وسط تشتت صفوف المعارضة.. المرزوقي يدعو للتوحد ضد الرئيس التونسي
رغم تصاعد المعارضة الداخلية في تونس ضد إجراءات الرئيس قيس سعيد إلا أن تشتتها وانقسامها لا يمنحها القوة الكافية لدفعه للتراجع عن تعليق عمل البرلمان والعودة إلى “مسار الانتقال الديمقراطي”.
واستأثر سعيد بالسلطات بشكل شبه كامل بعدما تعليق عمل البرلمان وأقال الحكومة قبل نحو 5 أشهر وبدأ العمل بمراسيم رئاسية، في خطوة وصفها خصومه بأنها انقلاب على الديمقراطية الناشئة في البلاد.
حيث دفعت تلك الأحداث بالديمقراطية التونسية الناشئة إلى أكبر أزمة منذ ثورة 2011 التي أنهت الحكم الاستبدادي وأطلقت شرارة ما يعرف “بالربيع العربي” رغم تعهد سعيد بالتمسك بالحريات المكتسبة منذ نحو عشر سنوات.
ورغم تزايد المعارضة المطالبة بضرورة العودة للدستور فإن تشتت الأحزاب وانقسام النخبة السياسية بسبب الخلافات الأيديولوجية والسياسية جعل تحركاتها دون فاعلية وجعلها عاجزة عن وقف تقدم سعيد صوب مشروعه السياسي الذي يهدف إلى تغيير دستور 2014.
فبينما احتشد بضعة آلاف من المحتجين بقيادة حراك (مواطنون ضد الانقلاب) الذي يشارك فيه معارضون مستقلون ونشطاء وأنصار حركة النهضة الإسلامية، اختارت جبهة معارضة ثانية الاحتجاج في مكان آخر في شارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة.
وقررت تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية التي تضم (التيار الديمقراطي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والحزب الجمهوري) تنظيم وقفة احتجاجية منفصلة قبل أن تنسحب بدعوى أن قوات الأمن منعتها من الوصول إلى شارع الحبيب بورقيبة، وترفض أحزاب عديدة من بينها تنسيقية الجبهة الديمقراطية التنسيق مع حزب حركة النهضة الإسلامي صاحب الأغلبية في البرلمان الذي علقت أعماله بعدما حملته مسؤولية الأزمة السياسية.
ويقول المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي “ما يلاحظ بأن المعارضين لقيس سعيد والرافضين للإجراءات التي أعلن عنها يتسعون ويتعددون من حيث الاتجاهات والمواقع وتتسع رقعتهم لكن ما تزال فسيفساء هذه المعارضة تعاني من التشتت”.
لكن الجورشي يرى أن نبرة الخلاف السياسي والأيديولوجي بدأت تتراجع في الفترة الأخيرة، وبرر ذلك قائلا “نلاحظ أن النشطاء السياسيين الذين قرروا الدخول في إضراب عن الطعام متنوعون في مستوى انتماءاتهم ومساراتهم السياسية”.
وقال الجورشي “في الفترة الأخيرة بدأ التفكير في ضرورة أن تلتقي هذه الأطراف والأحزاب والشخصيات حول رؤية مشتركة لإحداث تغيير نوعي في مستوى موازين القوى السياسية”، وأردف قائلا “هناك تفكير نحو تجاوز الحاجز الأيديولوجي لمعظم الأطراف وبناء جبهة معارضة قوية”.
دعوة لتوحيد الصفوف
بدأت بالفعل أصوات تدعو لتجاوز الخلافات وتوحيد الجهود للوقوف ضد ما وصفوه بانقلاب قيس سعيد على المسار الديمقراطي.
وقال الرئيس التونسي السابق محمد منصف المرزوقي في صفحته على فيسبوك “يجب على الطبقة السياسية أن تتوحد لأن اليوم هناك خطر وراء خطر”.
ال
وأضاف المرزوقي “يجب أن تتوحد القوى السياسية على أساس أنه لا يوجد بديل غير العودة للشرعية وتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية سابقة لأوانها في ظل الدستور والشرعية”، وفي الأسبوع الماضي، قضت محكمة تونسية غيابيا بسجن المرزوقي لمدة أربع سنوات بعدما أدانته بتهمة “التآمر على أمن الدولة الخارجي”.
وينفي سعيد الانقلاب على الدستور ويقول إن الإجراءات التي اتخذها كانت ضرورية لإنهاء الشلل الحكومي بعد سنوات من الخلافات السياسية والركود الاقتصادي، ووعد بدعم الحقوق والحريات التي تحققت في ثورة 2011 التي جلبت الديمقراطية.
وقال الجورشي “أعتقد أن الرئيس سيبقى متمسكا بمواقفه مهما كانت حدة المعارضة لكن إذا اتفقت هذه المعارضة وشكلت نوعا من أنواع الجبهة السياسية لحماية المسار الديمقراطي وحماية الدستور فإن وضعا سياسيا جديدا ستفرزه هذه التطورات”.
وأضاف “عندها سيجد الرئيس نفسه معزولا أكثر من أي فترة مضت وربما تكون ايقاعات هذه الجبهة مؤثرة على التغييرات التي يمكن أن تحصل في الخط السياسي لرئيس الجمهورية”.