تيارات حقوقية تطالب بمساندة ضحايا الاعتداءات الجنسية بالمغرب
أجتمعت تيارات حقوقية وجامعية وقضائية بالمملكة المغربية لمناقشة أهمية تطوير الترسانة القانونية والإدارية المخصصة لضحايا الاعتداءات الجنسية، وتحسيس الرأي العام بالعوائق الثقافية التي تمنع ضحية الاعتداء الجنسي من متابعة المتهم، وتعزيز ميكانزمات التبليغ عن الاعتداءات الجنسية في مرافق الدولة.
قالت عائشة الكلاع، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الضحايا، “ إن الجمعية أخذت على عاتقها مهمة الدفاع عن النساء ضحايا العنف بالمغرب، خاصة أن واقع الاعتداءات الجنسية في تنامٍ متواصل حسب الإحصائيات الرسمية”.
وأضافت الكلاع، في ندوة صحافية نظمتها الجمعية تحت عنوان “حقوق الضحايا في مواجهة الفئوية السياسية”، الثلاثاء في الدار البيضاء، أن “الاعتداءات الجنسية ما زالت عبارة عن “طابو” مسكوت عنه في المجتمع المغربي بسبب العوائق الاجتماعية المختلفة”.
وتابعت المحامية بأن “ضحايا الاعتداءات الجنسية يعانون في صمت ببلدنا، وهو ما تستغله جهات نافذة من أجل إسكات أصوات الضحايا”، مشيرة إلى أن ذلك “يساهم في ترسيخ المعاناة النفسية والاجتماعية للضحايا، ما يستدعي ضرورة إخراجه من دائرة المسكوت عنه”.
ولفتت المتحدثة إلى “أهمية مواجهة كل الأجندات السياسية التي تستغل هذه الأحداث بغية ضرب استقلالية البلد، بينما يتم توفير كل الضمانات القانونية التي تسمح بمحاكمة قانونية عادلة”، معتبرة أن “الفئوية السياسية لا تخدم النهوض بحقوق الإنسان في المجتمع”.
من جانبه، أورد ستانيسلاس إسكينازي، محام بلجيكي، أن “الاعتداءات الجنسية تشكل موضوعا حساسا بكل بلدان العالم، بما في ذلك المملكة المغربية؛ بل إنها أدت إلى زعزعة الأنظمة القضائية العالمية، وسلطت عليها وسائل الإعلام الضوء أكثر من مرة”.
واستطرد المحامي إسكينازي بأن “حساسية الموضوع تكمن في حميمية المنزل الذي يجمع الجنسين؛ ما يجعله طابو تصعب إثارته خارج البيت”، شارحا بأن “مواقع التواصل الاجتماعي صارت تقارب جوانبه متعددة الأبعاد بعيدا عن البروتوكولات الرسمية”.
فيما ذكر عابد بنجادور، محام فرنسي، أن “إشكالية الاعتداءات الجنسية في صفوف النساء تثير جدلا كبيرا في جميع بلدان العالم بسبب الصعوبات التي تحيط بهذه الظاهرة الاجتماعية، خاصة حينما يتعلق الأمر بشخص مشهور، لأن ذلك قد يؤدي إلى ضياع حقوق الضحية”.
وواصل المحامي الفرنسي قائلا: “الشهرة الاجتماعية تحول دون حصول الضحية على حقوقها القانونية في بعض الأحايين”، منبها إلى أن “العائق المؤسساتي يتسبب كذلك في ضياع حقوق الضحية من خلال معالجة الشكايات بطرق لا تناسب نفسية المرأة المعنفة”.
وذهب كزافيي نكومو، باحث فرنسي في علم النفس، في اتجاه المداخلات سالفة الذكر بتأكيده على أن “المحيط الأسري يكون معنيا بضحية الاعتداء الجنسي بالدرجة الأساس، ثم يأتي المحيط العائلي بالدرجة الثانية، والمحيط الاجتماعي بالدرجة الثالثة”.
وأردف الباحث الفرنسي، عبر المداخلة التي ألقاها عن بعد، بأن “الاعتداءات الجنسية تهم كل الميادين دون استثناء، بدءًا بالأسرة، مرورًا بالعائلة، ووصولا إلى المقاولة، وانتهاءً بالمجتمع بصفة عامة”، ثم زاد بأن “25 في المائة من النساء ضحايا الاعتداءات الجنسية يعانين من اضطرابات نفسية كبيرة”.
“تظهر على المرأة ضحية الاعتداء الجنسي العديد من الأعراض النفسية والجسدية”، بتعبير كزافيي نكومو، الذي شرح بأن “الأعراض النفسية تتوزع بين قلة النوم والقلق والخوف وفقدان الثقة بالنفس، بينما تتجسد الأعراض الجسدية في الهزالة الجسمانية وفقدان شهية الأكل”.
نزهة الصقلي، وزيرة سابقة وفاعلة حقوقية بارزة، أفادت من جهتها بأن “التقرير الأخير لهيئة الأمم المتحدة للمرأة نبه إلى تزايد العنف الجسدي والنفسي ضد المرأة طيلة الجائحة، حيث صرحت ثلاث نساء بتعرضهن للعنف، أو أنه مس أحد أقاربهن في العائلة”.