف من السجناء السياسين بالإعدام، معظمهم من مجاهدي خلق ، والتنظيمات اليسارية، وكان بعضهم على وشك انتهاء فترة عقوبته، وفي العام نفسه أحيلت عدة ملفات قضائية مهمة إليه وإلى حاكم الشرع حسين علي نيّري.
وظل إبراهيم رئيسي في منصب المدعي العام لطهران حتى عام 1994، ثم رئيسا للمفتشية العامة لمدة عشر سنوات، ومع تعيين صادق لاريجاني رئيسا للسلطة القضائية، أصبح رئيسي، النائب الأول له لمدة عشر سنوات من 2004 إلى 2014.
وفي عام 2014، أصبح رئيسي مدعي عام إيران، وفي عام 2018 عينه خامنئي بدلا من لاريجاني في رئاسة السلطة القضائية، ولا يزال في هذا المنصب ولم يستقل من منصبه رغم ترشحه للانتخابات الرئاسية.
عقوبات أمريكية
وفرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على رئيسي، بسبب ملف إعدامات 1988 الجماعية، إضافة لتورطه في قتل المتظاهرين في احتجاجات نوفمبر 2019.
مرشح سابق
ومثل رئيسي المحافظين المتشددين في الانتخابات الرئاسية 2017، إلا أنه خسر أمام الرئيس الحالي حسن روحاني، وفي الانتخابات الحالية، قطع رئيسي وعودًا للإيرانيين بينها إجراء تغيير جوهري في الإدارة التنفيذية، ومكافحة التهريب، وزيادة الصادرات غير النفطية، وإنشاء 4 ملايين وحدة سكنية، وخلق مليون فرصة عمل في العام، والمساعدة لتحقيق 700 ألف زواج في السنة.
العلاقات الخارجية
في ظل توقعات الخبراء، أنه في حالة فوز رئيسي، سيعود بإيران إلى حالة العزلة والظلام، قال المرشح الأقرب للفوز، أثناء الانتخابات السابقة، إنه سيعطي العلاقات الإيرانية العربية المزيد من الاهتمام بسبب عدد من العوامل أبرزها الجغرافيّة، داعيا الدول الغربية إلى “عدم السعي وراء شيطنة العلاقات الإيرانية العربية”.
واعتبر رئيسي، تعزيز العلاقات الإيرانية مع الدول العربية والإسلامية من شأنه إبعاد التهديدات المختلفة عن هذه الدول، مضيفًا أن تطور البلاد الإسلامية هو تطور لإيران وضعفها وتراجعها هو ضعف وتراجع لإيران الإسلامية التي تعتبر أيضا أن أمنها من أمن هذه الدول.
فيما أشار إلى الحرب في اليمن، قائلًا إن السعودية بعد عامين من الحرب لم تحصل سوى على القتل والدمار، داعيًا المملكة إلى ترك الشعب اليمني لتقرير مصيره بنفسه، ومؤكدا أن إيران، تحت إدارته لا تنوي مطلقا التدخل في الشأن اليمني.
مشددًا على أن المملكة يجب ألا تفرض حلولًا على الشعوب في اليمن أو في سوريا أو العراق، معربًا عن ترحيبه بأي مفاوضات تشترك فيها السعودية ودول المنطقة من أجل إيجاد حلول سياسية على أساس تخفيف التوتر وحفظ استقلال ووحدة الدول.
وأكد، أن إيران أثبتت حسن نيتها بالالتزام الكامل بتعهداتها، لافتًا أنه على الغرب أن يعلم أن الاتفاق النووي هو وثيقة دولية أقرت في المحافل الدولية، ويجب احترامه والالتزام به، وليس من المقبول أن يلتزم طرف به فيما الطرف الآخر لا يفعل ذلك، معربا عن أمله في تعزيز العلاقات مع مختلف الدول الأوروبية بما يحقق المصالح المشتركة.
بينما أصر على أن “إسرائيل” هي كيان صهيوني غاصب، مشيرًا إلى تصريحات المرشد الأعلى علي خامنئي أن حل القضية الفلسطينية يمكن أن يكون عبر الوسائل الديمقراطية في أن تقرر كل أطياف الشعب الفلسطيني المسلمين والمسيحيين واليهود مصيرها عبر استفتاء لآراء هذا الشعب.
رئيسي: إيران والعراق لايمكنهما الفراق
في فبراير الماضي، أكد رئيسي أن المرجعية الدينية كانت وما تزال سباقة لمواجهة الاستعمار والارهاب من الشيرازي إلى الخميني إلى السيستاني، مثنيًا على علاقة الشعبين الإيراني والعراقي، مشيرًا إلى أن البلدين لا يمكنهما فراق بعضهما.
وقال رئيسي، خلال مهرجان “إخوة الدم” الذي أقيم برعاية قوات الحشد الشعبي، إن الشعب الإيراني ينظر للعراقيين كشعب مضياف وكريم، وسفرة الأربعين علامة فارقة ودليل على كرم العراقيين.
وتابع أن العراق القوي، هو هدف الأخوة بالجمهورية الاسلامية، معلنا أنه سينوب عن العراقيين في زيارة الإمام الرضا، وواصفًا مقتل سليماني وأبو مهدي المهندس بالاستشهاد، ومتعهدًا بالرد على هذا الاستهداف.
كما أشار إلى دعم أميركا “داعش” بالمال والسلاح، موضحًا أن أمريكا استهدفت ركز المقاومة وانتهكت السيادة العراقية والقوانين الدولية، بقتل سليماني والمهندس..