مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

انتخابات الصومال في 2021.. ما بين صراعات سياسية على السلطة وتهديدات أمنية

نشر
انتخابات الصومال
انتخابات الصومال

قال رئيس وزراء الصومال محمد حسين روبلى، أمس السبت، إن إجراء الانتخابات الرئاسية هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة في البلاد، مشيرًا إلى أنه أصدر تعليمات للأجهزة الأمنية بالحفاظ على الأمن.

وطلب روبلي من أعضاء اتحاد المرشحين للرئاسة مناقشة تسريع وشفافية إجراء الانتخابات في البلاد.

وكان من المتوقع إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية لتشكيل حكومة جديدة تحل محل إدارة الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو بعد 4 سنوات عجاف. 

ولكن شهدت الصومال على مدار العامين الماضيين العديد من الظروف والعقبات السياسية والاقتصادية والمعيشية التي زادت من معاناة الشعب الصومالي وحالت دون إجراء الانتخابات.

الحياة السياسية 

انتهت ولاية فرماجو في 8 فبراير/شباط الماضي دون التوصل إلى اتفاق بشأن الانتخابات، وتزامن ذلك مع فشل مفاوضات سياسية شاقة على مسار العملية الانتخابية استمرت 8 أشهر من يونيو/ حزيران 2020 حتى فبراير المنقضي، قبل أن تسارع المعارضة الصومالية و”اتحاد مرشحي الرئاسة”، وولايتا جوبالاند وبونتلاند بإعلان عدم اعترافها به رئيسا شرعيا بانقضاء ولايته الدستورية.

دخل الصومال مرحلة صعبة وتفاقمت المخاوف من الانزلاق نحو حرب أهلية، حيث هاجمت قوات فرماجو مقار المرشحين وأطلقت الرصاص على مظاهرات سلمية نظمتها وشاركت فيها قيادات من المعارضة، وخاصة من “اتحاد مرشحي الرئاسة” المعارض، ما دفعهم إلى البحث عن بدائل وتأمين أنفسهم ودفع البلاد نحو مسار انتخابي يحظى بتوافق كافة الأطراف السياسية.

مجلس الإنقاذ الوطني
مجلس الإنقاذ الوطني

مجلس الإنقاذ الوطني

وفي 18 مارس/ آذار الماضي، أسس كل من ولايتي جوبلاند وبونتلاند و”اتحاد مرشحي الرئاسة” تكتلًا معارضًا أطلق عليه اسم “مجلس الإنقاذ الوطني”، يستهدف تحقيق 4 نقاط رئيسية؛ أولها فتح المشهد السياسي ولجم تهديدات فرماجو باستخدام السلاح ضد خصومه السياسيين.

وثانيًا، استبعاد فرماجو من مسار العملية الانتخابية وتسليم مسؤولية الاقتراع إلى رئيس الوزراء، وثالثًا دفع البلاد نحو نموذج انتخابي معقول ومقبول لدى كل الأطراف، ورابعًا إفشال محاولات التمديد لفرماجو.

نجح الإنقاذ في تحقيق جميع أهدافه، حيث أفشل التمديد لفرماجو عبر البرلمان لمدة عامين، واستلم رئيس الوزراء محمد حسين روبلي مسؤولية الانتخابات وأمن البلاد مطلع مايو/ أيار الماضي بعد فقدان فرماجو شرعيته الدستورية، كمطلب رئيسي للمعارضة

وفي 27 مايو/ أيار من العام نفسه، توصل قادة الصومال إلى اتفاق تاريخي حول الانتخابات، أنهى أبرز قضايا الخلافات بقيادة  روبلي مع رؤساء الولايات دون مشاركة فرماجو.

فشل مستمر 

عقب اتفاق الانتخابات الشامل لكل الأطراف، فشلت أكثر من ثلاث جداول لإجراء الاقتراع، وشهد المسار تعثرات سببها خلافات غير علنية بين قادة الصومال، قادت نحو فشل إجراء الاقتراع الرئاسي مرتين في فبراير/ شباط وأكتوبر/ تشرين أول الماضيين، في تعثر لا يزال مستمرًا حتى اليوم.

في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري انطلقت الانتخابات التشريعية في مقديشو بانتخاب مقاعد من الأقاليم الشمالية، 8 مقاعد حتى الآن، تلتها ولايتا غلمدغ وجنوب غرب الصومال 5 و3 على الترتيب، ويصل مجموع المقاعد المنتخبة حتى الآن إلى 16 عضوا من أصل 275 يتكون منهم المجلس.

لكن انتخابات المقاعد الـ16 طالتها احتجاجات سياسية من جانب مرشحي الرئاسة وعشائرية تؤكد عدم النزاهة.

وقالت لجنة الانتخابات الفيدرالية العامة إنها تنوي استكمال الانتخابات، بينما تدفع الأطراف المهتمة بالاقتراع من المعارضة الصومالية والمجتمع الدولي وأيضا رئيس الوزراء روبلي نحو هذا الاتجاه، لكن تلكؤ رؤساء الولايات وتصاعد الاحتجاجات السياسية والعشائرية على خلفية نزاهة المسار، يفاقمان تعثر المسار.

ترجع أسباب تعثر مسار الانتخابات لعام كامل إلى جملة من المصالح المتضاربة والمتقاطعة بين الأطراف الفاعلة وغير الفاعلة في مراكز صنع القرار ممن يسيطرون الآن على السلطة، ولا يرون في استكمال المسار ما يخدم مصالحهم، وذلك لأسباب عديدة.

