مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

المليشيات الإيرانية تحدث تغييرات ديموغرافية شيعية في سوريا

نشر
الأمصار

بدأت المليشيات الإيرانية المسيطرة على مناطق في سوريا، بنقل عائلات أفغانية لمقاتلين مرتزقة موالين لها، إلى مناطق تدمر والسيدة زينب جنوب محافظة دمشق بداية منذ مطلع هذا الشهر، فيما يبدو محاولة لتغيير ديموغرافي في المنطقة.

وذكرت مصادر محلية سورية أن أعدادًا كبيرة من عائلات مقاتلين أفغان موالين لإيران نقلوا في شكل دفعات متتالية، وصلت إلى 200 عائلة غالبيتهم من الافغان عن طريق إيران مرورا بالعراق وحتى سوريا.

وأضافت أن تلك العملية تأتي بعد سيطرة حركة طالبان على أفغانستان لتهاجر عائلات المقاتلين إلى سوريا حيث أقربائهم وأبناءهم يعملون كمقاتلين وقادة في صفوف المليشيات الإيرانية، المتواجدة في مناطق متفرقة من سوريا.

وسبق للإيرانيين أن سيطروا على مناطق أخرى جغرافية في سورية بتلك الكيفية، من خلال جلب المئات من عائلات مقاتلين مرتزقة يعملون لصالحها، خاصة في المناطق الاستراتيجية من سوريا، وتلك العائلات كلها من الطائفة الشيعية.

إيران
سوريا وايران

التغيير الديموغرافي بين زمنين

وبالعودة إلى عملية التغيير الديموغرافي، يمكن القول إنها ليست جديدة. وقد بدأت مع مجيء بشار الأسد إلى السلطة عام 2000، والأهم فيها قيام الإيرانيين بشراء أراضٍ وعقارات واستئجار أخرى بالقرب مما يصفونه بـ«المزارات الشيعية» المعروفة، مثل مقام السيدة زينب جنوب دمشق، أو تلك التي «اكتشفوها» في مناطق متعددة من الأراضي السورية، ومنها مقام السيدة رقية بنت الحسين في دمشق القديمة، ومقام أويس القرني في الرقة، ومقام النبي هابيل في ريف دمشق الغربي على طريق دمشق/ الزبداني. وعبر بوابة المزارات، أخذت تظهر ملامح شيعية إيرانية في مناطق سورية عدة عبر ثلاثة من المظاهر؛ أولها توسيع تلك المزارات وإعطاؤها طابعًا معماريًا ومذهبيًا خاصًا، والثاني افتتاح مكاتب وحوزات دينية للشيعية الإيرانية ومن يدور في فلكها، والثالث إقامة وتطوير بنية سكانية وأنشطة اقتصادية، ترتبط بتلك المزارات والقادمين إليها، وكان المثال الأوضح في دمشق، حيث تحولت مدينة السيدة زينب بأغلبيتها السنية إلى مدينة ذات أغلبية شيعية، وصار الوجود الشيعي ظاهرًا في محيط مقام السيدة رقية في منطقة العمارة بوسط دمشق القديمة.

إيران
التغيير الديموغرافي بين زمنين

ورغم استمرار هذا الخط بشكله الاجتماعي – الاقتصادي والثقافي، وبالتالي السياسي من عملية التغيير الديموغرافي، فقد خلق الصراع المسلح في سوريا خطًا آخر موازيًا من طبيعة أمنية عسكرية، والإشارة تتصل غالبًا، بما قام به «حزب الله» والنظام في الخط الممتد على الحدود السورية – اللبنانية في محافظتي حمص وريف دمشق الغربي. ومنذ بداية الصراع المسلح، عمل «حزب الله» والنظام على تدمير مدن وقرى هذا الخط بالهجوم على قصير حمص، وتهجير سكانها، واستيطان «حزب الله» بمسلحيه وعائلاتهم فيها، وبناء معسكر لتدريب الأطفال على القتال، وضمهم إلى قواته، وجرى اتباع المسار نفسه تقريبًا في التعامل مع مدينة يبرود، التي تحولت إلى قاعدة عسكرية وسكنية لـ«حزب الله» في القلمون الغربي، فيما كانت ميليشياته بمشاركة قوات النظام، توسع نشاطها غرب دمشق، وتحاصر مدنًا وقرى، منها الزبداني ومضايا، التي جرى في العام الماضي ترحيل أغلب سكانها قسريًا، مما مهد فعليًا لإحلال مستوطنين مكانهم باستقدام سكان من بطانة «حزب الله» ومؤيديه، وهو الأمر المنتظر في داريا، التي تم ترحيل من تبقى من سكانها أخيرًا.

إن عملية التغيير الديموغرافي بما تمثله من مسارات أغلبها دموي وله طابع الإكراه، ومن أهداف أبرزها دعم نظام الأسد وحليفه الإيراني وميليشياته، تمثل واحدة من أخطر جرائم الصراع السوري، بل إنها فتحت الباب واسعًا أمام قوى التطرف، وفي مقدمتها «داعش»، لممارسة هذه السياسة وتعميمها في أنحاء مختلفة من البلاد، مما جعل سوريا ميدانًا لتغيير ديموغرافي متسارع، إذا استمر الوضع على ما هو عليه، وتواصل الصراع المسلح لفترة أطول، الأمر الذي يتطلب تحركًا دوليًا لوقف عمليات التغيير الديموغرافي ومحاسبة المجرمين القائمين عليه وفق مضامين القانون الدولي والإنساني.