أول تلك الأسباب غياب الرغبة من فاعلين رسميين لديهم مصالح متقاطعة من استمرارهم لأطول فترة في السلطة أو اختطاف الانتخابات من أجل العودة إلى الواجهة لفترة جديدة.

أما السبب الثاني فيهم الشروط التي وضعها المجتمع الدولي لتمويل عملية الانتخابات، منها الدفع على شكل أقساط، وحماية نزاهة المسار وحصة المرأة 30% في الانتخابات التشريعية، وإظهار رغبة كبيرة لدفع الاقتراع إلى الأمام وإيداع الرسوم التي يدفعها المرشحون في خزينة الدولة.

بالإضافة إلى عرقلة فرماجو المستمرة للمسار عبر حلفائه، وغياب أساليب ردع رؤساء الولايات، على الرغم من أن فرماجو فشل في قيادة وخلق توافق سياسي حول مسار الانتخابات، ما أدى إلى عدم مشاركته بالمفاوضات السياسية التي قادها روبلي وتكللت بنجاح توج اتفاق الانتخابات التاريخي في 27 مايو/ أيار الماضي.

الإرهاب وتهديد الأمن 

استغلت حركة “الشباب” الإرهابية الخلاف بين الساسة، وانشغال السلطات المحلية، وعملت على تهديد أمن البلاد من أجل إعاقة الانتخابات وإراقة مزيد من دماء الأبرياء.

فموخرًا صعدت الحركة أنشطتها الإرهابية، وقصفت قواعد القوات الصومالية والأفريقية، وشنت هجمات مباشرة، في تنويع لمصادر خطورتها وتهديداتها الأمنية، إضافة إلى بسط مناطق نفوذها.

وعلى الرغم من أن التنظيم الإرهابي ينشط في مناطق واسعة من جنوب ووسط البلاد، إلا أن تركيزه يبدو أكبر على ولاية غلمدغ وسط الصومال، نظرًا لأنها منطقة صراع ملتهبة؛ تارة بين العشائر ، وأخرى بين الإدارة المحلية،  وتنظيم “جماعة أهل السنة والجماعة”؛ الذي عاد بقوة منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ويرجع خبراء الأمن أسباب تصاعد النشاط الإرهابي هذا العام، وتحديدًا في ولاية غلمدغ، إلى عدة أسباب. 

ومنها أن حركة الشباب تستهدف بالدرجة الأولى استعادة المناطق التي خسرتها خلال عملية عسكرية واسعة شنها الجيش الصومالي في غلمدغ خلال شهري يونيو/ حزيران، ويوليو/ تموز الماضيين.

وهناك سبب آخر وراء هذه الهجمات الإرهابية الشرسة، وهو أن حركة الشباب ترى في عودة تنظيم أهل السنة والجماعة التي تقاتل سلطات ولاية غلمدغ فرصة قوية لاستثمارها.

فيما يرى محللون أن انشغال قيادات السلطات الأمنية على المستويين الفيدرالي، والإقليمي في ظروف المرحلة الانتقالية يعد سببًا رئيسيًا في الانفلات الأمني، الذي تشهده الصومال وسط تزايد هجمات الشباب الإرهابية.

 

المجاعة
المجاعة في الصومال

مجاعة في الصومال

وأثر التهديد الأمني وعدم استقرار الحياة السياسية في البلاد على الشعب الصومالي، إذ أنه مع بداية عام 2022 سيحتاج  4.6 مليون شخص إلى مساعدات غذائية، حيث تشهد البلاد شحًا في الأمطار لثلاثة مواسم متتالية، الأمر الذى لم يحدث منذ 30 عاماً.

وبحسب الأمم المتحدة، فقد دفع نقص الغذاء والمياه والمراعي بالفعل 169 ألف شخص إلى مغادرة منازلهم، وقد يصل العدد إلى 1.4 مليون فى غضون 6 أشهر.

وقال آدم عبد المولى، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فى الصومال: «قد نواجه كارثة غير مسبوقة»، وتوقع تعرض 300 ألف طفل دون سن الخامسة لسوء تغذية حاد في الأشهر المقبلة، وأضاف: إنهم يتعرضون للوفاة إذا لم نساعدهم بسرعة، وناشدت الأمم المتحدة تقديم تبرعات بقيمة 1.5 مليار دولار لتمويل الاستجابة للأزمة. وتقول الأمم المتحدة إن نحو 7.7 مليون شخص، أي ما يعادل نصف سكان الصومال، سيحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية في عام 2022، بزيادة 30% عن العام الجاري.

ويعيش 7 من كل 10 صوماليين تحت خط الفقر، فيما أدى شح الأمطار إلى تعطيل المحاصيل بشدة وأثر أيضًا على المجتمعات التى تعتمد على تربية المواشي.

ويترافق ذلك مع تضخم مرتفع، وقالت وزيرة الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث الصومالية، خديجة ديرى، إن «الخطر كبير لدرجة أنه بدون مساعدات إنسانية فورية، سيموت أطفال ونساء ورجال جوعاً فى الصومال». 

وفى نوفمبر الماضى، أعلنت الحكومة الصومالية الجفاف، حالة طوارئ إنسانية، وضرب الجفاف والفيضانات فى الفترة الأخيرة كينيا وجنوب السودان، ما أسفر عن نفوق قطعان وتدمير المراعى والمحاصيل.

وكان تقرير لمنظمة «فاو» قال إن أكثر الدول تضررا من أزمة نقص الغذاء هى الصومال، حيث يعانى 59.5% من السكان من الجوع، بينما تواجه الحكومة الهشة في الصومال تمرد حركة شباب المجاهدين الصومالية المتطرفة منذ عام 2017.